5 سنوات منذ الاعتداءات

لم تكن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 حدثاً إرهابياً اعتيادياً، وإنما اعتبر حسب وصف المتابعين مفصلاً تاريخياً في العصر الراهن، على الرغم من أن الذين نفذوا هذا الحدث الرهيب لا يتجاوز عددهم تسعة عشر إرهابياً.
فدقة التخطيط وجسارة التنفيذ وسرعته وحجم الخسائر التي ألحقتها الاعتداءات في أقوى دولة في العالم تؤكد أن ظاهرة الإرهاب على مستوى عال من الخطورة، لأن عملياتها غالبا ما تأتي بتخطيط منظم ودقيق من أجل قتل أكبر قدر ممكن من الأبرياء.
فالإرهاب ظاهرة أصابت جميع المجتمعات وليست المجتمعات الغربية فحسب، فالدول العربية والإسلامية لم تسلم من شر هذه الظاهرة، والمملكة بدورها عانت منها، ومن عمليات تنظيم القاعدة الإجرامية، واستطاعت بفضل من الله أن تحد كثيرا منها، ومن القيام بعمليات أمنية استباقية أفشلت مخططات الإرهابيين.
إن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر قد أساءت كثيراً إلى صورة العربي والمسلم، ووضعت المسلمين الذين يعيشون في الغرب وبخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية في حالة من الخوف من انتقام المتطرفين الأمريكان والأوروبيين.
وفعلا تعرض كثير من المسلمين هناك لمضايقات وتهديدات إثر الاعتداءات، ولكن مما يؤسف له أيضا أن الولايات المتحدة قد شنت حملة واسعة على العالم العربي والإسلامي وأدخلت المنطقة العربية في دوامة من العنف الذي يعتبر المغذي الرئيسي للإرهاب.
فاحتلال العراق على سبيل المثال لم يخدم قضية مكافحة الإرهاب، وإنما جعل العراق بيئة ملائمة لتفريخ الإرهابيين والزج بالمنطقة في حرب غير مبررة، فبعد أن كانت الأسباب المعلنة لاحتلال العراق هو تطوير نظام صدام لأسلحة الدمار الشامل، وتورط هذا النظام في الإرهاب العالمي، ثبت فيما بعد أن العراق خال تماما من هذه الأسلحة، فتحولت الخطابات الأمريكية والبريطانية من الحديث عن هذه الأسلحة إلى الحديث عما يسمى (دمقرطة) العالم العربي، والتدخل في الشؤون الداخلية لدوله.
والنتيجة أن هذه السياسة أثبتت فشلها بشهادة المتابعين الأمريكان والبريطانيين أنفسهم، وحولت المواجهة بين المجتمع الدولي والإرهابيين، إلى ما يمكن تسميته بصراع بين الحضارات.
إن محاربة الإرهاب بحاجة إلى تكاتف عالمي بين الدول والمنظمات، وعدم الزج بالمصالح الذاتية في خطط المكافحة، أو التفريق بين إرهاب وآخر، فكل عمل يستهدف الأبرياء هو إرهاب، كما حصل للمدنيين في لبنان على سبيل المثال بسبب القصف الإرهابي الإسرائيلي.