Friday 28th July,200612356العددالجمعة 3 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"أفاق اسلامية"

تدبر القرآن الكريم تدبر القرآن الكريم
د. ابتسام بنت بدر الجابري(*)

الله عزَّ وجل قال في كتابه داعياً عباده لتدبر كتابه (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (24) سورة محمد، وقال سبحانه (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) (82) سورة النساء.
فلابد من تدبر القرآن الكريم لكي يفوز العبد وينتفع وينجو.
قال ابن القيم - رحمه الله -: (فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل وجمع الفكر على معاني آياته.
فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما.. وبالجملة تعرفه الرب المدعو إليه وطريق الوصول إليه وماله من الكرامة إذا قدم عليه.
وتعرفه في مقابل ذلك ثلاثة أخرى: ما يدعو إليه الشيطان، والطريق الموصلة إليه وما للمستجيب لدعوته من الإهانة والعذاب بعد الوصول إليه).
وتدبر القرآن هو: التفكر والتأمل في آيات القرآن الكريم من أجل فهمه وإدراك معانيه وحكمه والمراد منه.
وتدبر القرآن أمر يسره الله لعباده, فقال تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) (17) سورة القمر، ولا بد من التنبه من اعتقاد صعوبة فهم القرآن فهي مكيدة شيطانية ينفر بها عباد الرحمن من تدبر القرآن.
قال ابن هبيرة - رحمه الله - (ومن مكائد الشيطان تنفيره عباد الله من تدبر القرآن لعلمه ان الهدى واقع عن التدبر فيقول: هذه مخاطرة حتى يقول الإنسان.. أنا لا اتكلم في القرآن تورعاً).
وقال الشاطبي - رحمه الله - (ومن حيث كان القرآن معجزاً أفحم الفصحاء وأعجز البلغاء أن يأتوا بمثله فذلك لا يخرجه من كونه عربياً جارياً على أساليب كلام العرب ميسراً للفهم فيه عن الله ما أمر به وما نهاه).
ورد ابن القيم - رحمه الله - عمن ادّعى أن للقرآن تأولاً غير معلوم وإننا إنما نتلوه متعبدين به فحسب فقال: (من قال إن له تأولاً ولا نفهمه ولا نعلمه وإنما نتلوه متعبدين بألفاظه ففي قلبه منه حرج).
وقد يسّر الله للعباد تدبر القرآن والتذكر به وإن كان هناك مما لا شك به أمور استأثر الله بعلمها وأمور لا يعلمها إلا العلماء ولا ينبغي تجاوزها أو القول فيها بغير علم.
قال ابن عباس رضي الله عنه (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله) تفسير الطبري 1-75
وهناك قواعد للتدبر منها:
1 - النية الصادقة.. وفي ذلك يقول القرطبي - رحمه الله - (فإذا استمع العبد إلى كتاب الله سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم بنية صادقة على ما يحبه الله أفهمه كما يجب وجعل في قلبه نوراً)
فلا بد عن نية صادقة حتى يجعل الله في قلب عبده نوراً يهتدي به بكتابه سبحانه.
2 - قراءته طلباً للهداية والعلم: فلا بد من كل قارئ أن يبتغي في قراءته الهداية، وقد قال ابن تيمية - رحمه الله - :(ان هذا القرآن يهدي للتي هي أحسن). (من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له طريق الحق).
وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يقرؤون كتاب الله طلباً للعلم والهداية ففتح الله قلوبهم وعقولهم واهتدوا بهذا الكتاب بينما حرم من حرم من الانتفاع بهذا القرآن فلم يهتدوا به ولم يحصلوا علماً منه والعياذ بالله -.
3 - حب القرآن الكريم: فلا بد من محبة القرآن الكريم محبة صادقة ومحبة جلية حتى يحرص على تدبره وطلب الهداية منه وبمقدار هذه المحبة ويحصل هذا الحرص على تدبره وهذه المحبة من محبة العبد لربه فالقرآن هو كلامه سبحانه.
قال أبو عبيد - رحمه الله - ( لا يسأل عبد عن نفسه إلا بالقرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم).
4 - معايشة معاني الآيات وأسباب نزولها وأحوالها:
وهذا الأمر ضروري لفهم الآيات القرآنية ودلالاتها قال ابن تيمية - رحمه الله-: (معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب).
5 - معرفة أساليب القرآن الكريم وملاحظاتها فمثلاً.
في ختم الآيات بأسماء الله الحسنى دلالة على أن الحكم المذكور له تعلق بذلك الاسم الكريم ومن ذلك قوله تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (200) سورة الأعراف.
6 - حفظ القرآن وتكرار قراءته: وهو أمر يعين على تدبره وتفهمه، قال ابن قدامة - رحمه الله - (وليعلم ان ما يقرأه ليس كلام بشر وان يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ويتدبر كلامه فإن التدبر هو المقصود من القرآن وإن لم يحصل إلا بترديد الآية فليرددها).
7 - الترتيل والجهر بالقراءة قال تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) (4) سورة المزمل, قال ابن كثير - رحمه الله - (أي اقرأه على تمهل فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره).
وقال صلى الله عليه وسلم في الجهر بالقراءة (ليس منا من لم يتغن بالقرآن ويجهر به) ، ولا شك أن الجهر بالقراءة ادعى إلى التركيز والانتباه.
وهذه الأمور السابقة من أهم الأمور المعينة على تدبر القرآن الكريم والاشتراك في هذه المسابقات القرآنية إعانة لحفظة كتاب الله لمراجعته وكثرة تلاوته وتدبر معانيه ودعوة لغيرهم لاقتفاء اثرهم والسير على خطاهم.

(*) عضو هيئة التدريس بقسم التفسير
وعلوم القرآن الكريم بكلية التربية للبنات بجدة

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved