البابان متقابلان...
كلاهما يولجان إلى قاعة فارهة تنصب فيها مقاعد صُفَّت بعناية فائقة..
ذكَّرتني هذه المقاعد برهبة الاختبارات..!
البنات يتوافدن...
الجوُّ قارصُ البرودة...
(أمل) ترتدي قميصاً قطنياً ويداها تلتفَّان حول جسمها النَّحيل وهي ترتجفُ...
- ليس الوقت لهذه الملابس الرَّقيقة..
- كنزةٌ صوفيةٌ لا غير!
- أمل تتلَّفت لزميلاتها.. يقتعدن المقاعد... تتحوَّل المقاعدُ إلى مصادر حياة، أصواتهن يناقشن إجابات أسئلة عبرت قبل الآن بدقائق عليهن في قاعة أخرى!!، وينتظرن بدء توزيع أوراق الأسئلة الجديدة..!!
- القاعات، المقاعد، أم الرؤوس التي في الأجساد مؤشرات ما (في)، أو ما (كيف)، أو... ما (عن)؟!..
ما الذي في هذه الرؤوس ستفرغه على الورق، وتحبّر به السطور الخالية فيها إلاَّ من الانتظار؟
كيف هو الذي ستشكله أبجدية حروف مضامين الذي في الرؤوس؟
عمَّا ستشير الحروف التي ستكوِّن أبنية، وشوارع، وطرقاً، وخدمات، ومرافق على الورق تعكس وجودها في الرؤوس...؟
ثمَّ في النِّهاية، من وراء ما في الرؤوس، وكيف الذي فيها، وعمَّا تتمخَّض به؟!..
أمل تغرس رأسها بعينين تلتهمان في الورق..، يداها انفرجتا من حول خاصرتها، إحداهما تركض بالقلم، والأخرى تحكّ رأسها، كأنَّها تستلهمه أن يهدر، وهي تعبُّ منه...
الأخريات صامتات إلاَّ من حفيف الأوراق..
ليس ثمَّة من ترفع يدها بإشارة توقف..
داخلي يكتظُّ اطمئناناً، ويزدحم سكينة...
رؤوسهن مليئة
إي وربي...
إيه.. كم.. كيف...
وبدأ العدُّ هنا...
في رأسي..
كم من الوقت وامتلأت هذه الرؤوس
كيف من البذل وتشكلَّت هذه الفرحة؟!
أمل دافئة بالنجاح...
والمقاعد تثقل بمن فوقها!.
|