في زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لليمن بشائر خير لبلدين تربط بينهما روابط الدين واللغة والحدود المشتركة، وفيها تأكيد على العلاقات المتميزة بين المملكة واليمن، علاقات الجوار الحسن، وتجاوز بعض مواقف الخلاف، والحرص على استقرار البلدين وأمنهما، إنها زيارة مباركة - إن شاء الله - لها وقع خاص في النفوس، لا سيما في هذه المرحلة التي تحتاج من دول المنطقة إلى ترسيخ العلاقات، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات العالمية التي لا تخفى.
ولقد كانت أطّلع في سنوات سابقات على بعض نتائج مجلس التنسيق السعودي اليمني الذي كان يجتمع في دورات متعددة اجتماعات يسود فيها الشعور بالهدف المشترك رغم اختلاف وجهات النظر، وها نحن نرى في زيارة ولي العهد - وفقه الله - نتائج تلك الاجتماعات حيث صدر البيان الختامي المشترك في ختام اجتماعات الدورة السابعة عشرة لمجلس التنسيق السعودي اليمني.
وقد وقّع البلدان على الخرائط النهائية للحدود وعلى عدد من اتفاقات التعاون الأمني والتجاري، وإنها لنتائج مبشرة بمستقبل مشرق - إن شاء الله- بين بلدين تتواصل حبالهما عبر التاريخ القريب والبعيد.
إن التصريحات من مسؤولي البلدين ومن بعض الشخصيات السياسية في العالم الإسلامي لتؤكد أهمية هذه الزيارة، وأهمية توقيع الخرائط النهائية للحدود السعودية اليمنية لتحقيق مصالح مشتركة لا شك في أهميتها للبلدين حكومة وشعباً، وإذا كان هذا الترسيم النهائي قد أثلج صدور أهل البلدين فإن له دلالات إستراتيجية وأمنية وسياسية واقتصادية، ستكون عاملاً مهماً من عوامل الترابط القوي بين البلدين للوقوف في وجه أي خطر عليهما وذلك بسبب التداخل القوي بينهما جغرافياً وبشرياً.
وإذا كان الجانب الأمني هو الجانب الأهم في مثل هذا الترابط، فإن الجانب النفسي لأهل البلدين، له أهمية كبيرة لأن المملكة - رعاها الله - هي الخيمة الكبيرة التي يستظل بظلها كثير من الإخوة اليمنيين في مجالات متعددة.
وما زلت أذكر كلمة ذلك (الشيخ اليمني) الذي قضى في قريتنا أكثر من ثلاثين عاماً، حينما حدثت حرب الخليج على أعقاب غزو صدام للكويت، حيث قال بعد أن سألته، هل ستذهب إلى اليمين؟.. فقال: كيف أذهب وأترك هذه البلاد التي أنعم فيها بالراحة وأحصل فيها على لقمة العيش وأجد فيها من روابط الأخوة والمودة ما يجعلني أشعر بأنني في بلدي وبين أهلي، وقال: هذه المملكة بلد كبير، منَّ الله تعالى عليها بفضل كبير، وحقَّق لها من الخير ما يوجب على أهلها الشكر لربهم، وعلى الوافدين إليها دعمها والدعاء لها.
إن الشعوب العربية بصفة عامة، تعيش روابط دينية وتاريخية وثقافية لا يمكن أن تنفصم، وما فرَّق بين هذه الشعوب في بعض الفترات إلا الخلافات السياسية الحادة التي كان الإعلام يشارك في تضخيمها، ولكنها ذات أثر سلبي وقتي، حينما تهدأ تعود المياه إلى مجاريها. إن سياسة المملكة العربية السعودية القائمة على تفضيل التفاهم والتعاون والبعد عن الإثارة قد أعطتها قيمة خاصة، وجعلت لها مكانة كبيرة في المحيط السياسي العالمي، وما أجمل أن تكون العلاقات في عالمنا الإسلامي قائمة على مثل هذا الترابط، معتمدة على عظمة عروة الإسلام الوثقى بعيداً عن الأيديولوجيات التي تفرق ولا تجمع، وتسيء ولا تحسن. نهنئ صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز والقيادة اليمنية على هذه الخطوة المباركة، وندعو للبلدين الشقيقين بالأمن والاستقرار الدائمين.
إشارة:
منهج الإسلام يا أبناءه هو نبراسي الذي يرشدني |
www.awfaz.com |