Friday 16th December,200512132العددالجمعة 14 ,ذو القعدة 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "أفاق اسلامية"

د. حمود الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم يؤكد لـ(الجزيرة ): د. حمود الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم يؤكد لـ(الجزيرة ):
الفضائيات لعبت دوراً خطيراً في تفشي ظاهرة الطلاق

* بريدة - خاص بـ(الجزيرة):
حذر أكاديمي سعودي من انتشار ظاهرة الطلاق بشكل ملحوظ في المجتمع المسلم بعامة وفي المجتمع السعودي بخاصة, وأن الإحصاءات لا زالت تترى والأرقام تتوالى معلنة ارتفاع نسبتها عن الأعوام الماضية بشكل مخيف.
وأرجع الدكتور حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم - في حديث ل(الجزيرة) ذلك إلى كثرة معاصي وذنوب الفرد المسلم, يقول الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}. واصفا الطلاق بأنه مصيبة ونهاية مؤسفة وحادثة صعبة يهدم البيت ويشتت الأسرة ويؤزم العلاقات الاجتماعية, ويقطع ما أمر الله به أن يوصل في غالب الأحيان.
وأكد الدكتور الحربي أن الطلاق أصعب قرار يتخذه الإنسان في حياته الزوجية, وهو يصيب كبد الرجل في عقله وقلبه وجيبه, لأنه خروج طواعية من أنس الصحبة وسكينة الدار ورحابة الاستقرار إلى الهم والغم والقلق والاكتئاب في الغالب, وهو القرار الصعب اجتماعيا, حيث أثبتت الدراسات أن تسعين في المائة من رواد دور الأحداث من أبناء بيوت وقع فيها انفصال بين الأب والأم, مشيرا إلى الدراسة التي أجرتها وزارة التخطيط على المجتمع السعودي أثبتت أن هناك زيادة في نسبة الطلاق عن الأعوام الماضية بواقع (20%), كما أثبتت دراسة أخرى لمركز الأمير سلمان الاجتماعي أن هناك سبعين ألف عقد زواج تمت كتابتها في عام واحد مقابل ثلاثة عشر ألف صك تم إصدارها, كما تم في مدينة الرياض التي يسكنها أكثر من أربعة ملايين نسمة وخلال عام واحد عقد ثمانية آلاف وستمائة عقد نكاح, مقابل ثلاثة آلاف صك طلاق.
الدراسة العلمية
وأهاب فضيلته بالعلماء وطلبة العلم والدعاة وأساتذة علم الاجتماع في الجامعات والكليات والباحثين المتخصصين في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تناول هذه الظاهرة بالدراسة والتحليل وطرحه بأساليب مختلفة وفي أوقات متتابعة وفي مواقع متعددة.
وقال الدكتور الحربي: إن استبيانا عن الطلاق أسبابه وآثاره قامت به مجموعة من طلبة العلم وأشرف عليه نخبة من أساتذة علم الاجتماع في إحدى الجامعات وأجابت عليه أكثر من مائة مطلقة, أوضح أن ثمانين بالمائة منهن أجبن بأن الإخفاق في اختيار الزوج الكفء من ناحية الدين والأخلاق إلى جانب تسرعها وعائلتها في اتخاذ قرار كهذا, مشيرا إلى أن ستا وعشرين في المائة من النساء اللاتي أجري عليهن الاستبيان السابق أجبن بأن عدم رؤية المخطوبة سبب قوي من أسباب الطلاق, ومنها إكراه أحد الزوجين على الآخر, وكذلك هناك الضغوط الاجتماعية, والعادات القبلية, والموروثات العشائرية, يكره الشاب على فتاة حجر عليها من قبل والديها, لتكون زوجة لابن عمها فتخضع لسلطة القبيلة فترة بسيطة ثم تعلن رفضها لهذا الزوج بأسلوب أو بآخر.
خلل في الزواج
واستطرد د. حمود الحربي - في السياق نفسه - يقول: إن من أسباب الطلاق أيضا سوء خلق الزوج كأن يكون بذيء اللسان, شتاما, لعانا, ضرابا, وعدم التكافؤ بين الزوجين, والغيرة المفرطة المذمومة, والخيانات الزوجية من قبل الزوج أو الزوجة, والغضب, وتدخل الأهل والأقارب في حياة الزوجين أهله أم أهلها, وجهل الزوج بطبيعة المرأة وخلقها, وعمل المرأة ووظيفتها, والثورة التقنية, التي أظهرت القنوات التلفازية الفضائية والتي لعبت دورا خطيرا في فشو حالات الطلاق في مجتمعنا, ودخول خدمة شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) التي اختصرت المسافات بين الأمم والشعوب فقربت البعيد وسهلت الصعاب وكسرت حاجز الممنوع.
السهر والمخدرات
ومن الأسباب أيضا انشغال الزوج عن الزوجة أن سهره خارج البيت, وتناول المخدرات والخمور وغيرها, والفهم الناقص والتطبيق الخاطئ لتعدد الزوجات.
وحذر د. الحربي من الآثار السيئة للطلاق على الفرد والأسرة والمجتمع, موضحا: إن أول آثار الطلاق أنه تحقيق لرغبة إبليس عليه لعنة الله في التفريق بين الزوجين وكيدهما وإثارة الأحقاد بينهما, وثاني آثاره تفكك الأسرة وتشرد الأبناء وإصابتهم بالأمراض النفسية والعصبية, حيث أبان الإستبيان السابق أن (69%) من اللاتي أجري عليهن الاستبيان أجبن بأن تشتت الأولاد من أهم آثار الطلاق, وثالث آثاره أيضا إصابة المرأة المطلقة بالأمراض النفسية والعصبية, ورابع تلك الأثار فشو الجرائم الأخلاقية والسلوكية والجنائية في المجتمع, وخامسها الفشل الدراسي, حيث أوضح نفس الاستبيان أن (91%) يرين ضعف المستوى والتحصيل الدراسي أهم آثار الطلاق.
قطيعة الرحم
وسادس تلك الآثار قطيعة الرحم, فعلى الرغم من أن الطلاق يخص رجلا وأمرأة إلا أنه يلقي بشبحه على العلاقات الأسرية فيفصمها لأشهر أو لسنوات, بل ربما مدى العمر فكم من أرحام قطعت والسبب هو الطلاق.
وأهاب الدكتور حمود الحربي بمعاشر الأزواج أنه قبل التوقيع على ورقة الطلاق يجب مراجعة ومعالجة عدد من الأمور المهمة..
أولها البرود العاطفي, الذي هو بداية الطلاق الحقيقي الذي هو إنفصال الزوجين عن بعضهما البعض يقع الطلاق النفسي والإنفصال العاطفي بينهما, وثاني تلك الأمور الطلاق قرار صعب وإختيار مر سيدفعه الزوجان رهقا من أعصابهما وعبرات من عيونهما وحسرات وآهات وندما, حيث لا ينفع الندم.
ودعا فضيلته الزوجين إلى جعل الطلاق آخر ما يفكران به في حياتهما الزوجية وبمصير أبنائهما صباح مساء, والذي سيكون مصيرهما التشتت والتفرق والضياع, قائلا: إن البيوت لا تخلو من الخلاف والشجار والمشاكل فما كل البيوت بنيت على الحب والعسل المصفى, والرجل لن يجد المرأة الكاملة التي لا ينكر فيها أمرا, كما أنها لا تجد الرجل الكامل الذي لا تأخذ عليه شيئا, فاجعلي الطلاق آخر الأمور والحلول التي تفكرين بها، أيتها الأخت عليك التأمل بما قالته إحدى المطلقات: ضربني زوجي أمام أولادي فلم أتحمل وصممت على الطلاق, ولم أكن تعيسة بهذا الإنفصال في أول الأمر, ولكنني الآن وبعد شهور من طلاقي أقول لكل زوجة أن يضربك زوجك أبو أولادك فهو خير لك من إهانة الناس ونظراتهم ومعاملتهم القاسية لك, فجحيم الحياة الزوجية أفضل لك ولأولادك, وخصوصا عندما يسألهم أحد عن أبيهم.
وخلص الدكتور الحربي في ختام حديثه ل(الجزيرة) إلى القول: إذا استعصت كل الحلول وفشلت كل المحاولات فالإسلام لا يمسك الأزواج بالسلاسل والقيود والحبال والأغلال, إنما يمسكهم بالمودة والرحمة, ويقول الله تعالى لهم: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ}.
فإذا كان الطلاق فعليكما أن تجعلا من طلاقكما ناجحا بأن يكون الطلاق علاجا لا عقوبة, وإصلاحا لا تخريبا, ويقع في الوقت المناسب شرعا في طهر لم يجامع الزوج زوجته فيه ولا هي حائض, وعندما يقع بالصيغة المناسبة فيطلقها طلقة واحدة, ويكون بعد دراسة بعيدة عن الانفعال بين الزوجين, وبعد اتخاذ جميع الوسائل التي من الممكن أن تؤخر هذا القرار, ويكون ناجحا بترتيب مسؤولية الأبناء وعدم حرمانهم من أي طرف, فيتقاسما المسؤولية والأدوار فيما بينهما في هذا الشأن.
كما يكون الطلاق ناجحا.. عندما يحاول كل طرف تعزيز الولاء تجاه الطرف الآخر.. بوضع إطار جميل للشخصية, والبعد عن تشويه شخصية الآخر, وعندما يحترم كل طرف الآخر, ويحفظ له خصوصياته وحياته السابقة, دون نشر للغسيل الذي يتسوله المقربون منهما, أو عدم التحسس والتجسس عن طريق الأبناء لمعرفة أخبار بعضكما البعض, لأن ذلك يؤدي لزيادة الحساسية والضغط النفسي عليكما, فبعد زيارة الأبناء لوالدهم لا تحاول الزوجة أخذ تقرير عن حياة زوجها, وكذلك الأب لا ينبغي له أن يجعل أبناءه وكأنهم جواسيس لنقل الأخبار, لأن ذلك سيترك أثرا سيئا على الزوجين, كما يغرس في الأبناء صفات سلبية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved