Tuesday 6th June,200612304العددالثلاثاء 10 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

داء الحميمية! داء الحميمية!
عبد الباسط شاطرابي

ما انفك عبد الرحمن زروق، وهو صحافي متميِّز، يلوم صويحبكم على عدم امتطاء صهوة التقنية، فقد وجدني متلبِّساً باستعمال القلم في الكتابة بدلاً من الحاسوب!
الرجل ظلَّ يحذِّر من أنّ الزمن سيتخطّى غير المواكبين، وأنّ المستقبل القريب لن يوفِّر مكاناً لكلِّ من لا يجيد النَّسخ الحاسوبي ويتقن فنونه!
قلت لمحدِّثي محاولاً تبرير فشلي: المشكلة ليست في النَّسخ، لكنها في (الحميمية) التي تربط الكاتب بالقلم، فالنَّسخ تعبير بلا روح، في حين ينفخ القلم روحاً وأحاسيس في المادة المكتوبة تبقى حتى لو تم - فيما بعد - نسخها!
استكنت لهذا التبرير ردحاً من الزمن، لكن مسألة أنّ المستقبل القريب لن يوفِّر مكاناً لمن لا يجيد النَّسخ ظلّت تنقز في مخِّي، فمن ذا الذي لا ينفر من فقدان وظيفته خصوصاً في هذا الزمن اليابس؟!
استعذت بالله من الشيطان الرجيم، ثم استجمعت فلول إرادتي الواهنة لقمع جيوش الكسل، وبدأت تدريباً ذاتياً قاسياً لترويض لوحة المفاتيح وتليين نفورها ونفوري!
كان الأمر بالفعل صعباً عصيّاً، فالتعلُّم في الكبر ابتلاء لا يعرف صعوبته إلاّ المجايلين لصويحبكم عمراً! لكن غريزة البقاء والمواكبة استمرت متّقدة، كما أنّ الهواجس الناقزة ظلّت تفعل فعلها أحلاماّ وكوابيس، لأجدني - أخيراً - وقد اقتحمت أسوار القلعة وأنا غير مصدِّق!
نعم .. لم يمر أسبوعان أو ثلاثة حتى وجدت أصابعي تتقافز على لوحة الحاسوب، ووجدت جدران النفور العالية تتشقق وتتضعضع ساعة بعد ساعة ويوماً بعد يوم.
قلت ل (زروق) حاملاً له البشرى: لقد استفدت من كلامك أيُّها العزيز، ولقد استطعت - رغم وطأة العمر - تعلُّم النَّسخ الالكتروني باللّمس واقتحام قلاعه بجدارة واستحقاق!
لكن إجابة الصديق فاجأتني وهو يقول: وأنا أيضاً استفدت من كلامك، فالمشكلة بالفعل ليست في النَّسخ، لكنها في الحميمية التي تربط الكاتب بالقلم حين يمارسان الركض سوياً بين الكلمات والسطور !
* ومضة:
ومن كُتبت عليه خطى .. مشاها!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved