انتهز يهودا اولمرت نائب شارون فرصة وجوده مع الرئيس الفلسطيني في القمة الأوروبية المتوسطية ليطلب منه مجدداً نزع سلاح فصائل فلسطينية تعتبرها إسرائيل إرهابية متجاهلة هي ذاتها - إسرائيل - إرهاب الدولة الذي تمارسه صباح مساء. ويعرف الإسرائيليون الرد الفلسطيني الرافض لهذا الطلب، ومع ذلك فهم لا يزالون يلحون أملاً في تغيير المواقف الفلسطينية من خلال إيحاءات إسرائيلية وأخرى خارجية تتضمن تهديدات صريحة ومبطنة. ويرى الفلسطينيون الرسميون ومنهم الرئيس محمود عباس أن مثل هذا الطلب هو بمثابة دفع الفلسطينيين إلى محاربة بعضهم البعض، وكان قال مرة أخرى إنهم يطلبون منا أن نشعل حرباً أهلية. وعلى الرغم من تحفظات عباس تجاه سياسات بعض الفصائل فإن تلك التحفظات لا تعني تجاوز الثوابت الفلسطينية من أجل إرضاء إسرائيل التي ينبغي نزع سلاحها أولاً وقبل كل شيء، فهي التي تقتل دون أن يطرف لها رمش في كل يوم، بل إنها تبدأ يومها باعتداءات واقتحامات لمدن الضفة وبلدات غزة قبل الانسحاب منها قبل ثلاثة أشهر. وتحاول إسرائيل تحوير كامل القضية الفلسطينية من خلال إسقاط المطالب المشروعة وبالتالي إسقاط حق الفلسطينيين في التصدي للاحتلال، وهو حق تكفله لهم القوانين والأعراف الدولية، ومن ثم فهي تضع نفسها في موقع الضحية بينما الآخرون يستهدفونها، ووفقاً لهذا المنطق المعكوس فهي تطالب بتجريد هؤلاء الذين يستهدفونها من السلاح. وتجد إسرائيل من يدعم دعاويها هذه ويشجعها على هذه التشوهات التي تدفع بها تجاه قضية عادلة مثل القضية الفلسطينية، ومثل هذا التأييد هو الذي يزيد من تعقيد الوضع بتكريس نصرة الظالم على المظلوم وبالتالي إفساح المجال أمام تداعيات العنف والمواجهات المسلحة والاشتباكات، وكل ذلك يؤدي إلى طمس معالم التسوية السلمية. وينبغي على إسرائيل بدلاً من طلب نزع السلاح، أن تسعى هي ذاتها إلى إنهاء الأسباب التي تدفع الآخرين إلى حمل السلاح، وهي تستطيع أن تكون في الموقع السليم إذا اختارت التجاوب مع مقتضيات السلام الحقيقي والعادل، وأن تمهد لهذا الأمر من خلال الكف عن استهداف المواطنين الفلسطينيين وهدم منازلهم وتجريف مزارعهم. وإلا فعليها أن تدرك جيداً أن لا شيء يمكن أن يحد من اندفاعة المقاومة لمحاربتها إن هي اختارت ذلك، كما ينبغي أن تدرك أن أكثر من خمسين عاماً لم تفلح في كسر شوكة هذه المقاومة.
|