|
|
انت في |
|
رغم حجم الوجع الكبير من كارثية المأساة الإنسانية الواقعة حالياً في لبنان، إلا أنها أيقظت فكرة ضرورة وجود مشروع عربي يعمل تحت مظلة المنفعة (البرجماتية) بعيداً عن شعارات القومية العربية وحلم الوحدة الذي نبكي عليه قروناً لنغني (أمجاد يا عرب أمجاد) من دون أن يتحقق، أما الآن وقد انتابتنا كارثة عدوانية من إسرائيل تقصف لبنان كعدو موتور، حتى الأطفال - كالعادة النازية- لم يسلموا من هذا القصف الذي ادعت إسرائيل أن حزب الله يتخذ من الأطفال دروعاً في قانا، ولهذا السبب كانت المجزرة، مثلما ادعت في الثامن من أبريل من العام 1970 في قصفها مدرسة بحر البقر الابتدائية في مصر خلال حرب الاستنزاف، واستشهد ثلاثون طفلاً، ولما تحاول بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن طلب إصدار قرار يقضي بوقف إطلاق النار في لبنان يخرج جون بولتون سفير الولايات المتحدة في مجلس الأمن ليعلن (الفيتو) ومعلناً أيضاً وجها قبيحاً للمحافظين الجدد الذين يدعمون إسرائيل بقوة اللوبي الإسرائيلي الأمريكي. إذن نخلص من كل ما يحاك حولنا بأن هناك ضرورة ملحة لإيجاد أو استحداث مشروع عربي قائم في الأساس على المصلحة الحتمية التي تجمع شعوب المنطقة العربية، والعمل على تبادل الخبرات لمزيد من التقدم بالشكل الذي نريده أن يكون في ظل الوضع الراهن، العمل على مد كل الجسور التنموية، وضخ المزيد من الفكر الديمقراطي الحر بالشكل الصحيح، حرية التعبير والنقد، حرية العمل والتعليم، التنمية البشرية بإعداد الشباب إعداداً يتناسب مع متطلبات هذا العصر، بعيداً عن التهميش والإحباط من جراء مشاكل داخلية هي في الأساس قائمة بسبب القلق مما يحاك في الخارج ضد شعوب المنطقة دون استثناء. ولنتذكر أن مثل هذه الفكرة التي لا توصف بالجديدة قامت في أوروبا، فالمشروع الأوروبي قام على أشلاء ضحايا الحربين العالميتين الأولى (1914-1918)، والثانية (1940-1945) ومنذ انتهاء الصراع، اكتشف المتحاربون أن مصالحهم مشتركة، ومصيرهم واحد، فنبذوا الحرب جانباً وجلسوا وأقاموا السوق الأوروبية المشتركة، ووحدوا العملة الأوروبية (اليورو) التي من شأنها أن دعمت قوة الاقتصاد الأوروبي بوجه عام، حرية التنقل بين البلدان الأوروبية من دون تأشيرات، فتركب القطار من أي مكان لأي مكان في أوروبا من دون أن أي تعقيدات، والمسؤول فوق كرسيه هو ترس في آلة التقدم السريع جداً، في منظومة شاملة، لا تتغير بتغير المسؤول عن تنفيذها، ونحن ما زلنا نكشف سوءات بعضنا البعض ونعمل على إلغاء كل ما قام به المسؤول السابق بمجرد أن يأتي الجديد تحت دعوى التغيير. المنظومة الأوروبية أو الأمريكية التي تعمل وفق نظام عمل مؤسساتي يضع خططا طويلة المدى، والخطط البديلة في حال التعثر، وعجلة التقدم لا تزال مستمرة في السير لا يوقفها شيء. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |