Sunday 26th March,200612232العددالأحد 26 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
عالم بلا أمريكا
نورة المسلّم

تخيلوا عالَماً جديداً يخلو من شرطي المرور في شوارعه والطرق المؤدية إليه، الولايات المتحدة التي تبدو في كل مكان بالعالم، تغرس بندقيتها في كل جسد وكل مكان، وتضبط إيقاع هذا العالم بما يتناغم مع السيمفونية الخاصة بها.
تخيلوا عالماً بدونها، عالم بلا حروب ولا نزاعات ولا قلاقل ولا عداءات ولا عدوٍ متربص أو أوهام رابضة على كل مسكون بنظريات المؤامرات.
بحثت في كل تلك المفردات السابقة وبعضها ما زال حبيساً داخل نفسي، فوجدت أن أمريكا ضلع أكبر يفرد تضاريسه على كل استراتيجية في أي بقعة منها، وإليها تتجه جل محاور هذه المشكلات (العويصة) في الدنيا، التي تبدو شائكة ومعقدة حد انعدام الرؤية على البسطاء وحتى المتفقهون في أمور السياسة الدولية.
فقد انقسمت رؤية جيلنا الحاضر للولايات المتحدة الأمريكية إلى مشهدين: أحدهما مسالم وبسيط لا يتجاوز الحلم والطموح والإبهار العلمي والتكنولوجي وهو ما قبل سبتمبر الأسود، ومشهد آخر لازال حاضراً بقوة حتى الآن، تمثل فيما بعد سبتمبر، نيران ملتهبة وقوافل عسكرية تضرب بيد من حديد هنا وهناك، تصل نبرتها إلى لغة فولاذية على كل عاق للأوامر الأمريكية.
تخيلوا أيضا، لو أن عالم اليوم، عالم بلا قوة متفردة ومهيمنة، ينطبق عليه الحال اليائس الذي يقول:لا مفر منه إلا إليه، هناك مبررات كثيرة لتأكيد هذا الخيال، وهي ظهور كثير من الحروب الوهمية باسم العداء لأمريكا، متمثلة في الإرهاب الذي يقصف أعمارنا بشكل طائش، وربما تعرضت لطلقة عيار طائشة في اشتباك مع إرهابيين يحتمون بمبرر العداء لأمريكا، بينما تتربع هي على عرش قوتها.
تخيلّوا لو أن تلك المقاطعة للزبدة والأجبان والحليب قد شملت منتجات أمريكية أخرى، لو خلت مخازننا من الغذاء, هل كنا سنستغني عن الدواء، وإن حصل ذلك ماذا عن الأجهزة والمعدات الطبية والصحية الأخرى التي تتصل مباشرة بحياة الناس، وإذا حصل هذا وذاك، ماذا عن الأمن الأكبر، المعدات العسكرية والتسليح؟ بعيداً عن بشاعة القوة، وهيمنتها واستبدادها , تخيلوا عالما بلا أمريكا؟ هل سيعم السلام والطمأنينة والعدل وتتصالح القوى الداخلية في كل بقعة في الكون، أم أن عالماً بدون سيدة الكون سيصبح أكثر فوضى؟ ليس مهماً أن نتمنى، المهم أن نتصور، لنعلم حقيقة ماهي الحقيقة، وأن لعبة الشعارات والعداءات من كل الأطراف تجيش لنفسها قوائم طويلة من الأوهام أبسطها أن تشعر كل مخلوق على وجه الأرض أنه مستعبد ومظلوم، وهذه قمة المأساة في عالم بأمريكا أو بدونها، لكنه -بلا شك- عالم مليء باللصوص، لصوص الشعارات، ولصوص العواطف ولصوص المناسبات!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved