Tuesday 6th June,200612304العددالثلاثاء 10 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"زمان الجزيرة"

السبت 4 من ذي القعدة 1392هـ - الموافق 9 من ديسمبر 1972م - العدد 471 السبت 4 من ذي القعدة 1392هـ - الموافق 9 من ديسمبر 1972م - العدد 471
الرائد لا يكذب أهله
حتى لا ننضج الثمرة قبل أوانها
كتبها: إبراهيم الحجي

وهبنا الله نعمة الموهبة، وهي تختلف من شخص لآخر، فحينما نرى شخصاً يدرك بموهبته غوامض الأمور في لحظة، نرى آخرين ينفقون وقتاً طويلاً في الوصول إليها، وربما نجد آخرين لم يدركوها، لعوامل كثيرة قد أثرت في سلوكهم منذ الصغر؛ حيث الإنسان مجموعة من الغرائز تؤثر فيها التربية السيئة، مثلما تؤثر فيها التربية السليمة، وهذه الغرائز تنمو مع الجسم، والموهبة من بينها تأخذ نفس الاتجاه كما تأخذ نفس المقاييس والقوانين، وحينما تتغلب المؤثرات الخارجية ذات الطابع الانعكاسي المغاير للفطرة السليمة على المواهب، تترسب في اللا شعور منتظرة البواعث المرشدة والهادية إلى طريق الحق والصواب، لتستجيب لها وإلى القوانين الطبيعية لتعمل على تعديل الغرائز والمواهب بإذن الله.
وتعديل الغرائز لا يقاس على تعديل السلوك الخارجي للطلاب والطالبات، لأن تعديل السلوك أو تربية الغرائز غير التعليم، ولو افترضنا فصل التربية عنه على أساس أنها كيان قائم وموجود أمامنا أو أنها تحدد بحدود الجهل الذي يزول بالمعرفة لهان الأمر، ولكنها خصائص نفسية تنمو مع الطفل، ودور المربين والمربيات مراقبتها، لصلتها بالوجدان وحب التطلع، وغريزة الإحساس، لتعديلها ما أمكن مع السلوك العام الخارجي الذي يدعو للفضيلة وتقدير المسؤولية وحب العمل والتعاون والمحافظة على المصالح العامة، وتأدية الواجب والأمانة، واحترام الآخرين وما له صلة بإذكاء المشاعر، لتأخذ التربية خطاً متوازياً مع التعليم، وتسير في ظل هذه الأهداف.
والتعليم على مختلف مراحله وأنواعه، هو الميدان الفسيح لبروز المواهب، وهو النقطة التي ينبعث منها الشعاع المؤثر في مجال الحياة كما هو المؤثر في الضمير، وليس التأثير تحويل الحياة إلى حياة أفضل فحسب، بل وضعها دائماً في حالة نمو وفهم وإدراك وعمل، وهكذا يقود التعليم الحياة من تخطيط تحققت أهدافه إلى أهداف جديدة، ومناهجنا التعليمية في هذا الطريق تسير، لاستهدافها التكنولوجيا التعليمية والتنمية وأهدافها وتخطيط البرامج للبحوث العلمية وتوفير التخصصات والكفاءات التي تعمل في إطار هذه الأغراض مع التركيز على العقيدة الإسلامية واللغة العربية.
وتخطيط المناهج على هذا المستوى يعطي الطالبات والطلاب القدرة المتفاعلة مع الحياة، ويضعهم أمام مسؤولياتهم وجهاً لوجه ومسؤوليتهم عظيمة، لضخامة العلوم والمعارف التي احتوتها خطط المناهج كما تقضي بذلك واجبات النهضة التي تمرّ بها المملكة.
ومن هذا المنطلق فإن تأثر العقلية الشابة يكون أكثر فاعلية وأكثر إنتاجاً وخصباً إذا تركت الطالبات والطلاب يحاولون بأنفسهم فتح نوافذ المعرفة، وإيجاد فرص التفكير ومحاكمة ضمائرهم أمام دروسهم ومذكراتهم لها دون تدخل الدروس الخصوصية.
وحرص بعض الآباء والأمهات على توفير المدرسين لكل مادة في بيوتهم لأولادهم فوّت عليهم تذوق العلوم والمعارف وانتصار الضمير والتفكير المنظم على الجمود الذي طبعته الدروس الخصوصية بطابع التبلد والاتكالية، وهم يعملون هذا تحت وطأة الخوف من الامتحانات والرسوب.
وفي خضم الاعتبارات التي حشدها الخوف في أذهان بعض الآباء والأمهات وما صاحب ذلك من ليونة في نفوس بعض المدرسين لنعومة المادة التي يشعرون بوجودها في أيديهم ولو على حساب قتل مواهب بعض الطلاب والطالبات، عندئذ تأثرت التربية تأثراً كبيراً وأصيبت الموهبة بعقم، وانعكس ذلك على مستوى التعليم حتى أن بعض الآباء يرى أن تخصيص مدرس للغة العربية ومدرس للغة الإنجليزية، ومدرس للعلوم، ومدرس للرياضيات لابنه أو ابنته في البيت من مهمات التربية المثالية.
وليست النظرة إلى مضارّ الدروس الخصوصية نحكم من خلالها على مثالية المدرسة، وأقل ما يقال عن ذلك أن المدرسة تحاول ما أمكنتها المحاولة، للتخفيف من هذه المشكلة؛ فهي تعالجها وفق نظام المجاميع إذا ظهرت الفروق الفردية بين الطلاب بين جدران المدرسة بدلاً من الدروس الخصوصية التي تجرى للطلاب والطالبات في البيوت.
وليست هذه النظرة أيضاً شاملة للآباء والأمهات وللمدرسين حيث يوجد آباء أدركوا مضارّ الدروس الخصوصية فابتعدوا عنها وجنبوا أولادهم ويلاتها، وانسجموا مع المدرسة وأنظمتها، وقاموا بالتوجيه والإرشاد لبناتهم وأبنائهم، وكذلك الشأن بالنسبة لطلابهم بحكم خبرتهم التربوية وتجربتهم الرائدة حول مضارّ الدروس الخصوصية.
إننا في حاجة إلى إرادة قوية وعزيمة صادقة في ترك الدروس الخصوصية حتى لا ننضج الثمرة قبل أوانها.

(يتبع)

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved