الثلاثاء 5 ذي الحجة 1392هـ 9 يناير 1973م العدد (498)
مرتبة الطفل في حلقة الأسرة لها أثرٌ على نفسيته

في أي سن ينخرط الطفل في البيئة العائلية انخراطا تاما يشعر أنه أصبح جزءا من نواة تسمى (الأسرة)؟.
يسود الاعتقاد بين علماء الاجتماع أن هذا الشعور بالاندماج الاجتماعي يحصل عامة بعد سن الثانية، فإن الطفل لا يشعر قبل هذه السن بحقيقة الروابط بينه وبين سائر أعضاء الأسرة، بل يظن انه وحده على الكرة الأرضية وهذا ما يفسر الكثير من حركاته المصطبغة بما يسميه البالغون (أنانية لا تطاق).
وتختلف روابط الطفل (الاجتماعية) حسبما يكون ولدا وحيدا أو على العكس ولدا من بين اثنين أو ثلاثة أو أربعة.
فإن الولد الوحيد مثلا يبقى حتى سن الرابعة من غير شعور بحركاته الحسد والغيرة، إذا يشعر أنه هو الأمير في البيت وهو الملك الأوحد! أما إذا جاء البيت (ضيف جديد) فإن هذا الملك لا يلبث طويلا حتى يلاحظ أنه اخذ ينزل عن عرشه وان جل العناية والاهتمام اخذ ينحرف عنه إلى أخيه الجديد أو أخته، وعندئذ تجد عاطفة الحسد سبيلاً إلى نفسه. ويكون الحسد سبيلا إلى نفسه، ويكون الحسد الرابط الأول بينه وبين الأسرة أي تلك النواة الاجتماعية المصغرة.
لذلك ينوه جميع علماء التربية بأهمية المرتبة العائلية التي يحتلها الطفل، حسبما يكون ولداً وحيدا أو الولد الثاني أو الثالث في حلقة الأسرة، ويقولون ان عالم الطفل يختلف تمام الاختلاف بحسب اختلاف هذه المرتبة.
فإنها في نظره أشبه بالزجاجة الموشورة التي يأتيه النور من خلالها متلونا بألوان مختلفة فلا شك في أن انطباعات الأطفال تختلف تمام الاختلاف إزاء الأحداث نفسها فتتلون إما بالحزن واما بالفرح حسبما يكون الطفل في المرتبة الزمنية الأولى أو الثانية أو الثالثة، الخ..
ومن أغرب ما لاحظه علماء النفس ان الوالد والوالدة لا يظهران في المظهر نفسه في نظر أولادهما جميعاً، فإن نظرة الولد إلى والديه تختلف حسب درجته في السلم العائلي.
أما الخلاصة العملية من هذه الملاحظات النفسية فهي أن سلوك الأطفال موصول إلى حد بعيد بهذه المرتبة الزمنية، ولذلك ينبغي على الوالدين ان يراعوا هذه الزاوية قبل إصدار الأحكام النهائية على أولادهم.