رغم القرار الخجول الذي يصدره مجلس الأمن بمبادرة فرنسية أمريكية وملاطفة إسرائيل في معظم بنوده وأخذ موعد منها بوقف العمليات وأنها الساعة الخامسة صباحاً من يوم الاثنين حتى تكمل عملياتها كما يقول عنان، أقول رغم كل هذا التراخي مع إسرائيل إلا أنه بادرة حسنة ونقلة إيجابية يشكر عليها كل من تحرك وساهم في إيقاف سيل الدماء وقتل الأبرياء وأيضاً رغم قتل الحياة وتدمير لبنان وقطع أوصاله وشل حركته، رغم الهزيمة التي مُني بها الطرفان إلا أن هناك انتصارات صغيرة ونقاط ضوء نلمحها وسط الظلام ونحصدها من على الركام وهذه النقاط تتمثل في الآتي:
- التحام اللبنانيين وتماسكهم وتناغم التنسيق فيما بينهم ووقوفهم صفاً واحداً ويداً واحدة ضد المحتل ورفضهم كل محاولات الاختراق والدس من قبل المحتل.
- سقوط صواريخ حزب الله على حيفا ونهاريا وإلى أبعد من ذلك وأيضاً تفجير الدبابات الإسرائيلية والطائرات وتراجع الجيش الإسرائيلي من مرجعيون بل تعثر الجيش الإسرائيلي وعجزه عن مواصلة الحرب كل هذه الأمور حطمت الأسطورة التي نسجها العالم والعرب خاصة حول قوة إسرائيل وتقنيتها وتطور جيشها وأنها تقف عاجزة أمام سيل الصواريخ الصغيرة التي تسقط على المدن الإسرائيلية فهذه الحرب أثبتت ضعف إسرائيل العسكري والتقني فمنظمة ومقاومة صغيرة في بلد صغير بأسلحة بدائية تلقن إسرائيل درساً لن ينسوه أبداً وتجعلهم يحسبون ألف حساب في محاولات جائرة قادمة ضد لبنان أو فلسطين أو أي بلد عربي آخر.
- لعل مبادرة أمريكا ومشاركتها في مشروع إيقاف الحرب تكون بداية لمراجعة أمريكا نفسها وتخليها عن سياسة الكيل بمكيالين وعن الوقوف غير المنصف مع إسرائيل وأن تعمل على تهدئة المنطقة وإطفاء نزاعاتها فضخامتها وقوتها ومصالحها في الشرق الأوسط يؤهلها للعب هذا الدور.
- اختفاء صوت البندقية ونجاح الدبلوماسية فالتحرك العربي والدولي وخاصة فرنسا اللاعب النزيه في المنطقة ومبادرتها المتعقلة فهي صاحبة المبادرة الأولى التي أوقفت الحرب قبل سنوات ولها الدور الإيجابي في إيقاف الحرب هذه المرة فتحرك الجميع وتعاطفهم مع لبنان وتأثرهم بما يجري هناك وخاصة الدول العربية والدولة السعودية التي تحركت على شتى الصعد في هذه الأزمة ونجاحنا في إيقاف الحرب لعله يكون بداية لتأبط قضايانا والمنافحة عنها في المحافل والاجتماعات الدولية وعرضها على أصحاب القرار في العالم ونجاحنا هنا هو الحقيقة بمثابة الحافز والدفعة التي تجعلنا نجوب العالم ونحرك الدول ونلفتهم إلى ما يحدث في العراق وإلى ما يحدث في فلسطين فلماذا ننجح في لبنان ونعتقد الفشل في فلسطين والعراق؟!
- التحام الصف اللبناني في هذه الحرب واتحاد الصوت العربي لعله أن يكون بداية للتكتل والاتحاد العربي وذوبان كل الخلافات وأن نكون صوتاً واحداً وصفاً واحداً ضد هذا العدو الذي يبتزّنا ويتغنى على تفرقنا بل ويحاول جاهداً على تشتيتنا وتفريق صفنا وأيضاً لابد من أن تُعد له العدة وأن ننافسه بالقوة والتقنية والعدة والعتاد حتى نجعله يفكر مرات قبل أن يستعرض ترسانته وتغطرسه على الأبرياء العزل.
سطور أخيرة:
أوروبا دول صغيرة عندما سقط الاتحاد السوفيتي واختل التوازن الدولي حدّثت نفسها بالاتحاد واتحدت ونجحت في ذلك وأصبحت قوة تستطيع أن تحمي نفسها من أي اختراق وأن تكون منافسة لأمريكا فلماذا نحن العرب رغم انتهاكات إسرائيل المتكررة وتغطرسها في منطقتنا لا ننبذ خلافاتنا ونتحد ونصبح بلداً واحداً ونوظف كل إمكانياتنا وقدراتنا في تحديث منطقتنا والرقي بدولنا وشعوبنا، وإذا كنا في السابق ننادي بالتكتل ضد العولمة حتى لا تلتهمنا فإننا ننادي به الآن حتى نحمي أنفسنا.
|