النفط بين المملكة والصين

عندما يلتقي خادم الحرمين الشريفين قائد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بهو جينتاو رئيس ثاني أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم، وزعيم أكبر دولة في العالم من حيث السكان، فإنه لا شك أن اللقاء سيخرج عنه عقد اتفاقيات عدة كبيرة، تدعم العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.
فقد وقع وزراء البترول والمالية والتنمية والإصلاح في البلدين عدة اتفاقيات في مجالي النفط والغاز الطبيعي والمعادن لتسهيل التعامل الاقتصادي والمالي وتقوية التعاون الثنائي، والدفع به نحو مجالات واسعة من الاستثمار في موارد الطاقة والمعادن.
فحاجة الصين إلى الطاقة تتزايد باستمرار لارتفاع معدلات نموها الاقتصادي العالية، التي تعتبر أعلى معدل نمو اقتصادي في العالم، وذلك لارتفاع إنتاجها الصناعي في شتى المجالات، وعلى نحو متسارع، جعلها تنافس أكبر الاقتصادات العالمية بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وذلك لتنوع صناعاتها وما تتميز به من أسعار منافسة. ولذلك فقد ارتفعت واردات جمهورية الصين الشعبية من النفط السعودي من 8.8 ملايين طن عام 2001م إلى قرابة عشرين مليون طن العام الماضي.
هذا وتستورد الصين 450 ألف برميل من نفط المملكة يوميا، وهو ما يشكل 14 في المائة من مجمل وارداتها النفطية.
كما أن للملكة الحق الطبيعي في أن تبحث عن أسواق جديدة لصادراتها، وأن توسع من الأسواق الحالية، وذلك كي تحقق أكبر قدر ممكن من العوائد الاقتصادية، لكي تنجح خططها التنموية الرامية إلى خدمة شعبها وضمان رفاهيتهم وتحقيق أمانيهم بحياة كريمة.
وعلى الرغم من المغريات التي يفرضها الارتفاع الحالي لأسعار النفط، فإن المملكة لا تجري خلف مصالحها وفق المنظور المادي القصير، وإنما تلتزم أولا بمبادئ أخلاقية في سياساتها الاقتصادية، وتنظر إلى مصلحة المستوردين أيضا، كما أنها تنظر للبعيد، لأن ارتفاع الأسعار، ووصوله إلى مستويات قياسية سيعود بالضرر على الدول النامية كما ذكر ذلك خادم الحرمين في لقائه مع تلفزيون (إن دي تي في) الهندي. ولذلك فإن المملكة وهي أكبر عضو في منظمة أوبك، تتحفظ على الدعوات إلى تقليل إنتاج النفط لزيادة الأسعار على ما هي عليه.
ودائما ما تتعهد المملكة بضمان توافر النفط في الأسواق العالمية والمحافظة قدر المستطاع على تزويد المستوردين بحاجاتهم من النفط.
ولهذا كله لا عجب في أن ترى الصين في المملكة شريكا استراتيجيا حقيقيا، ومصدرا موثوقا به للنفط، لتعتمد عليه في تلبية جزء كبير من حاجاتها النفطية على المدى البعيد.