مملكة الإنسانية

في صورة جديدة من الصور الإنسانية الرائعة التي يفخر بها كل مواطن في هذه البلاد المقدسة، تكفل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعالى بعملية فصل توأمين سياميين عراقيين، وأصدر تعليماته بنقلهما إلى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية لإجراء عملية الفصل الجراحية. وبهذه الوقفة الإنسانية يضرب المليك المفدى مثالاً جديداً على ما تحمله المملكة من خير مفعم بالمحبة تجاه كل محتاج بغض النظر عن لونه أو عرقه أو دينه. وذلك انطلاقاً من المبادئ الإسلامية العظيمة التي تدعو كل مسلم إلى تقديم يد العون لكل محتاج.
وليست هذه المرة الأولى التي تقوم مملكة الإنسانية بعلاج توأمين سياميين، وترسم البسمة على شفاههما وشفاه والديهما، وإنما سبقها مرات عدة، شملت أبناء من المملكة ومن دول عربية وإسلامية شقيقة كمصر والسودان وماليزيا وأبناء من دول صديقة أيضاً كالفلبين وبولندا. فالمرض والحاجة للعلاج لا يعرفان وطناً، ولا يميزان بين إنسان وآخر.
وكانت أولى هذه العمليات قد أجريت أواخر عام 1990م لتوأمتين سعوديتين، وكانت عملية ناجحة بكل المقاييس حيث مارست التوأمتان حياتهما الطبيعة بعد فصلهما عن بعضهما البعض. ومن هذه العمليات الناجحة التي تدل على ما وصلت إليه المملكة من تقدم في المجال الطبي الدقيق، وأصبحت بذلك رائدة في مثل هذه العمليات المعقدة، عملية فصل التوأمتين البولنديتين أولغا وداريا اللتين كانتا تبلغان من العمر ثلاثة عشر شهراً. وقد تناقلت وسائل الإعلام العالمية هذه القصة الإنسانية المدهشة منذ أن وصل التوأمان إلى أرض المملكة وحتى عودتهما سالمين إلى بلدهما بولندا. وقد أبدت وسائل الإعلام إعجابها بالتقدم الطبي الذي جاء نتيجة للخطة السعودية لتخريج كفاءات طبية وطنية في أدق التخصصات الصحية بعد توفيق الله تعالى. كما دلت تلك العملية كغيرها من العمليات المشابهة على أن المملكة لا تفرق بين البشر فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية.
وتبقى كل الأمنيات بنجاح عملية فصل التوأمين العراقيين لتعم الفرحة التي لن تقتصر فقط على الأخوين العراقيين، أو أسرتهما وإنما ستشمل كل محب للخير ولا سيما السعوديين الذين تشعرهم هذه العمليات بالفخر والاعتزاز بما تحمله بلادهم من قيم إنسانية رائعة مستلهمة من الدين الإسلامي الحنيف، وما وصلت إليه بلادهم من تقدم طبي يشجع على المزيد من المثابرة لتحقيق مزيد من التطور ليس في المجال الطبي فحسب، وإنما في كافة المجالات الأخرى.