لا بد في البداية من الاعتراف بالدور الضامر للأندية الأدبية في بث روح المناشط الثقافية بشكلها العام وبالتالي تحريك الحياة الفكرية في بلادنا. وهذه خصلة لا يتميّز فيها نادٍ أدبي عن آخر للأسف. كما أنّ هذا الواقع المر - أيضاً - يفصح عن تجاهل تام للشباب واحتياجاتهم الأدبية. هذا التجاهل يتخذ أبعاداً متعددة، يكاد بعضها يكمل الآخر.
النوادي والأجيال الثقافية
الحديث عن كون النادي الأدبي في منطقة ما مكاناً لاجتماع الأجيال المتعاقبة من الأدباء والمثقفين، هو من الأماني التي تُعد ضرباً من الخيال، ذلك لأنّ أغلب النوادي أضحت مع تصرّم الأيام لا تضم بين جدرانها لا أصداء جيل واحد، بل وحتى من ذوي توجُّه فكري وثقافي واحد، بينما المطلوب أن يكون النادي مركز إشعاع حضاري ثقافي، يتميز بالتنوُّع الفكري والقابلية لتقبُّل جميع الآراء ضمن ثوابتنا الوطنية وقيمنا الدينية. فضلاً عن تبادل الخبرات واكتساب المهارات والتي لا تكون إلاّ بفتح الأبواب أمام الجميع، وخاصة جيل الشباب.
الشباب والبرامج .. غياب تام!
للأسف يقبع الشباب في مؤخرة سلّم أولويات برامج الأندية الأدبية، والتي تحوّلت مع مرور الزمن إلى نشر مجلات متقطعة الصدور، وإقامة محاضرات يتيمة، وقليلٍ من أنشطة المنتديات التي يغلب عليها طابع الارتجالية وسوء التخطيط والمتابعة.
أمّا الاستثمار في بناء قاعدة أدبية من شباب الوطن فلا توجد على قائمة أهداف الأندية، ولا تكاد ترى شاباً واحداً يشارك في برنامج أدبي، إلاّ في حالات تكاد تُعد على الأصابع، وهذه المشاركات اليتيمة تصاحب حالة من البرود الإعلامي الغريب.
الشباب ومكتبات الأندية
أما مكتبات الأندية الأدبية فحدث عنها ولا حرج، فهي تبدو وكأنّها مكان مخصص لقراءة الصحف والمجلات فقط، وذلك نتيجة فقرها الأدبي، خصوصاً الأدب السعودي، إلاّ أنّ المصيبة الكبرى هي أنّك لا تستطيع أن تجد مطبوعات الأندية الأدبية الأخرى فيها!، وفي بعضها لا توجد نسخ من المطبوعات القديمة لنفس النادي وتلك طامة كبرى، كما أن هذه المكتبات غير مواكبة لحركة النشر والترجمة، ولا تحتوي في كثير من الأحيان إلاّ على نسخ قليلة من الكتب المهداة إلى النادي أو الرئاسة العامة لرعاية الشباب (الجهة المشرفة سابقاً على الأندية الأدبية).
نادي الرياض وتجربة فريدة
خلال العامين الماضيين نظم النادي الأدبي بالرياض عدة دورات في مجالات أدبية متنوعة أشرف عليها الدكتور عبد العزيز السبيل (أستاذ الأدب في جامعة الملك سعود) آنذاك وانتظم فيها العديد من الوجوه الشابة، وانطلقت من خلالها الكثير من المشاريع الثقافية، أحدها لقاء شبه شهري يجمع محبي القصة القصيرة من قاصين شباب ومتذوقي هذا الفن الأصيل.
هذا اللقاء الذي يعقد بين جنبات النادي الأدبي بالرياض بإشراف د. عبد العزيز السبيل وعضوية كل من: عاطف الشهري ومحمد القرعاوي وعبد الرحمن سلطان السلطان وجمعة العنزي، عبارة عن قراءات نقدية لنصوص أدبية محددة سلفاً، لكتّاب سعوديين وعرب وأجانب، يتعرّض اللقاء للقصص المطروحة من عدّة زوايا نقدية بالاعتماد على تاريخ الكتاب ورؤيته وأسلوبه، وتشريح النص من عدة أوجه مختلفة. كما يتناول اللقاء بالنقد أيضاً نصوصاً من تأليف الأعضاء، وفي هذه الحالة يكون النقد مباشراً وصريحاً، فالهدف تطوير الأداء ورفع حرفية النص كما يؤكد أعضاء اللقاء. وأعضاء اللقاء يشكرون مجلس إدارة نادي الرياض الأدبي على إتاحة الفرصة لهم، للجلوس ومتابعة شؤون إبداعاتهم الأدبية.
الحلول
أن تبادر مجالس إدارة الأندية الأدبية إلى الانفتاح على المجتمع المحيط، وأن تبادر أيضاً إلى استطلاع آراء الشباب وإشراكهم في اتخاذ القرار، وإفساح المجال لهم في خوض غمار النشاط المنبري .. فضلاً عن تنظيم برامج تستهدف الشباب وتطوير مستوياتهم الأدبية .. مثل إقامة المحاضرات والدورات المتخصصة، وإفساح المجال لنشر إبداعات الشباب في المجلات الصادرة من مختلف الأندية الأدبية.
عبد الرحمن بن سلطان السلطان قاص شاب، الرياض |