Saturday 3rd December,200512119العددالسبت 1 ,ذو القعدة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "زمان الجزيرة"

الأحد 22 رمضان 1392هـ - الموافق 29 أكتوبر 1972م - العدد (443)الأحد 22 رمضان 1392هـ - الموافق 29 أكتوبر 1972م - العدد (443)
بحيرة الأفلاج.. ماذا تعرف عنها..؟

* تحقيق - محمد الحمدان
لن أكتب عن بحيرة جنيف أو بحيرة لوزان وغيرهما من البحيرات الشهيرة في أوروبا، فتلك (بعيدة) عنَّا ولا تحتاج لكتابة أو إطراء، فهي جميلة حقاً ومستغلة أيَّما استغلال للنزهة والسياحة، وهي مع هذا ليست في متناول كل أحد فلن يزورها ويستمتع بمناظرها الخلاَّبة وتسليتها الجذابة سوى من تتوفر لديهم المادة.. أما (الأشقياء) أمثالي فليس أمامهم سوى قراءة ما يُكتب عن تلك البحيرات ومطالعة صورها (بحسرة).
أقول إنني لن أتكلم عن مثل هذه البحيرات، بل عن بحيرة هنا في بلادي.. نعم في وسط بلادي.. في الأفلاج.. أتدرون أين منطقة الأفلاج؟ إنها في الجنوب، في طريق وادي الدواسر في حوطة بني تميم بمسافة 140 كيلو متراً أي أنها تبعد عن الرياض بثلاثمائة وعشرين كيلو متراً بالتمام والكمال عبر طريق مسفلت، وليست عيوناً كما تُسمى وكما يتخيلها من لم يرها أو يظنها شبيهة بعيون الخرج.. إنها مجموعة بحيرات كبيرة وصغيرة عددها ثماني عشرة.
وسأتحدث فقط عن كبراهن التي يبلغ طولها كيلو وربع وعرضها يتراوح بين ستمائة متر ومستوى الماء أخفض من مستوى الأرض بمتر واحد فقط وعمقها غير معروف - إلا إذا كانت الأخت (سوغوريا) تعرفه - وتبعد البحيرة عن (ليلى) الأفلاج (وليست - ليلى - العراق) بحوالي خمسة كيلو مترات.
وقبل أن أبدأ في الحديث عنها أود أن أشير إلى أن الأستاذ عبد الله الماجد كتب عن هذه البحيرة قبل أشهر في الرياض بما لم أره ويظهر أنه أطلق عليها وصف عيون، ثم كتب في إحدى زواياه استكمالاً لكتابته السابقة واقترح استغلال ماء البحيرة في تربية الأسماك.
وما دامت الوزارة الجليلة تعتمد على آراء - تكون أحياناً - غير صحيحة تقول إن ماء البحيرات غير صالحة للزراعة بينما الواقع والمشاهد أنها تصلح لها.
والمؤسف أن هذه البحيرة بقيت كل هذه السنين الماضية دون استغلال زراعي أو سياحي وأخشى أن تبقى مدة أخرى ما دامت وزارة الزراعة لا تعرف عنها شيئا أو تعرفها ولم تحاول استغلالها، واكتفت بتكليف شركة (سوغوريا) لدراسة المنطقة منذ سنين عديدة وما زالت في دراستها وكل ما أخشاه أن تستمر في تلك (الدراسات) إلى يوم الحشر والنشور.
إنها خسارة كبرى أن تبقى بحيرات الأفلاج دون استغلال وكل يوم يمر نخسر فيه وقتاً من الواجب استغلاله.
ومما يزيد في الأسف والحزن هو أن موقع تلك البحيرات عال والأراضي الزراعية الواسعة جداً والواقعة شرق وشمال السيح كلها أكثر انخفاضاً من المكان الذي به البحيرات، أي أن الماء سيجري بدون أي مضخات والماء المنساب الآن عبر (السواقي) المنطلقة من البحيرات إلى نخيل السيح بدون مضخات يشهد بذلك، والساقي الكبير الذي حفره (النشمي) واختلف عليه الأهالي فأوقف.. يشهد بذلك أيضاً.
إنه شيء مؤسف حقاً ويحز في النفس أن ترى تلك المياه العظيمة والثروة الكبيرة ضائعة! وباقية على مر السنين دون فائدة، والناس والبلاد في حاجة إلى زراعة وإنتاج لنتمكن من الاكتفاء الذاتي أو بعضه.
وهناك ناحية أخرى يمكن استغلال البحيرة بها إلى جانب الاستغلال الزراعي ودون أن تؤثِّر عليه.. تلك هي تحويلها إلى منتزه وإصلاح جوانبها من قبل بلدية الأفلاج أو شركة أهلية أو أجنبية ووضع المراكب الصغيرة بها من جميع الأنواع سواء التي تدار بالآلة أو (المجداف) أو بالأقدام كما في بحيرات العالم مع تنظيم السباحة بها وتأمين الأدوات اللازمة لها.
وهذه البحيرة صالحة للسباحة (العوم)، وماؤها نظيف وصاف ويقصدها البعض الآن من مناطق بعيدة ليسبحوا ويتمتعوا بمنظرها الجميل وأمواجها التي تداعبها الرياح.
(وبلغني أيها - القارئ - السعيد) أن شركة انكاس لما كانت تعمل في طريق الجنوب عمدت إلى عدة (براميل) وربطتها مع بعض برباط (الزوجية) وهو اللحام!! وصفت فوقها ألواحاً وأنزلت هذا (العائم) في البحيرة فكان الناس من الشركة وغيرها يجلسون عليه وينطلق بهم متجولاً في أنحاء البحيرة ويصنعون الشاي والغداء على سطح الماء فتكون نزهة نادرة ومتعة (زينة) في وسط الصحراء، بل في قلب نجد.
ولكن - وما (أقسى) هذه الكلمة - بعد أن رحلت الشركة تضايق بعض القوم.. من هذا الاستمتاع والانبساط الذي يحصل لمواطنيهم.. تضايقوا من هذه العملية فهجموا عليها واحتدموا معها - مع البراميل طبعاً - في معركة ضارية استمرت (ست دقائق) وأسفرت عن إصابة فرقة البراميل بجروح بالغة نقلت على أثرها للمستشفى الموجود في قاع البحيرة إن كان لها قاع!!
وبعد.. فهل تحظى بحيرات الأفلاج بما تستحقه من عناية، أرجو أن يكون تشاؤمي في غير مكانه والله أعلم.
آثار الأفلاج
وبقرب هذه البحيرات آثار وبقايا قلاع ومنازل قديمة ويظهر إنها كانت مسرحاً لأمم خالية وأحسبها طسم وجديس وكنت قرأت عنها إلا أني نسيت ذلك لأني مشهور بالنسيان السريع ولعل أحداً من المختصين وعلى رأسهم الشيخان حمد الجاسر وعبد الله بن خميس يتحفنا بماضي تلك المنطقة ويلقى أضواء (ساطعة) على هذه الناحية.
وقصة حب قيس وليلى وقعت هناك على ما ذكره بعضهم، ولعل اسم ليلى قاعدة المنطقة جاء من اسم ليلى قيس.
قرى الأفلاج
وقرى الأفلاج كثيرة لأن المنطقة واسعة وبعض تلك القرى تقع داخل جبل (طويق) الأشم الذي يعرفه الشيخ عبد الله بن خميس جيداً - ومنها (الهدار) و(الأحمر) أو (الحمر) كما ينطقها البعض من الأهالي هناك وغيرها مما لم أزرها، وطرق تلك القرى صعبة جداً وبها رمال (تغاريز) وتبعد عن ليلى بحوالي 70 كيلو متراً غرباً وتحتاج إلى جهود وزارة المواصلات لتذليلها.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved