من المفارقات الغريبة التي مرَّت بي هذا الشهر، أنه في نفس اليوم (3-12-1426هـ) الذي نُشر فيه مقالي، الذي كان عنوانه: (حتى لا ننسى)، الذي كان مقالاً مثقلاً بالحزن والفجيعة على شهدائنا وأبطال الواجب الذين قضوا نحبهم في المواجهات الدامية ضد الفئة الضالة في القصيم، تنشر الأخت جواهر آل الشيخ مقالاً مرادفاً في عزيزتي الجزيرة يتناول بعضاً من مقالاتي السابقة، ولأنني كنت خارج المملكة وقت نشر المقالين، لم يتسن لي الاطلاع عليهما إلا مؤخراً، فوجدت أنه ما برح لدي فسحة من الوقت لإيضاح بعض من المتناقضات التي يزدان بها مقال د. جواهر.. فرد د. جواهر مزدحم بالطروحات والأفكار التي كانت يوماً ما، هي المحاضن الأولى التي أنتجت أصحاب ذلك الفكر الضال والمضل من حيث تحميلها النصوص غير ما تحمل وسوء الظن بالآخرين والمنافحة عن فكر الولاء والبراء (بشقه المتعصب المتزمت) وليس في شكله المتسامح الإسلامي الذي أفتى به سماحة الشيخ العبيكان (وإني لأحسب الأخت الجوهرة إن شاء الله من منطلق حسن الظن بالأخت المسلمة بعيدة كل البعد عن ذلك الفكر وأصحابه، وإنما تردد تلك الطروحات التي ترددها كنوع من طحن الطحين ودق الدقيق الذي بات يردده البعض بنية النصح والإرشاد.. ليس إلا)..
والغريب في الموضوع.. الخطبة!! أنه مزدحم بتلك النبرة الفوقية المعتادة لفئة معينة، والتي تقوم في جوهرها على أن جانباً يمتلك الحقيقة المطلقة الكاملة دون العالمين، وأن جانباً آخر هو جانب ضال ولا بد من رده إلى صوابه..
والمشهد هنا يشبه امتلاك البعض الحقيقة المطلقة (صك الغفران) أعاذنا الله وإياكم منه!! وتصر الأخت جواهر على المنافحة عن الصحوة ونتائجها في العالم الإسلامي، والجميع يعرف بأن هذا الفكر الذي دأب البعض على تسميته بالفكر الأصولي، هو في (رأيي الخاص) تسمية خاطئة ومضلله لأنه في حقيقته فكر غير أصولي، بل فروعي!! ولا يتعلق بتاريخنا الإسلامي الغني والمتعدد والمضيء بتنوعه، بل هو محض فكر يمثِّل فرعاً بل فرعاً ضئيلاً في تاريخنا الإسلامي، انبثق عن طروحات سيد قطب وحسن البنا ومن سار مسارهم من المحتجزين في مغارات (تورا بورا) وإني أتوقع إن شاء الله أن الأخت جواهر أبعد ما تكون عن هذا، وأقول قولي هذا من باب حسن الظن بأختي المسلمة، وإني أتأمل من الأخت الجوهرة التي كان يبدو من ردها أنها تتكلم بصفة الجماعة، بل كان يبدو أن هناك قطاعاً خاصاً بها قد دفعها للرد على مقالاتي، أتمنى منها من منطلق عقائدي ومن ثم وطني، وأخيراً إنساني، أن تجير هذه السلطة التي تمتلكها على اتباعها بإيضاح الصورة ودفع الشبهات والضلال الذي يعشش في أذهان الكثيرين، والالتفاف حول ولاة أمرنا وقادتنا - رعاهم الله - والنظر الحصيف البعيد في الأمور والبُعد عن محدثات الأمور وشق عصا الطاعة، التي أعلم - إن شاء الله - أن الأخت جواهر أبعد ما تكون عن هذا.. كما أتمنى من الأخت جواهر أن تؤثر في أتباعها وتتعهدهم بالنصح والإرشاد بعد أن أثبتت الكثير من المعلومات المتداولة بأن معظم الأموال التي كانت توجد مع أصحاب الفئة الضالة، كانت مصادرها نسائية!! والتي يدفعها البعض إما من باب الجهل والسذاجة، أو بعد أن يحتقن العقل بمادة الفكر الشريرة لأصحاب الفئة الضالة، بل إن السلطات قد وجدت في المداهمات الأخيرة شرق الرياض مبلغاً يفوق.. المليون ريال، عبارة عن أوراق نقدية.. هذا المبلغ الكبير، يتطلَّب منا أن نقف جميعاً بصرامة وقوة ونسأل من أين لهم هذا؟ أين لهم تلك الأموال التي تنسرب من محافظ البعض من باب الجهل أو عدم العلم أو التضليل، وتتحوَّل إلى رصاص وأحزمة ناسفة مترصدة بنا وبأطفالنا وبجنودنا وبأمننا.. اقتراح من أخت مخلصة أن يكون هذا هو مجالك وهذا هو دورك.. أخيتي جواهر.. فتمهلي.. وأخلصي علاقاتك مع ربك ومع محيطك.. ولا يأخذك صخب الأتباع وضجيج الغوغاء.. فإنها لعمري مهلكة.
|