Sunday 4th December,200512120العددالأحد 2 ,ذو القعدة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "مقـالات"

الفضائيات .. ومتى تُحتَرم؟! الفضائيات .. ومتى تُحتَرم؟!
السيد خضر

وسائل الإعلام المختلفة - وبخاصة القنوات الفضائية - دورها هو العناية بنشر الحقيقة وتصوير الواقع، وبيان ما خفي عن الناس؛ وغاب عن عيونهم وآذانهم، محققة لمن يتابعها المعرفة المفيدة والمتعة البريئة..
و لكنك.. إذا ما جلست أمام الفضائيات العربية الكثيرة والمتعددة والمتنوعة، كوسيلة من وسائل الإعلام العربي تشعر بمرارة وحسرة، ولولا رحمة الله بك واعتدال القليل منها لقتلك الغيظ؛ فترى كلَّ قناة تحاول لاهثة وبكل ما تملك جذب المشاهدين إليها وبوسائل شتى..، بداية من المذيعات وخلاعة الكثيرات منهن، ومروراً بمعظم فقرات البرامج والتي لا تخلو أبداً من الرقص أو الغناء أو كليهما، والتي تحولت بها هذه القنوات إلى (كباريهات) على الهواء تُلهي أبناءنا وبناتنا عن كل ما هو نافع ومفيد، وتحشو عقولهم بما ليس في ديننا أو عاداتنا وتقاليدنا..
لا شك أن هناك من بين هذه القنوات ما هو جدير بالاحترام، ولكنه (قليل من كثير).. ولعلك معي في أن النفوس يستهويها البحث عن الشهوات، ويزين لها شيطانها كل ما حُرِّم عليها..
تتنافس أغلب قنواتنا في كشف المستور (ليس طبعاً المستور من مخططات أعدائنا لنا، أو ما أعددناه من إستراتيجيات لمواجهة مشكلاتنا التي تتراكم يوماً بعد يوم إسلامياً وعربياً، أو مواجهة المقصرين بأخطائهم أو نواحي تقصيرهم لإصلاحها قبل فوات الأوان، وقبل البكاء على اللبن المسكوب أو... أو...)، بل تتنافس تلك الفضائيات في كشف المستور من أجساد البنات والنساء ليل نهار؛ وتتنافس في قتل كل فضيلة موروثة يجب الاعتزاز بها، وذلك بحجة التجديد والعصرنة، والجري وراء كل غُرابٍ غربي ناعق، وليس هناك من هدف لفعل ذلك إلا الربح المادي، وهو بَخْسٌ مهما بلغ حجمه ومقداره !!
البرامج الحوارية في كثير من هذه الفضائيات يدور أغلبها إما حول شخصيات دورها محدود في المجتمع، وذلك لتلميعها، أو من باب تسليط الضوء على الفراغ لملء وقت الفراغ، وإما حول أناس تركوا مناصبهم أو ماتوا وصاروا من أهل القبور، لا حول لهم و لا قوة، فتسلِّط هذه البرامج ألسنة مقدِّميها ومن يتحاورون معهم لنبش أجساد هؤلاء الموتى ونشر مساوئهم؛ مظنة منهم أن ذلك يُعجب الجمهور ويشفي غليله من ذلك الذي رحل دون محاسبة على أخطائه!!.
مثل هذه البرامج.. لماذا لا تتناول مشكلات قائمة وقضايا شائكة يعاني منها المواطن العربي الآن؟! لماذا لا تتحسَّس مثل هذه الفضائيات نبض الشارع العربي بمختلف أطيافه وتوجهاته، لنقل وجهات النظر التي تتردد فيه وخاصة بين الشباب.. لماذا ننتظر إلى أن يموت المسؤول ثم ننبش عليه قبره، ونأكل لحمه ميتاً بتلك البرامج التي لا تجلب لنا إلا الفُرقة، ولا تزرع في أرضنا إلا العداوة، ولا تولِّد فينا إلا مزيداً من الإحباط، بل إنها لتشتِّت أفكارنا وأفكار أبنائنا بعيداً عما يجب الانتباه إليه، وهو في رأيي كثير وخطير.
بينما إذا ما تابعنا الإعلام الغربي - بغض النظر عن أخلاقيات الغرب فهي تخصهم - رأيناه يهتم بالواقع الاجتماعي الغربي، فيتناول قضايا واقعية أو يتركَّز حول ظاهرة ما فيُشبعها دراسة وتحليلاً ليرى وجهتي النظر( المؤيدة والمعارضة) حول هذه الظاهرة أو تلك؛ فترى وتسمع عن أبحاث ودراسات واستطلاعات كلها تدور حول واقع المجتمع وهمومه، وتحاول حلَّ قضاياه ومشكلاته، حتى تلك الدراسات والاستطلاعات التي تُجرى حول المجتمعات الأخرى يكون الهدف منها صالح مجتمعات الغرب؛ لاستخدامها فيما يفيدهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وفيما يحقِّق طموحاتهم المستقبلية في العالم من حولهم..
ومن هنا.. صار الغربي يفخر بإعلامه؛ لأنه يعبِّر عن آماله وآلامه، ويدافع عن قضاياه، كلُّ همِّه قضايا الفرد، ومشكلات المجموع؛ فتراه يُقيم الدنيا ولا يُقعدها إذا ما تعرَّض فرد غربي لسوء معاملة - ولو بسيطاً - داخل بلاده أو خارجها؛ مما يجعله يمشي وهو يشعر بالعزَّة أينما كان.
من أجل ذلك وثق معظم الغربيين بإعلامهم، وصاروا يصدِّقونُه في كلِّ ما يصدر عنه، ويؤيدون كلَّ ما يُنشر فيه، حتى وإن تحامل هذا الإعلام على الآخرين بالكذب حيناً وبالافتراء أحياناً أخرى- ومثال ذلك تلك الحملات الإعلامية الغربية الشعواء على الإسلام و العرب والمسلمين- مادام يصبُّ في مصلحتهم!!
نحن أيضاً.. نريد أن نفخر بإعلامنا و فضائياتنا، ولكن متى يحدث ذلك؟!!
لا أظن حدوثه إلا إذا صار هذا الإعلام عيناً مفتوحة وصادقة تنقل لولاة الأمر همومنا وأحلامنا، وليس بابَ شرٍّ يصبُّ علينا كلَّ ما فيه شقاؤنا!!

الرياض 11411 - ص ب 354

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved