Tuesday 7th February,200612185العددالثلاثاء 8 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

الزيارة الاقتصادية ومستقبل اقتصادنا الوطني الزيارة الاقتصادية ومستقبل اقتصادنا الوطني
أ.د. مفرج بن سعد الحقباني

تأتي الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - إلى كل من الصين والهند وماليزيا وباكستان لتعكس الوجهة المستقبلية لاقتصادنا الوطني ولتؤكد حرص القيادة على تنويع العلاقات الاقتصادية وتخليصها من رواسب الاعتماد على غرب العالم بإشكالاته الاقتصادية والسياسية المتعددة. فإذا كان العالم بأسره ينظر إلى الاقتصاد الصيني كأكبر اقتصادات العالم وأسرعها نمواً وإلى الاقتصاد الهندي كواحد من أكبر القواعد الإنتاجية العالمية. فإن فتح باب من الشراكة الاقتصادية مع هاتين الدولتين وفي هذا الوقت بالذات يمنح اقتصادنا الوطني الفرصة للاستفادة من الإدارة الاقتصادية ذات الكفاءة العالية ومن القاعدة الإنتاجية الهائلة للوفاء بمتطلبات الاقتصاد الوطني الاستهلاكية والإنتاجية كما يمنح المستثمر السعودي نافذة واسعة للاستفادة من أكبر أسواق العالم قياساً بعدد السكان في هاتين الدولتين.
ونعتقد هنا أن الإفادة من العلاقة الاقتصادية القوية ستكون في ذروتها إن كنا مؤهلين تنظيمياً لتسريع خطى التشارك الاقتصادي ليس فقط من حيث التبادل التجاري العيني ولكن أيضاً من حيث الاستفادة من القدرات التخطيطية الهائلة التي تتمتع بها هاتين الدولتين، وهذا يتطلب أولاً الاعتراف بجوانب النقص التخطيطية والتنظيمية لدينا ثم ثانياً الدخول بشكل مكثف مع صناع الخطط الاقتصادية في الصين والهند وماليزيا لمساعدتنا على صياغة خطط اقتصادية عملية تتوافق ومعطياتنا الاقتصادية وتتوفر لها البيئة التطبيقية الملائمة. فقد كنا وما زلنا نعاني من صعوبة التخطيط ومن عدم القدرة على تحويل الخطط التنموية إلى متغيرات كمية تقاس مع نهاية الخطة وتقوم في الخطط المتعاقبة، ولقد كنا وما زلنا ننظر إلى الخطط التنموية الخمسية على أنها مجرد جهد تجميعي لا يعكس الواقع ولا ينظر إليها كمعيار للنجاح والفشل، وكنا وما زلنا نفتقد إلى خطط إستراتيجية تحدد ماذا نريد أن نكون في المستقبل. صحيح أن الله سبحانه وتعالى قد منحنا موارد مالية هائلة زادت من قدرتنا على تحمل التقلبات الاقتصادية المتعاقبة، ومنحنا مورداً مهماً يحتاج له العالم بأسره ولا يوجد له بديل في القريب العاجل، لكنه صحيح أيضاً أن هذا المورد قابل للنضوب وأن هذا المورد يمس العامود الفقري للاقتصادات العالمية مما يجعله معرضاً لضغوط سياسية أكثر منها اقتصادي. هذه الحقيقة تجعلنا مطالبين بألا نثق في واقعنا المالي ما لم نكن مهيئين للاستفادة من الموارد المالية الهائلة في صنع قاعدة إنتاجية تدوم وتخدم أهدافنا الإستراتيجية التي ما زلنا نبحث عنها منذ سنوات الوفرة الاقتصادية السابقة. وفي ظني أننا لسنا في حاجة إلى إجراء التجارب والمحاولات التي تتسبب في هدر المال ولا تتوافق مع المزايا النسبية التي يتمتع بها اقتصادنا الوطني كما حدث عندما صور لنا أننا نستطيع أن نحول هذه الصحراء إلى جنة خضراء من خلال التوسع في البرامج الزراعية التي اكتشفنا مؤخراً أنها أفقدتنا أهم مورد وهو المياه.
باختصار لا بد ألا تقتصر الزيارة على توقيع عقود تجارية وشراكات اقتصادية إذ لا بد أن نستفيد إستراتيجياً من القدرات الفنية والتخطيطية لمساعدتنا على رسم الخريطة المستقبلية لاقتصادنا الوطني ووضع السياسات اللازمة لتنفيذ هذه الإستراتيجية على أرض الواقع. وهنا أكاد أجزم أن الفرصة أصبحت مواتية للاستفادة من العمالقة الصينين والهنود والماليزيين لتحقيق هذا الهدف الذي طال انتظاره. فهل نجد المجلس الاقتصادي الأعلى يبادر لاقتناص هذه الفرصة؟ أتمنى ذلك عاجلاً.
إشارة
استطاع رئيس الوزراء الماليزي الرائع مهاتير محمد أن يصنع بعد توفيق الله من الاقتصاد الماليزي اقتصاداً منتجاً يسهم ليس فقط في الوفاء بالمتطلبات المحلية ولكنه تجاوز ذلك إلى الوصول إلى الأسواق العالمية كافة. فهل يمكن استثمار هذه العقلية الاقتصادية العالمية لمساعدة كفاءاتنا الوطنية في سن الأنظمة والقوانين ووضع السياسات واتخاذ الإجراءات الاقتصادية التي تهدف إلى تحويل اقتصادنا الوطني إلى اقتصاد منتج بدلاً من الواقع الاستهلاكي الحالي ومن اقتصاد يعتمد على النفط كمصدر رئيس ووحيد للدخل إلى اقتصاد متنوع؟ أتمنى ذلك.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved