قد يظن البعض أن معنى السياحة مقتصر فقط على الفنادق وعلى مناطق الغابات أو المتاحف، فيهتم بجزء ويهمل الجزء الآخر والذي لا يقل أهمية عن الهدف الأساسي من زيارة السائح.
فلذلك توجب علينا أن نصنع سياحة في كل خطوة يمر بها السائح منذ الوهلة الأولى التي يفكر فيها بزيارة ذلك البلد.
ومما لا يخفى على أحد أن السياحة في أي بلد تعكس للزوار طبيعة وثقافة ذلك البلد، فيجعل ذلك مقياساً لأخلاقيات البلد عامة، فمن باب أولى أن تكون بلدنا والذي هو منبع الرسالة الخالدة وأصل الأخلاقيات السامية علماً في ريادة السياحة وريادة تقديم خدمات الضيافة لكل ضيف اشتاقت نفسه لزيارة أرض الحرمين الشريفين.
إن التعاملات الرسمية لأي زائر في بلد هو غريب عليه إنما تعني جمع معلومات وتقييد بيانات، ويبقى بعد ذلك إثبات ما تحمله تلك البلد من أخلاقيات، وإبراز ما تعلمه الفرد في تلك المجتمعات. إن الدائرة التي يمر بها الزائر يجب أن تكون متكاملة ومترابطة لا يمكن فصل حلقاتها عن بعض، فمنذ الوهلة الأولى التي يتم فيها توجيه الدعوة للسياح بزيارة بلدنا يجب أن تكون دعوتنا صادقة في شكلها مطبقة لمضمونها دون مبالغة أو تدليس حتى يجد القاصد للزيارة مبتغاه على الوجه الذي شاهده وسمع به.
وعند الخطوة الثانية لعمل الحجز لدى أي مكتب يمثل بلدنا يجب أن تكون الصورة مشرفة في وجوه موظفينا فينجزوا أعمالهم بكفاءة وفعالية.
المرحلة الأهم والتي يتم فيها بدء العد التصاعدي لقياس أخلاقياتنا والتي تمثل الانطباع الأول لكل زائر لأي بلد هي في منطقة بدء الرحلة وأعنى بها المؤسسات التي تقوم بمهمام استقبال الزوار من مطار أو عن طريق البر ممثلة بمراكز الحدود والجوازات فهم لبنة لا يمكن تجزئتهم في مجال السياحة والضيافة، فهم أول من يضع البصمة الأولى لمكنونات الزيارة فبها يتفاؤل الزائر بنجاح الزيارة إن كانت على الوجه المطلوب.
والخطوة التي تليها يتم فيها تسهيل ترتيبات المأوى، ولا يخفى علينا أن الضيافة العربية قديماً كانت ترفض المقابل المادي لأي خدمة تقدمها، فمن باب أولى عندما تكون الخدمة بالمقابل المادي يتحتم علينا إعطاء خدمة أكثر مما يتوقعه الزائر.
وبعد ذلك يقوم السائح بالتجوال في البلد الذي طالما انتظره ليكون واجداً من أفراد مجتمعه فيجد اللوحات الإرشادية الواضحة التي توصله بكل يسر وسهولة لمقدصه إن كان بسيارته، وإن كان عن طريق خدمة المواصلات يجد المرشد الواعي الذي يعرفه على معالم بلده وتاريخه ومميزاته، فإن ذلك أيضاً يشكل عاملاً مهماً في تقييم السياحة الداخلية، فهنا يجب أن تكون خدماتنا متميزة وميسرة حتى يستطيع السائح التنقل بين المزارات بيسر وسهولة، وحين يصل الزائر إلى ذلك المقصد سواء كان متحفاً او مناظر طبيعية أو مركز تسوق فينبغي أن تتوفر فيه جميع الخدمات التي تساعد على جعل ذلك المكان جديراً بالاهتمام ومنطقة تستحق العناء فترسم على محيا ذلك السائح الرضا التام لما بحث عنه، وليكن لدى جميع المتعاملين بصورة مباشرة مع السائحين التعليم المقنن في فن التعامل مع الضيوف، وأن تكون الأخلاق الإسلامية التي تعلمناها من دييننا هي شعارنا لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ بذلك فقال (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
ومن هذا المنطلق شرعت الكلية التقنية بالمدينة المنورة في تحقيق كل ذلك من خلال العمل الدؤوب على تعليم أبنائها كل خطوات النجاح في مجال السياحة فكانت السباقة في بدء افتتاح صرح علمي هائل يحمل مسمى (كلية السياحة والإدارة) والتي تعطي كل ما هو مفيد وفعال لأرض طيبة بخاصة ولبلدنا عامة بالإضافة إلى المكافآت المجزية التي تقدمها لطلبتها وهذا مما يدل على حرص هذه الدولة على تعليم أبنائها كل ما هو في صالحتهم حتى يكونوا يوماً ما رواد السياحة العالمية إن شاء الله.
|