Monday 11th September,200612401العددالأثنين 18 ,شعبان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

قراءة في تراجع معدلات التضخم!! قراءة في تراجع معدلات التضخم!!
د. عقيل بن محمد العقيل

أعلنت مؤسسة النقد عن تراجع معدلات التضخم (2.1% حتى يونيو الماضي) وعن زيادات طفيفة في مؤشر تكلفة المعيشة (0.1%) فيما تلتهم نار أسعار السلع والخدمات جيوب المواطنين مما جعل الناس في حيرة من أمرهم، ذلك بأنهم يعيشون ارتفاعات جنونية في الأسعار جعلت الخمسمائة ريال فكة كما يقول إخواننا المصريون.
نحن بلد يفتقر إلى المؤشرات التي تمكّن صانع ومتخذ القرار من رؤية الأمور كما هي لا كما يحب، وعندما نطور أو نستخدم مؤشراً نجده يفتقد للمصداقية لسببين لا ثالث لهما، إما بسبب التلاعب بالأرقام لإظهاره في أحسن حال أو بسبب استخدام معادلات رياضية غير دقيقة تجَمل الوضع بما يخالف الحقيقية.
وأكبر مثال على التجاوز بالمفردات هو ما ورد في تقرير التطورات الاقتصادية للربع الثاني من عام 2006 ، حيث أورد في البند خامساً: تطورات الأسهم المحلية، جملة كالتالي (ونتيجة لتجزئة السهم إلى خمسة أسهم، ارتفع عدد الأسهم المتداولة في الربع الثاني 2006 بنسبة 480.5 في المائة) والحقيقة البسيطة تقول إن هذا يعتبر انخفاضاً في عدد الأسهم، فالمفروض أن تكون 500 في المائة لتكون النسبة متعادلة نتيجة لتجزئة الأسهم، إذ هنا تجاوز في المفردات والحرص على إدراج مفردات متفائلة حتى ولو كانت تعطي الحقيقة ولكن من الباب الخلفي.
الريال السعودي المرتبط بالدولار انخفض أمام عملات الدول التي تستورد المملكة منها معظم السلع والخدمات مما أدى لارتفاع كبير في أسعارها تجاوز في حالات كثيرة أكثر من 30%، أسعار مواد البناء الأساسية (الحديد، الأسمنت) ارتفع بأكثر من 50% خلال السنوات القليلة الماضية، إيجارات المساكن ارتفعت في عام 2005م من 20% إلى 30%، زيوت التشحيم ارتفعت أكثر من 50% منذ ارتفاع أسعار النفط (من 8 إلى 12 ريالاً للعلبة) والشواهد كثيرة ومتعددة يلمسها المواطن وينفيها المؤشر مما يعطل فاعلية المؤشر لدى المواطن والمسؤول بخلاف ما هو معمول به في الدول الغربية، حيث تبنى قرارات عملية بناء على المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بجودة حياة المواطن اليومية وتداعياتها.
وأود أن أورد لكم ما ورد في البند السابع من تقرير التطورات الاقتصادية للربع الثاني من عام 2006 الصادر من مؤسسة النقد حيث يقول: (حقق متوسط الرقم القياسي لتكاليف المعيشة خلال الربع الأول من 2006 ارتفاعاً نسبته 0.6 في المائة، وحقق ارتفاعاً سنوياً نسبته 0.9 في المائة مقارنة بنهاية نفس الفترة من العام السابق، وقد ارتفع الرقم القياسي للسلع والخدمات الأخرى بنسبة 1.5 وللأطعمة والمشروبات بنسبة 1.3 في المائة. وللأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 0.4 في المائة)، ويمضي إلى أن يقول التقرير إن التعليم والترويح انخفضت أسعاره بنسبة 0.1 في المائة ولم يطرأ أي تغيير يذكر في أسعار الأثاث المنزلي.
وأقول هذا غير معقول لأسباب ثلاثة، أولها أن البلد يمر بحاله نمو اقتصادي وطفرة إن جاز لي أن أسميها، والنمو يلحق به تغير في الأسعار إلى الأعلى وهذا ليس عيباً اقتصادياً ولكنه تطور طبيعي، فهل نحن عكسنا السائد وفعلنا المستحيل بجعل الأسعار ترخص فيما نحن نحقق نمواً اقتصادياً، وثانيها أن البترول الخام ازدادت أسعاره وتبعه في ذلك النقل وتكلفة الإنتاج ولن أغفل التأمين ومضاعفة أسعاره وخصوصاً في هذه المنطقة الملتهبة من العالم، فكيف ترخص الأسعار؟!، وثالثها تجربتي الشخصية وتجربة غيري من المواطنين التي تؤكّد أن ما نصرفه اليوم أكثر بكثير مما نصرفه قبل ثمانية أشهر.
التضخم ليس عيباً فالتضخم هو نتاج طبيعي للنمو الاقتصادي، ولكن العيب أن نخفيه وأن لا نتعامل معه كمشكلة يجب معالجتها ومعالجة إفرازاتها التي قد تتمثّل بارتفاع معدلات الجريمة والتي هي الأخرى لا نعرف عنها شيئاً ولا نعرف مدى ارتباطها بمؤشرات التضخم والبطالة والتسرّب التعليمي وغير ذلك من المؤشرات.
نعم، علينا أن نواجه الواقع ونحن نرى المواطن يكتوي بنار الأسعار ونحن نتفرج عليه ونخرج له مؤشرات تقول له لا تخف فإن ما تعانيه لا دخل لنا به وعليك التصدي له لأنك لا تحسن صرف دخلك الشهري البسيط، عليك أن تنمي مهاراتك في التخطيط المالي أيها المسرف.
المواطن يعلم علم اليقين أننا دولة لا تنتج خدماتها وسلعها الاستهلاكية وأننا دولة مستوردة، وبالتالي أتوماتيكياً فنحن مربوطون بنسبة النمو العالمي الذي ارتفع العام 2005 بنسبة 8.4 في المائة ويتوقع أن يكون لهذا العام 4.9 في المائة، إذاً فارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية مباشرة أو غير مباشرة أمر مؤكّد، وإذا أضفنا لذلك دخول منتجات وخدمات جديدة في قائمة حياتنا الاستهلاكية مثل الجوال والإنترنت اللذين تحولا من كماليات إلى ضروريات.
وإذا علمنا أن حصول المواطن على السكن في وقت مبكر من حياته أصبح حلماً وكلنا يعلم أن الإيجار يستهلك أكثر من 30% من دخول المواطنين
هل نتوقّع أن ينعم المواطن السعودي بحياة كريمة إذا لم نعترف بالحقيقة لنحرك كافة القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية لعلاجها؟ لا أظن ذلك أبداً، إذاً فلنعترف أولاً والاعتراف بالمشكلة والشروع في علاجها نصف الحل، والنصف الثاني لا شك أن ممكن خاصة ونحن نعيش اليوم في رعاية ملك القلوب خادم الحرمين الشريفين الملك العادل عبد الله بن عبد العزيز الذي جعل المواطن في أول سلم أولوياته والقاصي قبل الداني يشهد بذلك.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved