Tuesday 6th June,200612304العددالثلاثاء 10 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

(خلك رجال ولا تبكي!!!) (خلك رجال ولا تبكي!!!)
فايز بن ظاهر الشراري*

دائماً ما يقول الآباء لأبنائهم جملة (خلك رجال)!! فهذه الجملة دائماً ما تكون على لسان الآباء عندما يرى الأب أحد أطفاله وقد اضطر لأن يبكي بسبب موقف تعرض له أو عند لجوء هذا الطفل إلى الشعور بالخوف أو التذمر كطفل تجبره فطرته على أن يبكي ويخاف ويصرخ ويعبر عن مشاعره بما هو متاح له في فترته العمرية التي يعيشها، ولكن أولئك الآباء لا يهتمون بذلك فهم يريدون أن يكون أبناؤهم رجالاً حتى وإن كانوا أطفالاً يعيشون مرحلة الطفولة والتي تجبر أولئك الأطفال على أن يظهروا على طبيعتهم والتي تعتبر من أهم سماتها البكاء والتعبير العفوي عن مشاعر الطفولة!! والمشكلة أن هناك بعضاً من الآباء لا يتفهمون تلك المتطلبات التي يحتاجها الطفل في هذه المرحلة لنجد أن الأب هنا يريد أن يكون ابنه رجلاً بالغاً بعقله وبشخصيته حتى وإن كان لا يزال طفلاً صغيراً!!!
كما أن هناك وجهاً آخر من هذه المشكلة ولكن من يتبناها هنا ليس الآباء وإنما من يتبناها هو المجتمع من خلال نظرته للرجل البالغ بحيث أنه يحظر عليه أن يعبر عن مشاعره الفطرية والتي أباحها له الله من خلال الفطرة الإنسانية التي خلق الله عباده عليها، فالرجل في مجتمعنا ممنوع من البكاء ولو نزلت دموع أي رجل ورآها من حوله فعندها سيكون هذا الرجل قد ارتكب عيباً محظوراً اجتماعياً تعارف عليه المجتمع!! وفي هذا تضييق كبير على الرجل وتحميله فوق طاقته، إضافة إلى المهام المناطة به كرجل ينظر إليه المجتمع بأنه مسؤول عن أسرته وعليه مهام كثيرة جداً يسعى إلى تأمينها، فهو فوق هذا مطالب بكبت عواطفه ومشاعره الإنسانية ليظل في نظر المجتمع رجلاً بمعنى الكلمة!!!
وهذه النظرة الخاطئة لها آثارها السلبية سواء على الطفل الصغير أم على الرجل البالغ من حيث كبت المشاعر والتي قد تؤثر على صحة الإنسان، فهو بحاجة ماسة لأن يعيش حياته بطبيعتها وبفطرتها كما أن لكل مرحلة عمرية احتياجاتها ومتطلباتها.. وأنا أرى أن الأطفال هم أكثر من يعانون من آفة (خلك رجال)، والتي يجدون أنفسهم أمامها مضطرين لأن ينتقلوا بسرعة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة عمرية متقدمة والتخلي عن طبيعة حياتهم الراهنة كأطفال يلجأون إلى البكاء، والأمر كذلك بالنسبة لبعض الآباء ممن يحرصون على تواجد أبنائهم بجانبهم دائماً وعدم السماح لهم باللهو مع الأطفال وحرمانهم من ممارسة براءة الطفولة في اللعب وفي الكلام لنجد أن هذا الأب يحرص على أن يكون ابنه بجانبه دائماً في المسجد وفي المناسبات وتحديداً عند الضيوف لأنه وببساطة يريد من ابنه أن يكون (رجلاً) حتى ولو كان ذلك على حساب احتياجات هذا الطفل في مرحلة يحتاج لأن يعيشها بكل ما فيها!!

* الجوف - طبرجل

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved