يأتينا اليوم الوطني هذا العام وبلادنا في أوج مجدها وعزها بين الأمم قاطبة.. ويأتينا اليوم الوطني هذا العام وكل مواطن يفخر ويعتز بأنه من أبناء هذا الوطن.. فمملكتنا - بحمد الله - تشهد تقدُّماً غير مسبوق في كل المجالات.. أهمها وأجملها امتداد جسور التواصل والانتماء والولاء بين الوطن والمواطن، وبين المواطن والقيادة الرشيدة.
إنها لحظة تاريخية تأتي امتداداً لما أرساه الملك عبد العزيز - رحمه الله - لوحدة هذا الوطن وتقدُّمه، ولرفعة هذا المواطن وتطوره. إنها لحظة مهمة تحتاج منا كل تأمُّل وتفكير لاستكشاف تلك المعاني القيمة والعميقة لهذه العلاقة السامية بين الوطن والمواطن التي قلما وجدت في كثير من الدول، فإذا بها تتحقق في بلادنا بفضل من الله تعالى، ثم بالسياسات الحكيمة والأبوة الحانية والإنسانية النبيلة لمليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظهما الله.
لذا أعتقد أن احتفالنا بيومنا الوطني هذا العام يؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة وطننا الغالي.. مرحلة ملامحها التطور والنماء، وهما يعبران بوضوح عن عظمة النهضة الحضارية الشاملة التي تعيشها بلادنا في هذه الفترة المتميزة من تاريخها الحديث في كافة الميادين والمجالات، فخطط التنمية ترسم وفق دراسات علمية دقيقة لبناء وطن يسوده الرخاء ويظله الأمان، وأيضاً لبناء الإنسان ورعايته ليؤدي دوره الحضاري المأمول من خلال امتلاكه أدوات ووسائل النمو والتطور لإعمار هذه الأرض المباركة بإذن الله تعالى.
وفي إطار ملحمة البناء والتنمية المستمرة لكل البنى التحتية والخدماتية في وطننا الغالي فقد حظيت الخدمات الصحية كغيرها من الخدمات الحيوية والضرورية بكل رعاية واهتمام من ولاة الأمر يحفظهم الله. لقد قطعت المملكة العربية السعودية أشواطاً واسعة في رفع مستوى الخدمات الصحية كماً وكيفاً في كافة المستويات الوقائية والعلاجية والتشخيصية، وشهد بذلك ذوو الشأن والخبرة على الصعيد الدولي، وفي مقدمتهم منظمة الصحة العالمية التي صنَّفت المملكة في مصاف الدول المتقدمة من حيث المستوى المتطور الذي وصلت إليه أنظمة الرعاية الطبية وأساليب تقديم الخدمات الصحية المعمول بها في البلاد على مستوى العالم العربي. وتدل الإحصائيات في هذا المجال دلالةً واضحةً على مقدار التطور الذي شهده قطاع الخدمات الصحية بكافة مستوياته؛ حيث تحققت إنجازات متميزة في كل المرافق والمنشآت الصحية مقارنةً بالأرقام المتواضعة التي كانت عليها في بداية تأسيسها؛ فقد وصل عدد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة إلى (213) مستشفى بين عام وتخصصي موزَّعة على مختلف أنحاء المملكة بسعة سريرية تبلغ (30020) سريراً، بينما بلغ عدد مراكز الرعاية الصحية الأولية (1848) مركزاً صحياً؛ حيث أصبحت هذه المستشفيات والمراكز تخدم الأحياء السكنية بالمدن والمحافظات والقرى والهجر وبطاقة طبية تبلغ (18621) طبيباً، وبهيئة تمريض تصل إلى (41356) ممرضاً وممرضة. ولم يتوقَّف التطور الذي حدث في هذا القطاع الخدمي الحيوي عند الجوانب الكمية، وإنما تطوَّرت أيضاً الجوانب النوعية لتطبيق مفاهيم الجودة النوعية العالية والنجاح في استقطاب الكفاءات الطبية الوطنية المتخصصة، وعلى رأسها أبناء هذا الوطن الغالي الذين شمروا عن سواعدهم وأسهموا بكل جدارة واستحقاق في دعم وتطوير الخدمات الصحية بجهودهم الخيرة وخبراتهم المتميزة؛ مما أدى إلى ارتفاع الوعي الصحي لدى كافة شرائح المجتمع وفئاته من مواطنين ومقيمين، وأسهم ذلك بدوره في زيادة متوسطات العمر وتقليل معدلات الوفيات إلى حدودها الدنيا، كما انحسرت بشكل ملحوظ الأمراض الوبائية والمعدية. واستفادت وزارة الصحة الكثير من توظيف أحدث ما توصَّل إليه العلم الحديث والتقنية الطبية المتقدمة، سواء في مجال التجهيزات الطبية أو في الطرق المتبعة في تقديم الخدمات الصحية، وتمثَّل ذلك في إنشاء العديد من المراكز الطبية المتطورة والمستشفيات التخصصية التي يندر وجود مثيل لها في منطقة الشرق الأوسط. ولتعزيز وتنظيم وتطوير الخدمات فقد تم تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني ليشمل في مرحلته الحالية جميع المقيمين في المملكة من غير السعوديين، على أن يُطبَّق في مرحلة لاحقة على المواطنين السعوديين أيضاً بعد ثبوت نجاح التجربة التي ستكون مبنية على دراسة مستفيضة ستجريها وزارة الصحة من واقع التطبيق العملي لهذا النظام وستتضح خلالها إيجابيات نظام الضمان الصحي التعاوني وسلبياته - إن وجدت - ومدى صلاحية التوسع في تطبيقه على المواطنين مستقبلاً بحول الله وقوته؛ حيث من المتوقع أن يسهم تطبيق هذا النظام بفعالية في تخفيف الضغط على المنشآت الحكومية، كما يتيح الفرصة أيضاً للمنشآت الصحية التابعة للقطاع الخاص لتقديم خدماتها الطبية للمساهمة مع القطاع العام في تقديم الخدمات الطبية تحت مظلة الضمان الصحي التعاوني.
وفي هذا العام نفَّذت الوزارات العديد من الحملات التوعوية والتثقيفية لرفع وعي المواطنين والمقيمين وتعريفهم بالأمراض وكيفية الوقاية منها وتجنبها ما أمكن؛ حتى ينعم الجميع بالسلامة والرفاهية. وكان آخر هذه الحملات المهمة الحملة الوطنية للقضاء على الملاريا ضمن المشروع الوطني للقضاء على الملاريا في المملكة التي قادها شخصياً معالي وزير الصحة الدكتور حمد بن عبد الله المانع في المناطق المستهدفة، حيث جنى مواطنو هذه المناطق ثمار الحملة بخلوّ منطقة جازان على سبيل المثال من الأمراض الخطيرة، ولم يكن ذلك سوى حلقة من سلسلة طويلة من إنجازات ونجاحات مستمرة لوزارة الصحة في تطوير وتنمية الخدمات الصحية التي تبدو اليوم كما لو أنها مشاركة صادقة في احتفالاتنا باليوم الوطني.
فعشت دوماً يا وطني على خطى التطور والنماء، وعاشت قيادتنا الرشيدة من أجل أمن وسلامة مواطنيه الأوفياء.
* المتحدث الرسمي والمشرف العام على الإعلام والتوعية الصحية بوزارة الصحة |