Tuesday 4th April,200612241العددالثلاثاء 6 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"حصاد الشورى"

باختصار باختصار
بلا حدود
نورة المسلّم

سيأتي يوم يصعب فيه التكهن بهوية أي عمل إبداعي أو ثقافي، وستذوب كل هذه التفاصيل والحواجز التي شيدنا لها حصونا منيعة ضد الاختراق بحجة الرقابة، بعدما اكتشفنا كغيرنا أننا نهدر جهدا خارقا على الحجر والوصاية بينما هي في الحقيقة تطير مع الهواء بفعل أدوات العصر الحديثة التي تسابق الريح، على سبيل المثال يمكنك قراءة الكتب وشراؤها على (النت) وتصلك آمنة مطمئنة أينما تكون، وغيرها من المعلومات التي تتدفق رغم أن الضريبة هنا هي سوء النقل أحيانا وظهور الإفرازات السالبة كعدم صحة الأخبار وتزايد الإشاعات المنقولة إلكترونيا!
الآن لا تستطيع التصنيف لمعظم ما يقع بين يديك، حين تقرأ رواية أو تستمع إلى موسيقى أو تشاهد مسرحية, الإبداع والأعمال الإنسانية الأخرى تحررت من هوياتها، وأصبحت لها سيقان تنتقل في أرجاء المعمورة، ستذهب إلى ركن قصي في شرق آسيا وتجد أن محلاً صغيراً يقدم لك (الطعمية) وربما كنت في منهاتن في نيويورك وتجد من يقدم لك (الشاورما) وتذهب إلى مدينة صغيرة في أي بقعة فتستمع إلى أغنية عربية ربما لا تعرفها، وتجد أن من يستمعون إليها ليسوا عربا!
رواية البؤساء لفيكتور هوجو، مترجمة بأكثر من لغة، وتعرض كمسرحية في باريس ولندن ونيويورك، منذ أكثر من ربع قرن، المسرحية كمثال فقط، تعرض في نفس الوقت أكثر من مرة في الأسبوع وأكثر من مكان، وربما تساءلنا: كيف لمسرحية أن تواصل عرضها لأكثر من ربع قرن، كيف بالممثلين أن يتنقلوا بهذه السرعة في أكثر من قارة لأداء عروضهم؟
التركيز هنا على العمل الذي تذوب فوارقه وتتجاوز المركزية لإيصال الفكرة كما هي، الإبداع لمحة خاطفة يخطفها المتلقي ببصره وذهنه وذائقته دون أن يعلم بالتحديد أين توقفت دهشته، لذلك تجد أن رغبات الإنسان في الاطلاع والثقافة غير معلومة ولا مشروطة إلا بعد أن ينتهي من مشاهدته تماما، دون أن يغرق في الأسئلة ما هي هوية الكاتب ومن هم الممثلون، تماما كما لو كان عابرا في طريق في أي مدينة آسيوية أو أوروبية وتوقف لتناول الغذاء، فيجد أن قائمة الطعام تحوي أصنافاً عربية لم يأكلها في بلده منذ زمن!
هذه هي حلية العالم اليوم ورداؤه الذي لا هوية له ولا تصنيف، هناك منظومة إنسانية رائعة، تتحدى عقبات السياسة وآثامها، وأظن أن مرحلة الذنب السياسي قد تولت، حين كانت الشعوب المقموعة تهاجر هربا من جور قادتها فتفاجأ بأنها من يسدد الثمن، وأنها تحمل هوية مرفوضة في أي مكان، بينما الآن تجد الجنسيات المتعددة تعمل في كل مكان وتتمتع بحقوق معقولة ولم يعد هاما أبدا أن تسأل من أين أنت كهوية، بل ما هو عملك وما هي موهبتك؟!
اكتشف العالم هذا التناسق الإنساني الذي كان يفترض أن يكون من قبل، إلا أنه لا يعني بالضرورة أن العدل الإنساني قد أصبح سائدا، لكنها فكرة أن الإنسان خلق لكي يتحرك ويحرث الأرض وهو من يكوّر الأرض ويجعلها دائرة تلامس أطرافها بكل يسر وسهولة، الإنسان هو الإنسان ذات المطالب وذات الاحتياجات!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved