Wednesday 5th April,200612242العددالاربعاء 7 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"متابعة "

وداعاً..عميد التربويين وداعاً..عميد التربويين

رحم الله والدنا وشيخنا ومربِّينا الفاضل عثمان الصالح الذي لم يكن مجرد شخصية عاشت بيننا وهي تحمل مواصفات الأفذاذ من الوفاء والتواضع والإخلاص، بل تمتع - رحمه الله - (بكريزما) ووهج ضاهى به نجوم الصفوة والنخبة من الأدباء والمثقفين والفنانين ونجوم الكرة.. وكنت أعجب من هالة الوفاء والصفا والوقار الظاهر في محيَّاه من خلال صوره ولقاءاته الصحفية والمرئية.
وأرجعت تلك الهالة والنقاء إلى الإعجاب بقيادته التربوية والاجتماعية لصفوة رجال مجتمعنا من الأمراء والوزراء والأعيان والمثقفين.
وشاء الله أن كلَّفني وشرَّفني سعادة مدير عام حرس الحدود الفريق الركن طلال بن محسن العنقاوي بأن أكون عريفاً ومقدِّماً لمحاضرة يلقيها المربي الفاضل - رحمه الله - لمنسوبي حرس الحدود بالرياض.. واستعداداً لمواجهة ضيف مهيب... قرأت كثيراً عن شخصيته الجادة والحازمة.. ورأيت من الواجب اللقاء به مسبقاً لعرض محاور اللقاء... فلجأت إلى صديقي وأخي الحميم والحبيب الفذ الأمير عبد الرحمن بن سعود بن عبد العزيز - رحمه الله - لمعرفتي بمدى ارتباطه وصداقته الحميمة بأستاذه.. فاتصل سموه بشيخه وأستاذه وابتدره بدعابة شرطها بأن يكون استقباله لي مماثلاً لما كان يفعله معه إذا تأخر عن الحضور إلى المدرسة أو قصَّر في أداء واجبه... وبمجرد دخولي إلى داره العامرة حرص - رحمه الله - على إضفاء روح الدعابة مبدياً اعتزازه بلقاء رجال حرس الحدود.. لكن أمام ذلك شرط.. أنا.. أساسه ومربطه.. فأجبته بأنه الأب.. وأنا الابن.... وطلبك أمر فقال مازحاً.. تتناول معنا طعام العشاء وإلا سأطلب نقلك إلى الحدود.. فقلت يا سيدي ذلك هو الشرف.. فضحك.. وسعدت وأنا أجلس في حضرة هذا الرجل القامة والهامة.. وابتدرت الحديث معه... متسائلاً: لماذا عرفت بالحزم والصرامة في تربية تلاميذك.. فأجاب بأنها الأمانة التي نآت بحملها الأرض والجبال.. وفاخر - رحمه الله - بأولئك التلاميذ النجباء الذين أوسعوه الوفاء والنقاء والتواصل.. ومكرراً بأن هؤلاء الأفذاذ من تلاميذه لن يجود الزمان بمثلهم.
وخرجت من داره وأنا أحمل عدوى التعلّق بشخصيته الفذة والساحرة..
وعوداً على بدء فقد كانت محاضرته لرجال حرس الحدود وثيقة في الوفاء والوطنية.. وأثرى الحضور بذكرياته وتجاربه وبالذات عندما تحدث عن إنسانية الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن وكيف كان يحرص على متابعة تعليم أبنائه وأحفاده، وكذلك الملك سعود بن عبد العزيز - رحمه الله - الذي كان يحرص على حضور حفلات ومناسبات أولياء الأمور.. كأي أب..
وتوالت الأيام... وجاءت لحظة الرحيل والوداع التي إليها نحن جميعاً سائرون.. وكم كان الموقف مؤثراً وحزيناً لتلاميذه ومحبيه.. وكان أكثر المتأثرين لوفاته رجل عُرف عنه الوفاء والوضوح حتى في مشاعره.... ذلكم هو صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية - حفظه الله - الذي حرص أن يكون في وداع أستاذه حتى لحظة دفنه في الثرى.. وأقسم بالله ثلاثاً. أنني لم أستحضر حزن الأمير أحمد بن عبد العزيز من باب المجاملة والرياء لكوني أحد المتشرِّفين بالانتساب إلى مقام وزارة الداخلية.. وإنما من باب توعية جيلنا وشبابنا الحاضر بأن الوفاء للوطن ورموزه هو أساس أخلاقيات ديننا وعاداتنا ونواميسنا.. وما نتمناه.. ويجب أن نحرص عليه هو أن نغرس الوفاء في أعماق وروح شبابنا.. فمن يكون منهم وفياً.. لأستاذه ومربيه.. حتماً سيكون وفياً لوطنه ومليكه ومجتمعه..
** وبعد.. الوداع لشيخنا ومربينا الفاضل فإن من الواجب أن نكون أوفياء لرمزية هذا العملاق الشهم وتاريخه... وذلك من خلال توثيق ذكرياته وما قدَّمه للوطن عبر تشكيل جميعة، أصدقاء عثمان الصالح.. وأتمنى أن يكون على رأس مؤسسيها طلابه ومريدوه.

العقيد:عبد الرحمن سالم الزهراني /المديرية العامة لحرس الحدود

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved