Tuesday 6th June,200612304العددالثلاثاء 10 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"منوعـات"

نوافذ نوافذ
حتى لا نبدو
أميمة الخميس

لا نختلف بأن المركزية الثقافية في العالم العربي قد غيبت حقوق الأطراف والهوامش بشكلٍ كبير حينما كانت القاهرة وبيروت هي المعنية بصياغة الآداب والفنون بل إن معظم الايديولوجيات السياسية كانت تترجم وتسوق فكرياً عبر تلك المصانع الثقافية ومن ثم يتم تصديرها للعالم العربي الذي كان في فترةٍ ما من القرن السابق يستهلكها ويتمثلها بكثيرٍ من التقدير والاحترام على اعتبارها انطلقت من المصدر وعبّرت عنه.
وكان من العار على أدباء الهوامش ألا يعرفوا أدباء المركز ويطلعوا على إنتاجهم ويترنموا أشعارهم، ويرصفوا كتبهم في مكتباتهم، على المستوى التاريخي يبدو هذا الأمر طبيعياً، نتيجة للفارق الحضاري بين المراكز والأطراف آنذاك، فعلى سبيل المثال نحن تجربتنا في الخليج كانت لفترة طويلة تنحصر في ثقافة الصحراء الشفوية، ولم يأخذ التعليم وقتها لدينا شكله المؤسساتي بعد.
لكنه بات من الواضح الآن أن تلك مرحلة قد مضت وانقضت وتخلخلت المراكز عن مواقعها القديمة وبات هناك حراك ثقافي مهم في الكثير من مناطق العالم العربي ولاسيما مع اتساع حركة الترجمة والتعريب في المغرب العربي ومع الطفرة النفطية للدول في منطقة الخليج وبدأت الأضواء تتسلط على تجارب كانت مغيبة أو أنها كانت تضطر إلى اللجوء إلى المركز ليتم الاعتراف بها ومن ثم تسويق أعمالها وتوزيعها من هناك.
لكننا الآن خليجياً استطعنا أن نسيطر على قطاعٍ مهم من إعلام العالم العربي، وبتنا نمتلك عدداً من أهم الإصدارات الصحافية والمحطات الفضائية فيه، وصار بمقدورنا الآن توجيه مساحة واسعة من الرأي العام في العالم العربي ليهتم بقضايانا وهمومنا ونتاجنا الإبداعي على جميع المستويات.
لذا أنا أعتقدُ أن هذه المساحة الإعلامية الواسعة والمهمة التي نمتلكها لابد أن نتعامل معها بكثيرٍ من الحذر والحذق في نفس الوقت، لأننا من ناحيةٍ نعلم بأن الصناعة الإعلامية تمتلك عدة مستويات من الخطاب الموجه والمدروس معاً ولم يعد أحد يتوقف طويلاً لدى إعلام الشعارات أو إعلام التصفيق والتطبيل، وصفحة كاملة في جريدة لمثقف محلي مثلاً لن تجعل العالم العربي يقف تصفيقاً له أو يلاحق إصداراته ما لم تكن تلك الإصدارات تستحق ذلك في النهاية.
وحتى لا نبدو كالرجل الثري الذي جمع جميع أهل بلدته في حفلٍ كبيرٍ ومن ثم طلب منهم أن يستمعوا لقصائد ابنه الصغير ويصفقوا له مجاملةً، فإننا نواجه تحدياً كبيراً في نوعية الطروحات الإعلامية التي نطرحها عن أنفسنا وتكون موجهة لعموم العالم العربي.
سواء بالنسبة للضيوف المحليين الذين نستضيفهم أو طبيعة القضايا التي تُقدم أو الموضوعات التي تُناقش.
ولاسيما أن الملاحظ والمتابع لعددٍ من الفضائيات يجد أن معدي البرامج باتوا يقسرون الفرد السعودي في برامجهم في كثيرٍ من الأحيان من باب المجاملة ورفع العتب، أو من النساء تلك التي ترضى أن تكشف غطاء وجهها وتثرثر بأي كلامٍ كيفما اتفق بشكلٍ لا يخدمنا كثيراً على المستوى الإعلامي، وتصبح قنواتنا الفضائية كقنوات الإعلام الموجهة التي تحاول أن تسوق سلعة لم يثق المستهلك في جودتها بعد.
السعودية هي قلب العالم العربي وأقوى قوة اقتصادية في المنطقة ولذا يجب أن تكون الصناعة الإعلامية التي تقدمها وتبرزها حذرة وحذقة كما قلت، لأننا في الحقيقة وعلى أرض الواقع نمتلك الكثير من التفوق والعديد من الرموز ولكن يجب أن يقدموا وفق الإطار الذي يخدم الطرح الإعلامي الخبير والمتمرس.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved