ارتفعت الآمال بإمكانية التوصل إلى نوع من التوافق بين الفصائل الفلسطينية حول وثيقة الأسرى بالقدر الذي يجنب الساحة الفلسطينية المظاهر السلبية من مواجهات مسلحة وغيرها، ويبدو من المهم اقتناص فرصة التقارب الذي تحدث عنه أكثر من مسؤول فلسطيني وعدم السماح بأية خلافات من شأنها الإطاحة بذلك التقارب الذي يتحقق خلال جلسات الحوار الحالية والمقرر لها أن تنتهي اليوم.
وتتزامن مع حالة التفاؤل الأنباء التي أشارت إلى موافقة اللجنة الرباعية على آلية أوروبية لنقل المساعدات إلى الفلسطينيين، ومن ثم فيمكن القول إن مصاعب عدة تبدو وكأنها على وشك التسوية، ومع ذلك فالحذر واجب من أجل الانتقال إلى بر التسويات المأمولة لتلك المصاعب، وعلى سبيل المثال فإن إطلاق المساعدات يمر عبر إشارات غير مريحة تتجاوز بوضوح الحكومة الفلسطينية.
فاللجنة الرباعية أعطت موافقتها على آلية لنقل المساعدات تتجاوز الحكومة الفلسطينية، وذلك إمعاناً في الخط المتشدد لدول الغرب ضد حكومة حماس الحالية، ومثل هذا التوجه من شأنه إعادة الأمور إلى المربع الأول، فتجاهل الحق السيادي للحكومة لا يدل إلا على استمرار سياسة الحصار للحكومة الفلسطينية ومحاولة للتفريق بينها وبين الشعب الذي اختارها، وإلا فإن على هذا الشعب مكابدة ألوان الحرمان والجوع.
وفي كل الأحوال فإن الغرب المتمثل في اللجنة الرباعية وفي الاتحاد الأوروبي عليه أن يكون وفياً لمبادئه وأميناً فيما يتصل بالالتزام بقيم الحرية والديموقراطية التي يروج لها.
ومن ثم فإن السلوك بطريقة مناقضة لتلك المبادئ الديموقراطية قد يكشف عن نوايا مخالفة وربما مؤذية للشعب الفلسطيني، وذلك من خلال إجباره على القبول بسياسات لا تتفق مع خياراته وثوابته.
ومن المهم أيضاً أن ترى اللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي الطريقة التي يتناول بها الفلسطينيون شؤونهم ويعملون من خلالها على تسوية مشاكلهم، ولهم في الحوار الجاري حالياً بين الفصائل ما يعينهم على فهم العقلية الفلسطينية وهي تواجه المصاعب وكيفية تغلبها على الخلافات وكيفية اقترابها من نقاط التوافق.
إن تجاهل الأطراف الأساسية في الساحة الفلسطينية بما في ذلك الحكومة المنتخبة ديموقراطياً لا يعين كثيراً أي جهد يستهدف تسوية المصاعب الفلسطينية، فمثل هذا التجاهل يمثل استفزازاً للفلسطيني وليس عنصر مساعدة له، ولذلك فإن هذه التجاوزات تعمق أكثر وأكثر من الخلافات الفلسطينية بدلاً أن تكون عوناً للفلسطينيين للتغلب على مصاعبهم.
|