Friday 21st April,200612258العددالجمعة 23 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"عزيزتـي الجزيرة"

من مذكرات معلمة من مذكرات معلمة
العلم بين النظرية والتطبيق

تعقيباً على ما ينشر في الجزيرة من مواضيع تتعلق بالعملية التربوية والتعليمية أقول: يقول علي فكري في كتابه (السمير المهذب): أراد أحد الأساتذة أن يتعلم فن السباحة، فأحضر كتباً في (علم السباحة) وقرأها، وجعل يتدرب في غرفته فوق السرير تارة، وعلى سطح الأرض تارة أخرى، حتى أيقن بالقدرة على أن يسبح في الماء، فجمع تلاميذه، وإخوانه الأساتذة ليسبح أمامهم في البحر، فلما نزل تلقفته الأمواج، تارة، وتدفعه تارة أخرى، حتى أوشك أن يهلك، فأسرع إليه الناس وأخرجوه من بين لجج البحر.. فلو أنه أجرى تجاربه وتدريسه علمياً في البحر لكان من الناجحين، لأن العلم بالعمل.
فما الذي جعل الأستاذ كاد أن يغرق؟ فالأستاذ لديه العلم والنظريات ولكنه لم يقم بالتطبيق قبل ذلك، كذلك الوضع بالنسبة لطالب المدرسة الذي باستطاعته تقبل أي شيء في سنه الصغير الغض. فلماذا لا نغرس فيه حب العلم والرغبة في التفكير حتى في أبسط الأشياء؟ خصوصاً وأنه في سن الطفولة والمراهقة يكون التقبل سهلاً ومرناً.
وهنا يكمن دور المعلم بالدرجة الأولى، فما أعظم المعلم الذي يعطي ويخلص في ذلك ليفيد ولا يأخذ إلا الشعور بلذة العطاء. وما أضعف موزع الكلمات الجوفاء.. الذي لا يعطي إلا الشيء اليسير وهو بعيد كل البعد عن الإقناع والتشويق والتطبيق.
ألستم معي ومع (جبران) حين قال: (أحب الذي يشتغل بفكره، فيبدع من التراب ومن خياله صوراً حية جميلة نافعة).
فباستطاعة المعلم جعل الدرس مشوقاً ومثيراً من أبسط الأشياء ومع أضعف الطلاب، فليس كل طالب كسول ملول بالفصل غبياً وفاشلاً، بل باستطاعة المعلم ان يحفزه ويجعله ينتقل من الفشل إلى ذروة النجاح.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر، باستطاعة معلم اللغة الإنجليزية أن يساعد الطالب بأن يصنع له قاموساً صغيراً بجمع فيه الكلمات الجديدة التي يأخذها كل يوم، ويكوّن من هذه الكلمات جملاً وعبارات صحيحة حتى ولو كانت بسيطة جداً. فهذا يساعد الطالب على أن يعرف معنى الكلمة ونوعها، وبذلك يستطيع أن يبني جُملاً بطريقته التي يريد، وهذا سيؤدي إلى أن يعتمد الطالب على نفسه. وكلما زاد التمرين زادت ثقته بنفسه أكثر، لأن ما يضايق الطلاب هو عدم ثقتهم بأنفسهم وخصوصاً مع (اللغة الإنجليزية) وهكذا مع جميع المواد.
فالإسلام حث على الفطنة ودقة الملاحظة والحرص على كل شيء والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن كيّس فطن).
وتخيلوا لو أن كل معلم طبق أسلوب النظرية والتطبيق في مادته لزرع حب المعرفة والإبداع والبحث، ولأبدع معظم طلاب هذا الوطن ولأعطوا المزيد من الطاقة والحماس ولاكتشف كل طالب ذاته من خلال تجاربه الخاصة به.
ومعنى ذلك أن فكرة النظرية والتطبيق ستقود إلى التشويق والتشويق سيقود إلى شغف المعرفة، والمعرفة ستقود إلى الإبداع، والإبداع سياتي بأفكار جديدة، وكل نجاح سوف يتبعه نجاح بإذن الله، وهذا سيقود إلى تحديد ميول الطالب وما يريده في المستقبل.
فلو لم يكن (نيوتن) فطناً قوي الملاحظة لما ألقى بالاً إلى التفاحة التي سقطت أمامه من الشجرة.. ولو لم يكن (أديسون) فطناً شغوفاً بالبحث والعلم لما أضاء المصباح الذي أنار العالم وليس له بديل إلى الآن!!.
لقد قال (ميخائيل) نعمة: إنها لجريمة أن يحيا الطالب في مدرسته حياة بينها وبين الحياة خارج المدرسة هوة سحيقة!.
إن المعلم الاعتيادي ذا الطريقة الاستقرائية البعيد كل البعد عن التجديد والتغير والانطلاق في بحور العلم وآفاقه الواسعة، إنما يسحق الشوق في نفس الطالب ويغرس مكانه السأم.. والملل.. والرتابة.. وقد يترتب على ذلك بأن يترك الطالب المدرسة - لا قدر الله -.
هل نريد أن ننقل طلاباً من مدارسهم إلى الجامعات وشؤون الحياة وقد تعلموا حفظ الكتب فقط؟.. واختصاراً هل ننتج جيلاً تعلم علماً بلا عمل؟!.. وكما قيل علم بلا عمل كنحل بلا عسل. فيا أيها المعلم.. ازرع حديقة فواحة بالورود تجذب إليها كل الفراشات والنحل والطيور وانزع الشوك من طرقاتها! ولا تكن كالفزاعة!! التي تبعد العصافير عن حقل (الدخن). وللحديث بقية،،،

نجلاء عبدالعزيز القويز

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved