Tuesday 6th June,200612304العددالثلاثاء 10 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

هل يمكن الاستغناء عن الإشراف التربوي؟ هل يمكن الاستغناء عن الإشراف التربوي؟
محمد إبراهيم فايع / خميس مشيط

كثيرون لم ينجحوا في قراءة خطاب معالي وزير التربية والتعليم ونائبه عندما تحدثا عن الإشراف التربوي في اللقاء الحادي عشر للإشراف في أبها ومن هنا طرحت هذا السؤال على أولئك، هل يمكن الاستغناء عن الإشراف التربوي؟
أقول: لا يمكن الاستغناء عن الإشراف التربوي لأنه يمثل الخبرات التربوية ويجمع التجارب الناجحة ويهدف إلى تطوير أداء المعلمين ويشترك مع المديرين والمعلمين والمرشدين في وضع الخطط التربوية وهو عين الوزارة على الميدان وبيده قياس مستوى المخرجات والمساعدة على تحسينها والإشراف التربوي يهدف كذلك إلى تعزيز الجوانب الإيجابية وتصحيح ومعالجة الجوانب السلبية، والمشرف التربوي هو في الأساس معلم ووفق أهدافه وخططه ومجالاته أن يتجدد ويتطور ويكوّن مع الآخرين فريق عمل سواء في المدارس أو في إدارات التربية والتعليم وفي جميع علاقاته ومعاملاته يأخذ بأنسب الظروف والوسائل والأدوات.
والمشرف التربوي يعمل وفق التربية الحديثة في مجال التدريب ولا غنى عن التدريب في حياة المعلم ومن يحاول أن يهمش الإشراف التربوي فهو بذلك يحاول تهميش التدريب بدون شك.
أنا على يقين بأن كل مشرف تربوي يسعى إلى الأهداف التربوية المرسومة ولكنه لا يستطيع وحده أن يحقق رسالته مالم يجد تعاوناً من المديرين والمعلمين في الميدان التربوي.
المشرف التربوي اليوم يركز على الجوانب الإيجابية ويشجعها ولكنه لا يتغاضى مطلقاً عما قد يراه سيئاً أو يؤثر على العملية التعليمية بشكل سلبي وهو ما لم يرضَ عنه بعضهم ومن هنا أتت التفسيرات غير الصائبة في الحكم على الإشراف التربوي وممارساته وإن كنّا نتفق على تطويرها وليس هناك علاقة فوقية كما يحاول كثيرون ترسيخ هذا المعنى قد يمارسها المشرف التربوي على زملائه في الميدان لأن المشرف أولاً وأخيراً هو (معلم) قَدِمَ من قاعة الصف ومنها انطلق إلى ميدان أكبر ومعه داخل حقيبته الكثير من التجارب والوسائل والخبرات والأدوات ونجاحه مرهون بمدى ما يجده من حماس وتعاون وتقبل وقناعة بما يقوم به إذا ما افتقد كل هذه أو بعضها فكيف له أن يصل إلى مبتغاه مع العلم بأن دور المشرف التربوي ليس مقصوراً على المعلم كمستهدف وحيد وإنما أثر المشرف التربوي يتعدى ذلك المفهوم القاصر إلى الطالب وولي الأمر وتحسين البيئة المدرسية بشقيها التعليمي والتربوي والاشتراك في خططها التي تعزز رسالتها ودورها مع المجتمع.
وهذا دوره في التأثير على أوجه النشاط في المدرسة وعند المعلم وطريقة التعلم تأثيراً إيجابياً ولكن هناك من لا يعجبه إصرار الإشراف التربوي على تحقيق المفهوم التطوري الشامل للعمل المدرسي وهناك من لا يقتنع بأن العلاقة التي تربط المشرف بزملائه في الميدان هي علاقة إنسانية تحكمها ضوابط العمل، وللعمل انعكاسات عليها من خلال الرضا بما يقدم من منطلق أن العمل أمانة والمستشار مؤتمن (وإن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه) وبهذا فهي علاقة أفقية لا رأسية وإصرار بعضهم على القول بفوقية المشرف على زملائه هي نظرة مزاجية ليس أكثر.
ولذلك إذا ما أردنا أن نرقى بالعمل التربوي ويكون للإشراف التربوي إسهامات لابدّ أن يكون هناك فهم لدوره وتفهم لمبدأ الصراحة والوضوح كمفتاحين للدخول إلى علاقة ممتازة هدفها تحسين العملية التعليمية وتقدير للمسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقه ومعرفة أن المستشار مؤتمن والمشرف التربوي اليوم هو شريك للمعلم.. للمدير.. للمرشد في التشاور والتشخيص وتطوير عمليات التعلم ومن خلال أساليبه الإشرافية يساعد على التطوير المهني للمعلمين ويبسط أمامهم أساليب وطرائق متنوعة للارتقاء بالمستوى الدراسي للطلاب ويصنع مقترحات لتحسين البيئة المدرسية وعلاقة المدرسة بالمجتمع ووضع الحلول ورسم الخطط ومواجهة المعوقات والعقبات وفق عمل واحد وإرادة مشتركة وحب وانتماء لرسالة التعليم وهذا يتم عبر الزيارات واللقاءات والمشاغل والنشرات والدورات وغيرها.
إن عدم وضوح متطلبات ومهام الإشراف وعدم وضوح الأهداف الإشرافية عند أهل الميدان من المعلمين يساعد ذلك على اتساع الفجوة بين الطرفين في العلاقة وينشأ التأزم في العلاقة وتصحيحاً لهذا الجانب الإشكالي الملحوظ:
لابدّ من العناية في تخطيط الأساليب الإشرافية لمحو ضبابية الأهداف عند الطرف الآخر ويجب أن يعمق الطرفان العلاقة من أجل التواصل الجيد الذي يتيح لهما معرفة الجوانب الجيدة فيتم تعزيزها. والجوانب السلبية لمعالجتها والقضاء عليها أو التصدي لها وأن يتم بناء جسور من الحوار والتواصل والنقاش العلمي وليس الجدل عند بحث هموم الميدان ومشاكله وصعوباته وأن يكون لدى الإشراف التربوي تصميم في توفير الأساليب العلاجية أو البدائل من الحلول حتى يجد فيه أطراف الميدان (مدير، معلم، مرشد) المعين بعد الله في مواجهة ما قد يعيق عملهم. ومن الأساليب الإجرائية لبلورة هذا التصور لابدّ أن تُدعم اللقاءات المخطط لها جيداً وأن يزيد حجم اشتراك الطرفين في صنع العمل التربوي.
أعود لما بدأت به لأقول لا يمكن الاستغناء عن الإشراف التربوي ولكن يمكن تحديثه وتطويره وفتح أساليب وأدوات جديدة ويبقى الأهم أن لدى المشرف ما يمكن تقديمه وأن الميدان التربوي يحتاج إلى من يقوّم ويصحح ويراجع ويذكر ويحفّز ويشجع ويحاسب كذلك ولا تصلح الأمور تسير بشكل مستقيم دون أن يكون هناك من يتابع سيرها ويقوم مسارها.
فالإشراف من أهدافه تنمية أداء عناصر العمل المدرسي وليس -فقط- كشف عيوبهم أو تقويمهم ولن يستفيد من المشرف إلاّ من لديه قناعة ورغبة وحماس وثقة والأخرى مطلب ملح على الطرفين تحقيقه من خلال تقوية العلاقة ودفعها إلى أن تكون أخوية تعاونية وليس من مصلحة أي تربوي الهجوم على الإشراف أو تحجيم دوره فهو جهاز ضخم يديره رجال خبراء في التربية وهو أحد دعامات العمل التربوي.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved