* محافظو المحافظات ورؤساء مراكز بعض القرى الكبيرة أو المدن الصغيرة.. هم على ثلاث فئات.
* فئة نشطة متحرِّكة متحمِّسة.. تعمل ليل نهار.. وتراجع وتطلب وتطالب.. وتلتقي بالمسؤولين وتبحث وتسأل.. وتسعى بكل ما تملك.. بل يدفعون من جيوبهم.. من أجل الرقي بالمحافظة وتوابعها.
* وفئة نايمة نوماً عميقاً.. لا تدري شيئاً.. تداوم كما يداوم كاتب الصادر والوارد وموظف الأرشيف.. وكما يداوم العامل والأجير.. وبعد الظهر تخرج من الدوام فقط.. هذا.. إذا داوم.. وقد يغيب أياماً أو أسابيع.. وقد يتأخر لكنه في كل الأحوال.. نايم..
* وفئة تنافح وتكافح و(تراكض) لكن لنفسها وجيبها فقط..
* تسعى فقط.. لملء حسابها الشخصي..
* تسعى لبلع الأراضي السكنية والزراعية..
* تسعى لإدارة متاجرها ومعاملها ومزارعها..
* أما عمل المحافظة.. وشؤون وشجون البلد.. فهو آخر الاهتمامات.. ومن أمن العقاب والمتابعة والمراقبة.. يسرح ويمرح على هواه.. والناس (تْدَوِّر السلامة.. وعساها تسلم).
* هذه الأصناف الثلاثة.. كلّها موجودة.. ويمكن أن تعرف من هو المحافظ.. بمجرد التجوّل في المدينة.. لترى بصمات السيد المحافظ.
* بعض المدن.. تفتقر لخدمات مهمة.. ورئيسية.. ومع ذلك.. المحافظ لا يهتم ولا يسعى ولا يراجع ولا يطالب..
* وبعض المحافظات.. كل شيء متوفر.. لأن المحافظ.. يسعى ويعمل ويراجع ويركض ليل نهار ولا يتوقف ولا يبحث عن راحة.
* بعض المحافظين.. شعلة نشاط.. تزور المحافظة فتجده أول من يستقبلك..
* تتحدث معه عن المحافظة.. فتجده يعرف كل شيء فيها..
* يعرف شؤون وشجون ومشاكل الزراعة كلّها.. وشؤون البلدية والصحة والعمل والجوازات والأحوال والتعليم وكل شيء يعرفه نقطة نقطة.. ويحفظ الأرقام ويعرف المشاريع المنفذة والمشاريع تحت التنفيذ.. والمشاريع المستقبلة والمشاريع المطلوبة بالضبط وبدقة..
* يحفظ المحافظة عن ظهر قلب.. شوارعها وأسواقها وقراها ومزارعها..
* يعرف المعاملات كلّها.. هو مرجعية في المحافظة.. يعرف أين ذهبت المعاملات وماذا كُتب فيها..
* يعرف احتياجات البلد.. ويعرف الناس واحداً واحداً..
* تجد الناس تجتمع عنده بعد المغرب أو بعد العشاء أو بعد العصر.. كل يوم أو يومين في الأسبوع..
* يتحاورون.. ويتشاورون ويتحدثون في متطلبات واحتياجات البلدة.
* تجده شعلة نشاط.. تجده متى أردته.. حتى لو آخر الليل يرد على أول دقة في الجوال.. ودوماً.. لا تسمع منه.. إلا (حاضر.. وسم.. وأبشر).
* تجده شهماً كريماً.. سمح المحيَّا.. مبتسماً.. (وجه رْجال) كما يقول العوام.
* وبعضهم.. يغلق جواله.. ويغلق بيته.. ولا يريد لأحد أن يتحدث معه أو يناقشه.. ووقت الدوام تجده عابساً.. قلقاً.. متوتراً.. لا يريد الحديث في شيء.. ولو سألته عن أي شيء في المحافظة.. لما أجاب عن أي شيء على الإطلاق.. لأنه لا يعرف أي شيء.. ولأنه في نظره (مهوب ملزوم) والمسألة.. مسألة الراتب آخر الشهر.. يصرف على كل الاحتمالات ولن يخصم منه شيء إذا قصَّر.. ولن يزداد إذا عمل واحترق.. الراتب واحد.. والبدلات كلّها موحّدة لمن يعمل ولمن لا يعمل.. وحتى (الضِّيافة) تُصرف حتى لو كانت (زِلْفَةْ) بابه مُغبِّرة..!!
* ومسألة الدوام.. عليه أن يُداوم الساعة العاشرة.. ويخرج مع صلاة الظهر و(واجد) حسب نظره.. وعلى الموظفين تجهيز كل المعاملات في هذا الوقت.. لأنه بعد الظهر.. إما عند (الخلفات) أو (زَرْقَة) للمدينة.. وعلى المعاملات المستعجلة وغير المستعجلة.. أن (تنطق) إلى بكره..
* وبعض المحافظين.. هو أصلاً غير مقيم في المحافظة.. بل يأتي كل يوم ويرجع في (الفياجرا) أو (اللاَّندكروزر) مع سائقه - ولذلك.. فهو يأتي وهو مستعجل للغاية (طاير) ليعود إلى ديرته بعد قليل.. أو يذهب إلى المخيّم عند (الْبِل).
* بعض المحافظين.. يملك محطات بنزين.. ومزارع.. ومخططات.. وورش.. ومصانع.. ومطاعم.. ومطابخ.. ومحلات للمندي والمظبي.. ونحن لا نحسدهم.. ولكن هذه تجارة غير مقبولة.. لا شك أنها تؤثِّر على سير المعاملات.. وتؤثِّر على مصالح الآخرين.. وكما قلت.. الناس.. (تْدَوِّر السلامة) وحتى رئيس البلدية نفسه (يْدَوِّر السلامة).. والنظام.. دائماً.. على (الضْعيِّف المسكين).
* أما بعض رؤساء المراكز.. فهم (حكومة الْحالْهُم).. يداوم.. يغيب.. يقنص.. أو يقضي الوسم مع المربعانية.. عند الخلفات.. أو يخيِّم في (أم رقيبة) حتى نهاية سباق (المزاين) أو (يزرق) للجماعة في بعض الدول المجاورة.. يعني (سيده.. قيده) و(لاجاب خبر أحد) لأن أحداً لن يسأل (الشيخ) ريِّس المركز (وين رحت.. ولا.. وين جيت) فهو (راعي) المركز.. ورئيس المركز.. وكل شيء في الديره.. فالديره.. ديرته.. والرَّبع ربعه.. والختم في درج (إكس.. آر).
* إن المطلوب.. هو دراسة وضع بعض المحافظات والمراكز.. ودراسة وضع بعض المحافظين وبعض رؤساء المراكز.. واستبدالهم بطاقات نشطة مثقَّفة مخلصة.. وما أكثرهم..
* مطلوب التفاتة سريعة وجادة.. لبعض المراكز.. ونقولها بكل صراحة.. ادرسوا وضع المراكز.. زوروها.. شوفوها (بعيونكم).. لتعرفوا (اللِّي ما تِدْرُون عنه؟!)..
|