انتشرت المجامع اللغوية والعلمية في العواصم العربية وهي في طريقها إلى الازدياد، فبعد دمشق والقاهرة وبغداد وعمان والخرطوم وطرابلس وغيرها.. يتم الإعداد لإقامة مجمع للغة العربية في الرياض، وربما يقول قائل: وماذا نفعت المجامع اللغوية القائمة حتى نسعى لإقامة مجمع أو مجامع جديدة؟! والجواب يكون بعكس السؤال: وهل أضرت المجامع التي قامت لنمتنع عن إقامة مجامع جديدة؟!
مما لا شك فيه أن هذه المجامع اللغوية قدمت أقل مما يتوقع منها لأسباب ذاتية وخارجية، من أهمها عدم تمتع قراراتها بالإلزامية، وعدم دعمها من قبل المؤسسات الحكومية الرسمية التي لها صلة بأعمالها مثل: وزارات التعليم العالي ووزارات التربية والتعليم، ومع ذلك فقد أسهمت هذه المجامع بجهد المقل ووجودها خير من عدمها على كل حال.
وتأتي فكرة إقامة مجمع للغة العربية في الرياض نتيجة للتطور العلمي العام الذي شهدته المملكة العربية السعودية في شتى المجالات، وحرص المناهج والمقررات الرسمية في التعليم العام والجامعي على العناية باللغة العربية وفروعها، إذ تفرد لها مواد مستقلة أكثر من تلك التي في الدول العربية الأخرى، بالإضافة إلى وجود عدد من كبار الأساتذة والمختصين أعضاء في المجامع العربية في دمشق والقاهرة وعمان.. مما جعل طرح فكرة إقامة مجمع لغوي علمي في الرياض أمراً مستساغاً مقبولاً.
ويأتي في مقدمة هؤلاء المجمعيين العلامة الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - وهو بدوره رشح أربعة من كبار الأساتذة والأدباء إلى مجمع القاهرة وهم: الأديب حسن عبد الله القرشي - رحمه الله - والأستاذ عبد العزيز الرفاعي - رحمه الله - والأديب عبد الله بن خميس والشيخ محمد بن عمر بن عقيل (أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري).
وهؤلاء أعضاء أساسيون في المجمع، كما يشارك في عضوية مجمع القاهرة كل من: الدكتور أحمد الضبيب الذي حل محل الشيخ حمد الجاسر عضواً عاملاً بعد أن كان عضواً مراسلاً، ود. عوض القوزي، ود. عبد العزيز بن عثمان التويجري، ود. محمد بن عبد الرحمن الربيع الذي تناول هذا الموضوع بالحديث في سياق كلامه عن عضوية الأستاذ عبد العزيز الرفاعي في مجامع القاهرة والبحوث التي قدمها فيه، وأجاب عن عدد من التساؤلات حول عمل المجمع وتطويره والترشيح إلى عضويته، وذلك في ندوة الوفاء الخميسية بالرياض للشيخ أحمد محمد باجنيد، التي تعد امتداداً لندوة الرفاعي الشهيرة.
إن قضايا كثيرة يمكن لمجمع اللغة العربية في الرياض أن ينظر فيها أو يحركها لتفعيلها، مستفيداً من جهود المجامع الأخرى التي تم الاستفادة منها أو لم تتم، ومن ذلك قضية تعريب المصطلحات ونشرها وترسيخها، وقضية تسهيل الإملاء العربي وتجاوز شذوذاته العديدة التي تربك المختصين من المذيعين عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. وتسهيل التعليم للطلاب، وخصوصاً أن أبا عبد الرحمن بن عقيل الظاهري حاول جاهداً تقديم نظرية إملائية حديثة، بحيث يتوصل المجمع إلى آراء تجمع الإيجابيات في خط معتدل لا تنسف كل الموجود، ولا تهمله جميعاً.
|