ربما تكون كتابة الخواطر المؤطرة بالحزن فيها شيء من الإمتاع اللذيذ الذي يقود إلى آفاق ورؤى تتجسد فيها المعاناة التي ربما تكون حقيقة أو مصطنعة كما في حالتي هذه التي أحاول فيها أن أخرج عن هذا المسار فأجدني عاجزاً عن ذلك.
ذات مرة قال لي أحد الأصدقاء: لِمَ أنت تلبس الخواطر التي ترسلها إلى الجريدة هذا الحزن العميق؟ قلت له: ربما لأنني لم أعرفه ولم يصادفني ذات مرة ولله الحمد فأردت أن التصق به وأخوض التجربة التي هي مجرد حالة أتقمصها وأعيش في عالمها ووجدانها كي أحس مع مرارة الحزن بحلاوة الأيام، أكتب بمشاعر شخص آخر تسيّر حياته الهموم والغموم، أعرفه تمام المعرفة يغرق في دهاليز الوجوم والسوداوية لا يعرف للفرح درباً ولا لنشوته طريقاً، يعيش على جناح السعادة لحظات قصيرة ثم ما يلبث أن يترنح ويهوي ساقطاً ويعود إلى دوامة الأتراح، أشاهد من خلال أحداقه حزناً يشع بلون داكنٍ، تقوده بوصلة عقله وقلبه المكلوم إلى سفح عميق، لا يستطيع الصعود منه إلى القمة، فأجد نفسي دون شعور أكتب عن الحزن تضامناً مع ذلك الإنسان الرائع الذي طالما أسعدني بحضوره وصوته، لا أدري كيف تحول ذلك العبقري من شخص تألفه السعادة إلى آخر تحتضنه الكآبة.
ولا يعني ذلك أنني لا أحزن بل تمر لحظات يكون نصيبي فيها من الحزن يسيراً لكنني لا أنهزم بل أبذل كل وسعي وبشتى الطرق الشرعية والنفسية للخروج من ذلك القمقم، أتمنى أن تنقشع غيوم الحزن وتشرق شمس السعادة على كل إنسان.
|