* أطفال هذا العصر ينعمون بسعادة لا حدود لها... سعادة لم ندرك ولم نرَ نحن شيئاً منها... ولم تسمع بها الأجيال التي تقدَّمتنا...
* أطفال اليوم مدللون... مرفهون... دون أن يشعروا... أو يقدِّروا النعمة التي هبطت عليهم من السماء...
* كتب خاصة... يتبارى كبار الكتاب والأدباء بتأليفها لهم... يختارون فيها أجمل القصص... وألطف العبارات... وأرق الألفاظ.
* مجلات ملونة كبرى للأطفال... تصدرها المؤسسات والدوائر التي تتسابق لنيل رضاهم... والفوز بابتساماتهم...
* الإذاعات تخصهم ببرامج يومية... تدخل الفرحة والبهجة إلى قلوبهم.
* محطات التلفاز في كل بلد تتسابق في تقديم البرامج الشائعة والمسلية لهم، وتمتد ساعة أو ساعتين كل يوم.
* دور حضانة راقية تحوي كافة الألعاب... ووسائل الترفيه... ومعلمات ومربيات... يسهرن على راحتهم ورعايتهم وخدمتهم وتوفير جميع وسائل التسلية والراحة النفسية والمعنوية لهم...
* العصا التي كانت تلسع أكفَّنا كل يوم لم يعد لها وجود.
* (الفلقة) التي طالما صافحت أقدامنا لم يسمعوا بها... ولم يروها...
* لا زلت أذكر الشيخ علي سمان رحمه الله (أستاذ كتَّاب سيدنا مالك) الذي كان يرهبنا بزئيره... وعمامته... وعصاه الغليظة... لم يعد لها وجود... و(الخوجة) صاحبة الكتاب المتواضع الأمية المرعبة دخلت التاريخ...
* الكتاب نفسه الذي كنا نجلس فيه على الحصيرة... ثم بعد ذلك جاء (الحنبل) المهترئ، وكذلك الحال بالنسبة للحصيرة المهترئة... بات أثراً بعد حين.
* لم يكن في عصرنا مجلات ملونة للأطفال.. ولم يفكِّر كتاب وأدباء الماضي أن يؤلفوا أو يترجموا لنا قصة مسلية...
* لم يكن في عصرنا مسارح تقدم فيها تمثيليات للأطفال.. تثقف وتوجه وتدخل البهجة على القلوب الغضة الطرية.. ولم تكن هناك دور السينما البدائية الصامتة... تقدم أفلاماً ملونة خاصة بالأطفال.
* لم يخطر الأطفال على بال مخرجي السينما في هوليود.
* ولم تكن محطات الإذاعة قد ظهرت بمعناها الصحيح.. ولا التلفاز طبعاً.
* كان الأطفال كمية مهملة في المجتمع... يقودهم بالعصا ويفرضون عليهم العلم بالإرهاب... ويعاقبونهم بالفلقة... كنا نذهب إلى الكتَّاب... ثم المدرسة مشياً على الأقدام... في الحر، وتحت المطر... وفي البرد القارس... واليوم تطوف السيارة الفاخرة... على بيت كل طفل... لتتسلمه من أهله، وتعيده إليهم سالماً... غانماً... نظيفاً... ضاحكاً... شبعان... ريان.
* كان جو الإرهاب... يحيط بنا في المدرسة... الرعب من العصا والفلقة... وتكشيرة أستاذي الفاضل ماجد أنور عشقي رحمه الله رحمة الأبرار، ولا زلت أتذكر زعيقه يقطع نياط قلوبنا.
* الذهاب إلى المدرسة بالنسبة للطفل شبيه بالمحكوم الذي يقودونه إلى السجن... أما اليوم فقد تبدل كل شيء... بعض الأطفال يتعجلون الذهاب إلى المدرسة... تضايقهم أيام العطل... يحبون مدرستهم وألعابها أكثر مما يحبون بيوتهم، يحبون أحياناً بعض معلماتهم أكثر مما يحبون أمهاتهم... يحلمون بالألعاب ووسائل التسلية التي توفرها لهم دور الحضانة والصفوف الابتدائية الأولى..
* طفولة أجيالنا كانت شقاء وعناء.. وطفولة الجيل المعاصر تدليل، وترفيه، وسعادة.كم أتمنى... أنا وجيلي المحروم... أن نعود أطفالاً ولو شهراً واحداً... لنعوض بعض ما فاتنا... ونتمتع ببعض ما يتمتع به أطفال اليوم... وكم يحلم بعضنا بأن يشهد نهاية العالم ليروا ما ستبدعه الإنسانية للأطفال الأعزاء... من سعادة... وتدليل... وإعزاز... ولكن هل يدرك الإنسان كل ما يتمناه من أحلام وآمال؟! وعجبي..
|