ألقت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقرير مثير لها الضوء على جريمة جديدة لقوات الاحتلال البريطانية المتحالفة مع الاحتلال الأمريكي في العراق. تحدثت الصحيفة البريطانية في تقريرها الذي حمل عناوين (التركة البريطانية المميتة: القنابل العنقودية) عن استخدام القوات البريطانية للقنابل العنقودية في قصف الأهداف العراقية محظورة أثناء الغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003. وأشارت الإندبندنت إلى أن الغضب الشديد الذي يواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزارة الدفاع من جانب منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بسبب استخدام هذا النوع من القنابل المحرمة دولياً. فالقنبلة العنقودية عبارة عن قذيفة واحدة تحتوي على عدد كبير من القنابل الصغيرة التي لا ينفجر أغلبها لحظة القصف لتتحول إلى فخاخ منصوبة للأبرياء من العراقيين الذي يوقعهم حظهم العاثر فيها بعد أن تصمت المدافع ويتصور المدنيون الأبرياء أنهم أصبحوا آمنين ويمكنهم التحرك بدون خوف في المناطق التي كانت في وقت من الأوقات هدفاً للقصف. وقالت الصحيفة البريطانية: إن آلافاً من تلك القنابل تحولت إلى تركة ثقيلة وشريرة للبريطانيين الذين يتحدثون باستمرار عن نجاحهم في تجنيب المدنيين العراقيين نيرانهم. وقالت الصحيفة: إن الآلاف من تلك القنابل سوف تظل خطراً جاثماً على صدر العراقيين لسنوات عديدة مقبلة وعلى بريطانيا أن تتحمل المسئولية القانونية والأخلاقية لتلك الجريمة من خلال العمل على فحص المناطق التي استهدفت بالقصف بتلك القنابل والعمل على تطهيرها كما يحدث في حقول الألغام لإنقاذ أرواح آلاف المدنيين العراقيين الذين قد يسقطون ضحايا لتلك القنابل التي لم تنفجر بعد. وفجرت الصحيفة فضيحة أكبر بالنسبة للحكومة البريطانية عندما قالت: إن صندوق إحياء ذكرى الأميرة ديانا أميرة ويلز الراحلة المعني بمكافحة الألغام الأرضية في العالم أكد أن المسئولين البريطانيين فشلوا في جمع البيانات الميدانية اللازمة لمعرفة معدل انفجار القنابل العنقودية وبالتالي معرفة عدد القنابل التي لم تنفجر. كما أن هؤلاء المسئولين لم يبذلوا أي جهد يذكر من أجل تقدير الخسائر البشرية في صفوف المدنيين نتيجة استخدام مثل هذا النوع من الأسلحة المثيرة للجدل. ونقلت الإندبندت عن مايكل مرو مسئول الشؤون العسكرية من الديموقراطيين الأحرار المعارض في بريطانيا القول: إن (هذا التقرير يثير العديد من القضايا شديدة الخطورة. فمن الواضح أنه لا توجد معلومات كافية بشأن هذا السلاح وسوف أطالب وزارة الدفاع بتقديم إجابات مفصلة عمّا أثاره التقرير من أسئلة). وأضاف أنه ومن الواضح أن التداعيات العسكرية للغزو الأمريكي البريطاني للعراق ستكون كارثية بالنسبة للعراقيين حتى بعد رحيل المحتلين. أما جيرمي كوربين عضو مجلس العموم (البرلمان) البريطاني عند حزب العمال الذي يتزعمه توني بلير فقال لصحيفة الإندبندنت: إنه سوف يثير هذه القضية في مجلس العموم وقال: إن هذه القضية تثير قلقه بنفس القدّر الذي تثير قلق نواب المعارضة. فالقنابل التي لم تنفجر مبعثرة في الحقول والمناطق السكنية لتتحول إلى ألغام تحصد أرواح الأبرياء. واستشهدت الصحيفة على خطورة استخدام القنابل العنقودية بتقرير لجنة عمل الألغام الأرضية وهي منظمة غير حكومية معنية بالدعوة إلى حظر إنتاج واستخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد في المعارك، حيث أشار التقرير إلى أن عشرة في المائة من القنابل العنقودية لا تنفجر وأن القنابل التي ألقيت في مناطق صراع مثل إقليم كوسوفو مازالت تشكل تهديداً خطيراً لأرواح المدنيين رغم مرور سنوات على انتهاء الصراع في هذا الإقليم. وأضافت أن تقريراً حكومياً بريطانياً اعترف بأن معدل عدم انفجار القنابل العنقودية الملقاة من الجو وصل إلى مستوى غير مقبول محذراً من أن (اتخاذ قرار استخدام مثل هذه القنابل يتم دون التفكير جدياً في الآثار الخطيرة لمثل هذه الأسلحة) على المدنيين بعد انتهاء المعارك. وأنهت الصحيفة تقريرها المثير بشهادة سيمون كونواي القائم بأعمال مدير لجنة عمل الألغام الأرضية التي قال فيها: إن (القنابل العنقودية كانت مصممة في الأساس للاستخدام ضد أرتال المركبات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية). أما إذا استخدمت مثل هذا النوع من القنابل في معارك ضد قوات غير نظامية في مناطق مأهولة فإن الأمر يتحول إلى عمليات قتل عشوائي ضد المدنيين يجرمها القانون الدولي.
|