كثيرا ما قرأنا عن الزيارات المفاجئة لمعالي الدكتور غازي القصيبي عندما كان وزيراً للصحة، فقد أثمرت تلك الزيارات في مواقع العمل إلى تطور الخدمة المقدمة في مرافق الوزارة يقول الدكتور غازي عن ذلك في كتابه (حياة في الإدارة): (خلال فترة عملي تبلورت ملامح أسلوبي في الإدارة، هذا الأسلوب الذي نستطيع في غياب تعبير أفضل، أن نسميه الأسلوب الهجومي. أبادر فأقول إنني لا أقصد بهذا الوصف أن الأسلوب الآخر الشائع بين الإداريين والذي يمكن أن نسميه الأسلوب الدفاعي. ويقول الدكتور القصيبي عن الفرق بين الأسلوب الدفاعي والهجومي: (الإداري الهجومي لا ينتظر القرارات بل يستبقها، والإداري الدفاعي يحاول أن يبتعد عن اتخاذها. الهجومي لا ينتظر حتى تضخم المشاكل، أما الدفاعي فلا يتعامل مع أي مشكلة إلا بعد أن تتخذ حجماً يستحيل معه تجاهلها، الهجومي لا يدير المؤسسة من مكتبه ويحرص على أن يكون في الموقع أكبر وقت ممكن، أما الدفاعي فلا يغادر مكتبه إلا في المحن والأزمات. الهجومي يعتبر نفسه مسؤولاً عن تطوير الجهاز وإصلاحه، أما الدفاعي فلا يرى لنفسه مهمة تتجاوز الإدارة اليومية. الهجومي لا يخشى أن يكون موضع جدل، أما الدفاعي فيتجنب كل ما يثير الجدل. الهجومي ينفق كل الاعتمادات ويطالب بالمزيد، أما الدفاعي فيستوي عنده الإنفاق والتوفير. الهجومي لا يسمح للمعارضة أن تثنيه عن موقفه، أما الدفاعي فيتراجع عند اصطدامه بأول جدار. لعل الفارق الكبير (أن الهجومي لا يهمه أن يخسر وظيفته أما الدفاعي فكل شيء يهون لديه في سبيل البقاء في موقعه. لا أريد أن يفهم أحد أن الأسلوب الهجومي هو بالضرورة أفضل من الأسلوب الدفاعي. هناك مؤسسات لا يمكن أن تدار بأسلوب هجومي كوزارات المالية والخارجية والتخطيط وأجهزة المراقبة ومؤسسات ينعشها الأسلوب الهجومي كوزارات الخدمات بصفة عامة). من يجيدون العمل ومن يجيدون الحديث!! من السهل الحديث والتنظير في المجال الإداري، وكثير ممن تسلقوا السلم الإداري كانوا قادرين على النفاذ إلى قلوب وعقول الآخرين بحديثهم وآرائهم وتصوراتهم التي لا تتعدى الكلمات المنمقة التي تشعر الآخرين بانطباعات جيدة تؤثر فيهم. وفي المقابل تجد أن هناك من يعملون خلف الكواليس ويبدعون ورغم ذلك لا يحظون ولو بالقليل مما يحظى به ممن اعتادوا إلى تلميع إنجازاتهم ومحاولة الاحتكاك بالمسؤولين في الجهاز الحكومي بمناسبة وبدون مناسبة. هؤلاء النوعية من الموظفين أو الإداريين الذين استغلوا كل الفرص في تلميع أنفسهم يكيفون مواقفهم واتجاهاتهم حسب مصالحهم حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بالآخرين أو بإنجازاتهم. أما منافسات العمل الإداري مليئة بهؤلاء ومليئة أيضاً بمن يعملون خلف الكواليس بكل إخلاص.. ولكن للأسف الشديد الفئة الأولى كثيراً ما تكسب!!
|