|
|
انت في |
من أقوال المؤرخين أن من عرف أخبر من أخبار أضاف أعماراً إلى عمره. إن توثيق الحياة الاجتماعية عمل مضن وشاقٍ على الباحثين في الدراسات الانثروبولوجية، ومن أراد ذلك فهو يعلم أن الموضوعية في التوثيق أمر لا مفر منه، لأنه يحفظ تراث مجتمعه ويحمله في ذاكرته وينقله إلى ذاكرة الآخرين. إن الأمانة العلمية والأكاديمية تحتم على الباحث الانثروبولوجي أن يكون وثائقياً في المضمون ويحترم خصوصية مجتمعه ويحمل ضميراً أخلاقياً وحساً مرهفاً يتجاوز به الخصوصية الذاتية والتحيزات الفكرية، وأن يكون حيادياً في الشكل والمضمون، لأنه يوثق حياة كاملة بما تحمله من تفاعلات، وقيم، وأدوار، ومعرفة، وأسس، وقواعد، وقوانين بُنيت عليها هذه الحياة محور التوثيق، إن تفعيل الحياة الاجتماعية مرهون بما حدث في الماضي، فالباحث الانثروبولوجي يكاد يكون الوحيد القادر على ربط الماضي بالحاضر في سياق واحد وتناغم واحد ورؤى علمية تتسق والذات الوطنية، ورغم التحولات الاجتماعية والثقافية في المجتمع السعودي المعاصر، إلا أن المجتمع السعودي يحوي عدة ثقافات فرعية تشكلت عبر التاريخ كان من سماتها الانغلاق وشكلت كيانات مستقلة تعمل بذاتها وبشكل منعزل إلى أن جاء الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ووحد المملكة واجتمعت هذه الثقافات متفاعلة بعد أن عمل على انفتاحها على بعضها بعضاً، ورغم أن هذه الثقافة كانت منغلقة إلا أنها بعد انفتاحها على بعضها صار تأثيرها قوياً وملموساً في الحياة الاجتماعية وتم تناقلها عبر الأجيال وأصبح القديم يعيش مع الحديث، فالتوثيق لهذه الثقافة الماضية الحاضرة يعد من المهام الانثروبولوجية ومحور دراستها، إذ إن رصد هذه الثقافة وأدوارها في إطار الحياة الاجتماعية يجعل الماضي حاضراً في ذاكرتنا عبر نقل الثقافة من جيل إلى جيل، فما زالت حية وتعمل في إطار سلوكياتنا وتفكيرنا وطرق حياتنا وأسلوب معيشتنا والتوثيق هو الذي يحفظ هذا التراث الهائل الذي لا يزال حياً. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |