Sunday 19th March,200612225العددالأحد 19 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

حدود العلاقات حدود العلاقات
خالد بن عايض البشري/ رئيس سكرتارية دائرة قضائية بمحكمة التمييز بالرياض

الإنسان مدني بطبعه، كما يقال. ومن لوازم المدنية التعارف بين الناس ومخالطتهم والالتقاء بهم ومن هنا تنشأ العلاقات والصداقات فيما بينهم حسب عوامل وأسباب كثيرة.. إلا أن لتلك العلاقات حدوداً لا ينبغي تجاوزها حفاظاً على بقائها وصفائها إذ إنها تتفاوت فيما بينها صفةً.. وقدراً.. ومكانةً.
ثم ان العلم بتلك الأحوال يعين في معرفة تلك الحدود والالتزام بها، ومن هنا يخطئ البعض في المفهوم الصحيح لتلك العلاقات وما يتبع لها. فهناك (صداقة، زمالة، تعارف ونحوها) وما يلزم لأحدها لا يكون كذلك في غيرها بل إن هذا التفاوت يتأكد حتى في النوع الواحد منها وحول الصداقة - مثلاً - هناك العديد من الأصدقاء بيد أن لكل منهم ارتياحاً خاصاً وتعاملاً يختلف عن الآخرين ولا ينقص من قدرهم. وهكذا هي الحال مع الزملاء والمعارف، وغيرهم ولعل الفهم في هذا التفريق يؤكد أن لكل منهم تعاملاً يليق ومكانته الخاصة.
وللتمثيل على سوء الفهم في هذا التفريق بين العلاقات وما يلزم لها فعندما يكون أحدنا في مكان (انتظار) ويجلس بجواره شخص ربما يكون من أولئك الذين (لا يفرقون).
لذا فقد تكون عاجزاً عن مواجهة كل المطالب الموجهة لك ومنها السيرة الذاتية، والعمل، والسكن، والجيران..! بل قد لا يكون الوقت كافياً للرد على تلك الأسئلة و(التحقيقات).. لتستجيب مضطراً من خلال عشر دقائق أو تزيد للإجابة عن تلك التساؤلات. وهذا بلاشك يعتبر من تجاوز الحدود في هذه العلاقة. وصفة ذميمة تتنافى وآداب المجالسة (العامة) وهذا بالتأكيد لا يلغي العلاقة (المؤقتة) سوى ضرورة أن تتناسب المحادثة وواقع الحال.
وقل مثل ذلك في بعض اللقاءات المماثلة وهكذا هي الحال مع الزملاء والمعارف.. ونحوهم، وذلك عندما يتوسع الفرد في كشف سيرته الشخصية ونشر همومه وظروفه الخاصة والأسوأ حالاً
عندما يتتبع الآخرين ويسبر أحوالهم مع الاستجداء، والسؤال المذموم. بل قد تؤول به الحال إلى ما لا تحمد له عاقبة. وإن كان لابد فلا أقل من أن يخص به شخصاً يرتاح له ويستأنس به. ومن تجاوز الحدود في الصداقات أن البعض يظن أن مجرد الصداقة أو (المعرفة) كفيلة بحد ذاتها لإعلان (التعبئة العامة) لإبداء المشاكل وعرض الظروف الشخصية.. ونحوها، وأن ذلك (الطرف) المقصود هو المعين - بعد الله - في البذل والعطاء وإيجاد الحلول، نعم هي بحدودها قد تكون من لوازم الصداقة ونحوها.
غير أن الصديق مثلاً قد لا يكون صاحب رأي - مثلاً - أو مشورة نافعة بل قد يكون فقيراً أو قريباً من ذلك وعندما لا يتحقق شيء من ذلك فربما أن الطرف الآخر قد يسيء الفهم. كما - أساءه - ابتداء لذا فسرعان ما تبوء تلك العلاقة بالفشل.
أخيراً.. الناس بطبعهم وتلقائيتهم لا يفضلون تلك العلاقات المبنية على تلك الفهوم الخاطئة، فالصداقة والاخوة الحقيقية ليست مرتبطة بهدفٍ محدد أو مصلحة معينة تنتهي بتحقيقها أو الحصول عليها بل أهي أسمى من ذلك وأجل قدراً منه.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved