Monday 19th June,200612317العددالأثنين 23 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

يارا يارا
من لغو الصيف
عبدالله بن بخيت

عندما يدخل الصيف أشعر بأن عطلاً ما يحدث لآلة الإنتاج في داخلي. كل شيء يتراجع بتراجع الرغبة في العمل وتطامنها إلى الحد الذي تتشوش فيه حساسية الخلق والإبداع. يصبح العالم كسولاً غير مبالٍ. كل شيء أكتبه في هذه الفترة أضعه تحت عنوان من لغو الصيف. عنوان اقتبسته من أحد كتب طه حسين كما سبق أن أعلنت. اخترته لأنه يعبر في ظني عن كل ما أقوله في هذه الفترة. الابتعاد قدر الإمكان عن المواضيع الجادة والحادة والبقاء في حدود المتعة والمعرفة؛ كالحديث عن شيء من الذكريات أو عرض كتاب أو الاطلاع على فلم سينمائي.
بمناسبة ذكر عرض الكتب. كان من المفروض أن تتضمن هذه الزاوية عرضاً للكتب والروايات ولكن ضغط الأحداث وكثرتها وقلة المساحة المتاحة لي جعلتني أهمل هذه الناحية، وقد ساعد على ذلك قلة الكتب التي أقرؤها مؤخراً. لم أعد أقرأ كثيراً. ربما لأني فقدت الباعث الأيدليوجي الذي يحرض أتباعه على القراءة والتزود. لم يعد لدي أي أيدلوجيا. لقد زهدت بالانتماءات الجماعية وأصبحت فردياً مغرقاً في فرديته. لم يبق من إحساسي الثقافي الجماعي سوى التعاطف. عندما أراجع ماضيي مع القراءة أكتشف أن معظم الكتب التي قرأتها كانت بسبب ميلي الأيدلوجي لا بسبب الفضول الثقافي وهذه حال جيلي كما أظن وقد انتقلت هذه الحالة إلى الجيل الجديد المؤسلم أيدلوجياً. حتى صارت الكتب نفسها تصدر لتلبية الحاجة الأيدلوجية لا المعرفية. وإذا كان في الكتاب أي معرفة فهي متكيفة ومذعنة للمطالب الأيدلوجية عند القارئ.
على طاري الكتب أيضاً كان يفترض أن أقدم عروضاً لعدد من الكتب الهامة التي صدرت هذا العام منها رواية طنين للأمير سيف الإسلام بن سعود ورواية هند والعسكر لبدرية البشر ولكن زحمة العمل وتطلب هذه الأعمال إلى الاستفاضة في الطرح جعلتني أؤجل الحديث عنهما.
طنين تطرح عدداً من الإشكاليات كعلاقة الشكل بالمضمون وعلاقة الفن بالحقيقة التاريخية وعلاقة الكاتب بنصه وكذلك علاقة أحداث الماضي بأحداث الحاضر من خلال ما يعرف بالإسقاطات. رواية طنين عمل خطير لا يمكن الحديث عنه بسرعة واستعجال. أنظر إليها على أنها أحد المعايير التي يمكن أن نقيس بها التغير الذي طرأ على المجتمع السعودي.
أما رواية هند والعسكر إذا قرئت جيداً فستثير كثيراً من الحساسيات. من حسن حظ المؤلفة ومن سوء حظ الكتاب أن جاءت هذه الرواية بعد رواية بنات الرياض التي استغلت للنيل من الدكتور غازي القصيبي فأخفت في غمرة غبارها كثيراً من الأعمال الجادة المثيرة للجدل كهند والعسكر. كنت سأقترح على الدكتورة بدرية البشر أن تترجي الأستاذ إياد مدني أن يكتب مقدمة للرواية في طبعتها القادمة لتضعها في خط النار الواقع بين الليبراليين والمتطرفين. فإياد مدني هو المسؤول الثاني بعد القصيبي الذي حصل على نصيبه من التهم والقذف لذا هو أفضل من سيساهم في نقل رواية هند والعسكر إلى منطقة الضجيج التي تستحقها.
تطرح رواية هند والعسكر الصراع بين الأجيال النسائية المتداخل مع المحافظة ومع التسلط الديني الأيدلوجي على المرأة السعودية ليصبح الجنس كما هو في ثقافة الصحوة محور حياة المرأة الوحيد. تطمح الرواية لخلق امرأة نموذجية تستوعب في حياتها النتيجة الحتمية للحملة الإعلامية المعادية للمرأة طوال فترة سيطرة ما عُرف بالصحوة. بالإضافة لهذين العملين هناك أعمال أخرى تستحق النظر أيضاً مثل أعمال زينب حفني. هذه الكاتبة تستحق القراءة لجهة أنها تطرح إشكالية المرأة مع الكتابة نفسها. عند أي الخطوط على المرء أن يتوقف عن البوح وخصوصاً إذا كان امرأة (في ظل ثقافة تدين الأنوثة من حيث كونها أنوثة). أظن أن هذه الكاتبة حطمت كثيراً من المخوفات والأهم أنها سوف تُفشل (مستقبلاً) مشروع أي رواية يقوم على الإثارة. بقراءة أعمال زينب حفني ستكتشف أن العامل الجنسي لا يمكن أن يحمل الرواية إلى أي مكان. إذا لم يأت الجنس في إطار وظيفته الفنية كجزء عضوي في سياق النص فلن تتحقق حتى الإثارة الجسدية.
إلى اللقاء بعد غد إن شاء الله.

فاكس: 4702164

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved