قال القاضي: أنت يا جحا عليك ثلاث قضايا، الأولى أنك ضربت صبيا ضربا مبرحا، والثانية أنك اعتديت على صاحب سيارة بالضرب والثالثة أنك تتحرش بطالبات كلية، وجميع الشهود سجلوا شهاداتهم ضدك فما هي أقوالك؟ وعليك أن تكتبها وتوقع أمام كل إجابة، وعليك بالصدق ولا تتعبنا معك.
اعتدل جحا وقال: أما الصبي فإنه صعد جدار بيت فتوقعت أنه سيسرق شيئاً ما، وأما صاحب السيارة فإن الدماء كانت تتساقط على الشارع فتوقعت أنها جثة لمقتول، وأما طالبات الكلية، فقد توقعت أن السائق الهندي (برندوب) سيعتدي عليهن فكان لزاماً علي أن أتابعه من شارع إلى شارع ومن حارة إلى حارة.
قال القاضي: أما الصبي الذي زعمت أنه سيسرق، فإنه كان يلعب بكرة قدم وسقطت في بيت خاله، فقفز ليأخذها، وهذا خاله وأبوه معنا.
وأما صاحب السيارة فقد كان عائداً من سوق اللحوم وهذه القطرات من الدماء كانت للخروف المذبوح لا لإنسان كما زعمت.
وأما ملاحقتك لحافلة الطالبات فهو عين الخطأ فقد جعلت الشبهات تدور حولك أنت.
هنا جاء أخو جحا وقال: يا أيها القاضي، إن جحا حسن النية، ولكنه ومنذ شهر كان يقرأ روايات بوليسية، وقد سببت له لوثة عقلية وزعزعت ثقته بالمجتمع والناس أجمعين فتوقع أنهم مجرمون خارجون عن القانون، يخططون لكل أنواع الجرائم (قتل، سرقة، معاكسات، تزوير، تهريب، تهديد، ترويج مخدرات..).
إن جحا أخي ضحية لهذا النوع من الروايات.
قال القاضي: قررنا الآتي: يسجن جحا شهرين كاملين ويدفع التعويضات المالية للمتضررين ويتخلص من جميع الروايات البوليسية التي أفسدت عقله.
مكة المكرمة |