* الاحساء الجزيرة:
استضاف منتدى بودي الثقافي بالأحساء أول من أمس الناقد الدكتور سليمان البوطي في محاضرة بعنوان (ألف ليلة وليلة و أثرها في نشأة القصة البوليسية). وقد بدأت المحاضرة بمقدمة لراعي المنتدى الناقد محمد بودي تحدث فيها عن تطور القصة البوليسية في الأدب العربي وأن قصص المخاطرات شكلت النواة الأولى لهذا الفن القصصي. وأضاف بودي أن قصص ألف ليلة وليلة ألقت بظلالها على كتاب القصة الأوربيين. تلا ذلك تعريف بالسيرة العلمية والأدبية للمحاضر. ثم تحدث الدكتور سليمان البوطي عن القصة البوليسية بوصفها عملاً درامياً يقوم على الصراع والتشويق بواسطة الألغاز أو الرموز، وتعني أول ما تعتني بحل اللغز والوصول للقبض على المجرم. وأضاف أن القصة البوليسية الغربية بدأت مع ( إدغار ألن بو) في روايته (حوادث القتل في مستودع الجثث) عام 1841م، وروايته (لغز ماري روجيه والرسالة المسروقة)، واليه يعيد الأدب الغربي عبر الموسوعات وكتب التاريخ شرف ابتداع وإنشاء هذا اللون من القصص إلا أن الحقيقة التاريخية تكشف أنه مسبوق بفنه هذا من قبل (مبدع) ألف ليلة وليلة بمئات السنين، فألف ليلة وليلة تتصل بفن القصص البوليسي ليس بالشكل فقط من حيث التشويق الدرامي بطريقة القص المبتور عندما تنتقل من حدث إلى آخر ومن مكان وزمان إلى عوالم وأزمنة أخرى دون استكمال إضاءة الحوادث في تلك الأطر الزمانية الأولى لتعود إليها في الوقت الذي لا يكون القارئ فيه متوقعاً، هذا إن لم يكن قد نسيها بفعل اللهاث وراء المجاهيل المخبوءة في طيات الأحداث الواقعة لشخوص الحكاية.
فلقد قام مبدع (ألف ليلة وليلة) بوضع حكاية إطار تجري داخلها حكايا أحداثها متلاحقة ذات قوام واحد من لقاء وفراق وخيانة وقتل وجزاء وعقاب وبين الناقد البوطي على أن ليس بهذا وحده تنتمي إلى القصص البوليسي بل الأمر المهم الذي يبوئها سدت هذا النوع من القصص هو وجود جرائم من صنف الجرائم الواقعة على الأفراد مثل القتل والاحتيال والسحر أو الشعوذة وجرائم الخيانة وكذلك وجود أبطال يقع على عاتقهم كشف هذه الجرائم أو درء وقوعها وإعادة حقوق إلى من وقعت عليهم تلك الجرائم وأشهر هؤلاء الأبطال: (علي الزيبق) العيار، والخليفة هارون الرشيد، وأراها في حديثه أن الخليفة هارون الرشيد كان في ألف ليلة وليلة أول بوليس سري يأخذ على عاتقه كشف جريمة قتل، كما جاء في إحدى حكايات الليالي.
وخلص أن قوام الحكاية في (الليالي) قائم على جريمة وانكشافها ومن ثم تلقي العقاب عليها، فهل نبالغ إذا استرجعنا شرف إبداع هذا الفن القصصي من أيدي (إدغار ألن بو) ووضعناه وساماً على صدر أدبنا الشعبي، وتحدث عن اهتمام الأدب العربي الحديث بالقصة البوليسية وامتيازه عن الغرب بهذا النوع بتسليط الضوء على دور المجتمع في انتشار الجريمة مثل قصة (اللص والكلاب) وقصة (يوميات نائب في الأرياف). وأضاف أن نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس يعدان من أشهر أعلام القصة البوليسية في أدبنا العربي الحديث، بيد أنه أرجع السبب في عدم ازدهار هذا النوع في أدبنا العربي الحديث إلى التفاته نحو الرواية السياسية التي تهاجم النظم الاجتماعية والسياسية القائمة على الفوارق الطبقية وبسبب الأحداث السياسية التي أثرت على وطننا العربي على مدى قرن من الزمن وهو القرن العشرون والتي حجبت هذا النوع عن دائرة الضوء. بعدها فتح المجال للمداخلات ونقاش المحاضر شارك فيه كل من الشيخ عبدالمنعم الهزيم، الداعية في إدارة الاوقاف والمساجد، والشاعر عبدالله العويد، والدكتور بسيم عبدالعظيم استاذ الادب بكلية التربية للبنات بالاحساء والاستاذ محمد بن راشد العيسى مدير التأمينات الاجتماعية بالاحساء والشاعر عبدالله الجلال والدكتور محمد العبدلي الاستاذ بجامعة الملك فيصل بالاحساء.
، بعدها قام راعي المنتدى محمد بودي بتقديم درع المنتدى التقديري وشهادة شكر للناقد الدكتور سليمان البوطي، وأعلن عن موضوع لقاء الجمعة القادمة وهو (مراجعة نقدية لأول كتاب تاريخي عن الاحساء) للناقد عبدالله الملحم.
|