وسط الأمواج المتلاطمة لقضية (محمد نور) وتداعياتها المثيرة تاهت سفينة الإعلام الرياضي عن القضية الأهم والأشمل في الرياضة السعودية وهي توقيع أكبر صفقة في تاريخ الرياضة السعودية بين الاتحاد السعودي لكرة القدم وراديو وتلفزيون العرب لنقل المباريات التي ينظمها الاتحاد السعودي لكرة القدم حصرياً مقابل 300 مليون ريال ولمدة ثلاث سنوات، هذا الحدث الكيبر الذي يُعتبر نقلة نوعية في مسيرة الرياضة السعودية سيمثِّل الخطوة العملية الأولى لتحويل الرياضة من هواية إلى صناعة ومن عبء مالي إلى مصدر دخل مرتفع الأرباح وقد يحل الأزمة المالية للأندية بشرط الشفافية الكاملة في التعاملات المالية مع هذا الدخل الكبير والعمل الاحترافي في التعامل مع بنود العقد القانونية.
ولعل أول التساؤلات المحيّرة حول هذا الموضوع هو لماذا تأخر التوقيع النهائي للعقد بين الاتحاد السعودي والشركة المتعاقدة رغم موافقة الجهات العليا ذات العلاقة؟
فهذا التأخير في حسم العقد قد يعطي الشركة المتعاقدة (إي آر تي) حجة قانونية لتأخير تقديم الخدمات والمميزات التي ينتظرها المشاهد من الناقل الحصري.. فتأخُّر العقد النهائي (الملزم قانونياً) يؤخِّر الاستعدادات النهائية للشركة ويربك برامجها وتجهيزاتها ويعطيها مساحة من الأعذار وقد تطلب تعويضاً عن فترة التأخير بتمديد عقدها مما يؤثر على منافسة العقد القادم بعد ثلاث سنوات، والسؤال الآخر يتعلَّق بإعلان الاتحاد السعودي لكرة القدم في جريدة الندوة يوم الأربعاء 1-7-1427هـ عن طرح منافسة لنقل مسابقات الموسم الكروي على شبكة الإنترنت ووسائل الاتصال الأخرى.. وهذا الإعلان يتعارض مع النقل الحصري قانونياً وهذا مؤشر آخر على غياب الاحترافية في التعامل مع العقود الكبيرة التي تعود بالفائدة على مستقبل الرياضة السعودية، فتأخُّر التوقيع النهائي على العقد والإخلال بميزة (النقل الحصري) قد يدفع الشركة المتعاقدة إلى الانسحاب من العقد وقد يضطر الاتحاد السعودي (لضيق الوقت) للعودة للعقد السابق وهو ما يعادل (12% فقط) من قيمة العقد الحالي وهي خسارة مالية كبيرة أتمنى أن لا تحدث.
وفي حال حسم هذا الموضوع بشكل إيجابي فإننا ننتظر الإعلان عن نصيب الأندية من هذا المبلغ، وهل ستتساوى الأندية الممتازة في المبالغ أم سيكون هناك مفاضلة تبعاً للترتيب العام في سلم المسابقات والحصول على البطولات وشعبية الفريق ونسبة مشاهدة المباريات تلفزيونياً للفرق الجماهيرية؟.
ويبقى أن يخطط القائمون على هذا الموضوع للعقد القادم الذي سيبدأ بعد ثلاث سنوات من الآن وأن يدرسوا عوامل النجاح والفشل لهذا المشروع ويبحثوا سبل تعميمه على بقية الألعاب، فالتخطيط السليم للعقد القادم سيتيح فرصة المفاضلة بين العروض ومضاعفة المبلغ كما يحدث في دول العالم المتقدمة كروياً حيث تتضاعف قيمة النقل الحصري مع كل عقد تبعاً لنجاح التجربة السابقة.
هذه بعض التساؤلات التي كنت أتمنى لو خُصص لها جزء من المساحة الإعلامية المخصصة لقضية (نور) فعقد الثلاثمائة مليون ريال الذي سيدخل خزينة الأندية أهم بكثير من عقد (نور) وتفاصيله المثيرة.
آخر القلاع النصراوية
بصرف النظر عن الميول الشخصية فإن عودة النصر للمنافسة سيكون في مصلحة الكرة السعودية فنياً وجماهيرياً، وهذه العودة لن تتحقق بدون استقرار إداري واجتماع على مصلحة الفريق، وبوادر النجاح الإداري في النصر أراها في تحركات عضو مجلس الإدارة الداعم الفاعل حسام الصالح.
فهذا العضو النشط المخلص خلف أغلب الصفقات النصراوية وقدَّم دعماً مالياً لم يقدمه كثير من أعضاء شرف الأندية ويساهم بشكل دائم في إزالة الخلافات بين اللاعبين والإدارة.. (الصالح) شخصية رياضية نموذجية وخصوصاً في تعامله الواعي مع من يريدون إبعاده عن النصر، فبروز هذا العضو وازدياد شعبيته بين اللاعبين قد لا تروق للبعض وفي حالة ابتعاده فستكون خسارة كبيرة للنصر فقط، وستسقط آخر قلاع إعداد النصر للبطولات.
|