Tuesday 2nd May,200612269العددالثلاثاء 4 ,ربيع الثاني 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

تعاملك مصدر سعادتك تعاملك مصدر سعادتك
خالد بن إبراهيم الجعيثن /بريدة

بعد أن أشرقت شمس الصباح، استيقظ من نومه نشيطا؛ فقد أخذ الجسم كفايته من الراحة، فغادر منزله إلى مكتبه، وعندما عاد بعد الظهر عاد بروح منكسرة كئيبة؛ فقد تعب من كثرة المراجعين وإلحاحهم لسرعة إنجاز أعمالهم، فخرج بعد العصر لإحضار طلبات المنزل، تلك الطلبات التي لا نهاية لها.


يبقى للمرء حاجات ما بقي
ويموت المرء ما انتهت حاجاته

ورجع بعد جولة سوقية متذمرا، يظهر عليه السخط من كثرة الزحام وقلة المواقف وارتفاع بعض الأسعار.
وقبل النوم أنصت إلى نشرة الأخبار، فإذا هي قتل ودمار، وتهديد ووعيد من الكبار للصغار، فنام بعدها مكسور الخاطر حزين الفؤاد.
وجاء آخر الأسبوع فذهب مع زملائه في نزهة، ولكن للأسف تعكر المزاج، لماذا؟ لأن الحضور لم يقتنعوا برأيه وسمع من أحدهم كلمة جرحت قلبه، فعاد بنفسية تعيسة.
ما سر انقلاب المزاج من سكون وانبساط إلى كدر وانزعاج، خلال ساعات قليلة بالتافه من الأمور والحقير من المزعجات؟ السر في أن الفرد حول حياته إلى حالة طوارئ على الدوام ويريد أن يصير كل شيء على ما يرام.
قال الغزالي: (إن الركض في ميادين الحياة بقدر ما يجلي البدن بالغبار والعرق، يجلي الروح بالغيوم والأكدار).
يقول الدكتور جمال الطويرقي:
أكثر من أربعين بالمائة من البشر يصابون بالاكتئاب في فترة من فترات حياتهم؛ نتيجة لظروف الحياة المعكرة. والحل ميسور لمن أراده، ولكن يحتاج إلى من يلتقطه بل يشمه، وعسير على من يعظم التوافه ويكبر الصغائر.. ولا تتحطم إذا تعثرت عليك الأمور، فهون على نفسك.. وهاك وقفات سريعة اقتبستها من واقع الحياة:
1- مما يخفف التوتر ويزيد الإحساس بالأمان أن تسعى الى إدخال الأنس والسرور على الآخرين، وكلما أسعدت إنساناً فقد أسعدت نفسك، فقد أظهر مسح أجرته جمعية الخدمات التطوعية البريطانية أن 63% من أصل 600 متطوع للقيام بأعمال خيرية وتقديم الخدمات قل مستويات التوتر والقلق لديهم بنسبة كبيرة.
وكلما كان الفرد ذا طابع فردي لا يعتني بمن حوله فهو بذلك يخالف تكوينه الاجتماعي.
يقول الدكتور واليش الذي شارك في إعداد دراسة في هذا الموضوع استغرقت خمس سنوات إن الأشخاص الذين يتصفون بالأنانية ليسوا سعداء بعكس الذين يتصفون بالكرم ومشاركة الناس، حيث كانوا أكثر سعادة ورضا في الحياة. فعلى الإنسان أن يحاول في جلب السعادة لنفسه من خلال جلبها هو لمن يتعايش معهم، وبعيداً عن ماذا ينبغي فعله معهم، فالقاعدة تكفيك التي تقول (كل ما يسعدك من الآخرين فهو يسعدهم).
2- تضطرك الحياة دوما إلى التعامل مع الناس، فكن حذرا من الاصطدام معهم، ومن لا يصلح للمصاحبة فلا تدخل معه في مضاربة.
ومن اختبرته ووجدته لا يصلح صديقا فاحذر من أن تجعله لك عدوا، وتعامل معهم كما تتعامل مع شجر ذي شوك، اقطف ثماره وكن على حذر من أشواكه.
زميلك فيه ما تحب وما لا تحب..


ومن لم يغمض عينه عن صديقه
وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة
يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب

وزوجتك هي لباسك وسكنك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنه إذا كره منها خلقا رضي منها آخر) رواه مسلم. ففي أخلاقها ما تريد وما لا تريد.
وعملك ووظيفتك ألست اخترتهما بمحض إرادتك وتجني نتاجهما، فلماذا تذكر مساوئهما وعيوبهما؟.
فالناس والأعمال بل الحياة كلها لها جانب مظلم ومضيء، فأدر ظهرك للمظلم وعش مع المضيء واستمتع به.
3- وليكن الصمت جوابا في كثير من نقاشاتك، فالصمت أخو الرضا، وسلامتك في حفظ لسانك، وهو دواء فعال عند الغضب والانفعال.


والصمت أجمل بالفتى
من منطق في غير حينه

ودائما الفم المغلق لا يعادي أحدا، ولأن احتجت إلى الاعتذار من الكلام أحيانا، فلن تحتاج إلى الاعتذار من الصمت بدا، وكل خصومة مبدؤها كلمة، وكل مقاطعة ومدابرة بين اثنين إنما بدأت بنقاش تافه فاستشرى نارها بكلام حاد من أحدهما أو كليهما، ولو لزم السكوت أصبرهما لاستمرا على الوداد والوئام وسلما الخصام.
شتم رجل أعرابياً فلم يجب، فقيل له في ذلك فقال:
أنا لا أدخل في حرب الغالب فيها شر من المغلوب.
وعن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من صمت نجا) رواه الترمذي والإمام أحمد وصححه الألباني.
والمقصود بالصمت، إذا أصبح الكلام عديم الفائدة، وأما إذا كسبت به الحسنات فذاك الكلام هو المبرور والمرفوع {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}.
وهذا ما تحتاجه في دنياك، فاختر أجمله {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَن}.وليكن صمتك أدبا واحتراما لا خورا وضعفا.
4- ومن صفاتك الرائدة أن تصبح مرنا كالماء يصطدم في الصخرة فيجري عن يمينها أو شمالها أو من فوقها وربما تحتها كالمياه الجوفية.
فأنت كائن متكيف إذا ذهبت مثلا لمهمتك فوجدت الطريق مغلقا هل ترجع أو تبحث عن طريق آخر؟..
وهكذا بقية أمور حياتك، فأجمل عادة ألا يكون لك عادة، فمن لا يسمح الوقت لزيارته فاتصل به، وإذا أصابك فتور عن الصيام فعليك بالصدقة وقراءة القرآن، والكتاب أو الكاتب إذا لم يعجباك فابحث عن غيرهما، والطعام عندما يتأخر داعب أطفالك أو طالع رسائل جوالك، ومن قسا في عباراته فاغفر زلته؛ فأعقل الناس أعذرهم للناس.


وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي حسن

ومهما قيل في أسباب الراحة والهناء وفي التحذير من مصادر التعاسة والشقاء يبقى أن هناك أفرادا يقتنعون ويتأثرون فيحدثون تعديلا في سلوكهم وتصحيحا في أفكارهم، فهنيئا لهم على شجاعتهم. وثمة فئة ليست قليلة يقتنعون ويتأثرون فأول جهد يبذلونه هو التنقيب عن الاعتذار لذواتهم وإلقاء التبعة على الآخرين، فهم وشأنهم، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فالسعادة كنز فاحذر أن تسلب منك في معترك الحياة وأنت لا تشعر فتحطمك التوافه.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved