Saturday 30th September,200612420العددالسبت 8 ,رمضان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الريـاضيـة"

أذهان من ذهب أذهان من ذهب
عبدالسلام سليمان العامر (*)

مبروك لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذه الإنجاز من أبنائه ذوي الاحتياجات الخاصة ومبروك للمسؤولين في رعاية الشباب وللشعب السعودي. منذ ثمانية عشر عاماً مضت عشت مع فئة ذوي الإعاقة الذهنية معلماً ومشرفاً تربوياً وعايشتها بآلامها وآمالها وحتى معاناتها هي وأسرها وكنا نطالب لها بكل ما أوتينا من قوة حتى بُحت أصواتنا ولم نفقد الأمل يوماً تجاهها لدى المسؤولين.
على منابر المحاضرات والمؤتمرات والتجمعات الاجتماعية كنا لها صوتاً قوياً مطالبين بحقوقها وما يجب أن يوفر لها من سبل العيش الهنيء في كافة مجالات الحياة ولم ننس حتى واجباتها المناط بها لإعطائها قدراً من ذاتها لتشعر بالمسؤولية كما هم أقرانها العاديون، وكانت مطالبنا تواجه بعدة اتجاهات وأستطيع أن أصنفها لثلاثة.. الاتجاه الأول وجدنا منه قبولاً واقعياً إيجابياً تجاه هذه الفئة بل سعى معنا إلى تذليل كل العقبات التي تواجهها.. والثاني هو ذلك المتحفظ على رأيه فوجدناه في ظاهره قبولاً إيجابياً مبطناً بمجاملة لنا وفي ذات نفسه غير متقبل لهذه الفئة وكانت نتيجة مخرجات هذا الرأي أننا لم نجد منه في الواقع إلا التجاهل.. أما الاتجاه الثالث كان صريحاً بنظرته التشاؤمية تجاه هذه الفئة حين قال لنا: إن الأسوياء لم يحققوا ما نصبو إليه ولم يبدعوا فكيف بهذه الفئة؟، فقط ندعو لهم بالشفاء وكان هذا الاتجاه أكثر إيلاماً وتحطيماً في ذواتنا ولكن لم نستكين بل واصلنا خطواتنا على كل الأصعدة حتى تحقق أغلب ما نتمناه لهذه الفئة في كافة المجالات وكان آخرها المجال الرياضي.
بالأمس كان يوماً غيرعادي في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة والمسؤولين عن الرياضة السعودية والمهتمين في هذا الجانب بمناسبة تحقيق بطولة عالمية للوطن على أيدي الأوفياء من ذوي الاحتياجات الخاصة من ذوي الإعاقة الذهنية بتحقيقها نصراً غير مسبوق للكرة السعودية عالمياً من خلال الفوز بكأس العالم لذوي الاحتياجات الخاصة وحققت هدفاً نبيلاً في ذواتها بأن أثبتت قدراتها وكيانها وأثبتت ذاتها كعنصر فاعل في مجتمعها لها حقوق يجب أن تتمتع بها وعليها واجبات وطنية استطاعت الوفاء بها لهذا الوطن المعطاء وهي بذلك تثبت من جديد لكل المُحبطين بأنها قادرة على التفاعل في الحياة الاجتماعية من خلال ممارسة رياضة كرة القدم الأكثر قبولاً وشعبية في العالم.. وحقيقة بقدر فرحي بهذا الإنجاز للوطن إلا أن في نفسي فرحة كبيرة اقشعر لها جسدي بل حتى كدت أذرف دمعاً لهذه الفئة وما وصلت إليه وما كنا نحلم به في زمن قد مضى لهذه الفئة والذي عانينا منه زمناً طويلاً، ها هو قد تحق ولله الحمد وقد يكون لمعايشتنا لهذه الفئة جانب مهم لأنها تغلغلت في ذواتنا وأحببناها من كل قلوبنا بل أصبحت هما نعيشه مع كل لحظات نلتقي بهم. فئة المعاقين ذهنياً هي أحد فئات ذوي الاحتياجات الخاصة والتي عانت منذ عقود مضت من الحرمان والعزل والإبعاد عن الحياة الاجتماعية بكافة مجالاتها حتى أصبحت مهمشة منسية لا تتمتع بكافة حقوقها ولا حتى بجزء منها بل كان مصيرها مجهولاً إن لم يكن حُكم عليها مسبقاً بالفشل وعدم القدرة على التعليم والعمل وحتى الإنتاجية حتى تاهت مغربةً قسراً بين دهاليز مجتمعنا في ذل ومهانة ولكن لم يدم هذا الحال ولله الحمد طويل على الأقل في بلدي فمع إطلالة القرن الواحد والعشرين اتجهت أغلب دول العالم لإحتضان هذه الفئة وإعادتها إلى الكيان الاجتماعي من خلال إتاحة الفرصة بالاندماج في كافة جوانب الحياة في التعليم والعمل ومناشط الحياة المختلفة حتى سُنت الأنظمة والقوانين التي تلبي احتياجات هذه الفئة.. وبلادي المملكة العربية السعودية وعلى رأسها مولاي خادم الحرمين الشريفين فعلت هذا التوجه بإنشاء المجلس الأعلى للمعاقين قبل ثلاثة سنوات يرأسه الملك عبدالله أطال الله في عمره ثم توالت الاهتمامات بإنشاء الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة والذي يرأسه الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز.. وبلادنا ولله الحمد تعدّ نموذجاً رائعاً ًيُحتذى به بين بلدان العالم لما نحققه لهذه الفئة وفئات قبلها كان لها دور رائع مثل الصم وألعاب القوى والبقية سيأتي دورها حين لا تغيب هذه الفئة عن أعيننا وحين تسكن دواخلنا فستعطينا وستشرفنا دوماً بأذن الله تعالى.
كم كانت دموع تلك الفئة مؤلمة وقلوب ترتجف خوفاً لبلوغ هذا الانتصار وكم أفرحنا تلك الأيدي مرتفعة للخالق تطلبه النصر اعتقد كل من شاهدها تعاطف مع هؤلاء الشباب الطامحين الكاسرين لقيود إعاقتهم المُثبتين جدارتهم بارتداء شعار الوطن بل هي رسالة للأصحاء لينظروا لذلك التفاني والاحتراق من أجل الوطن وتوالت أسئلة حائرة من حولي ومن هاتفني مباركاً وسائلاً عن هذه الفئة ومن أين أتت؟ وما هي إعاقتها؟ وأين كانت تعيش؟ وهل هؤلاء الشباب يدركون خطط مدربيهم؟ لماذا لم نعرفهم إلا حين رسموا الفرحة على محيانا؟ عني سأحيل تلك الأسئلة إلى وسائل الإعلام المختلفة التي ظلت غائبة عن هذه الفئة في كل مشاركاتها ولم تظهر إلا حين وصلنا للنهائي وقبلها كانت مشاركات أخرى للصم وألعاب والمعاقين حركياً وكانت نفس المصير ولم تغط وسائل الإعلام أحداثها وما يليق بمشاركاتها!!.. عزيزي القارئ هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة ماذا تريد منا؟ ببساطة تريد نظرة واقعية منصفة لحالها ويداً حانية وقلوباً تحتضنها بصدق وأيادي تمتد لها دوماً مساندة ومعاضدةً لطموحاتها وأمانيها لتحقق ذاتها ومكانتها في ظل اهتمام إعلامي واجتماعي بحالتها عندها سنجد بإذن الله نتائج ترفع الرأس.
جزيل الشكر لكل الأوفياء ولكل المخلصين الذين عملوا سنوات من أجل إعداد هذا الفريق وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل وللأستاذ ناصر الصالح الأمين العام للاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة ولمدرب الفريق الكابتن عبدالعزيز الخالد ومساعد المدرب الكابتن فهد الرديعان ومسئول رياضة ذوي الإعاقة الذهنية الأستاذ فهد القباع لكل هؤلاء نقول لهم ألف مبروك ويعطيكم الله ألف عافية ونأمل مزيداً من الانتصارات.
وقفة: لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة مبروك هذا الانتصار العظيم وهذا الإنجاز للوطن من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وهنا أسوق مطلبين مهمين أرى ضرورة تحققهما.. فالأول هو إقرار مكافآت مجزية لهذه الفئة ومقابلة خادم الحرمين وسمو ولي العهد وبعض المسؤولين الآخرين واعتقد بل وأجزم بإذن الله بتحقق هذا المطلب.. أما الثاني فهو اقتراح بأن يتم إنشاء فرق لذوي الاحتياجات الخاصة في الأندية الرياضية وحقها في نظام الاحتراف وإقامة مسابقة سنوية دورية لها.
وقفة أخيرة أنشودة الأمل لمعالي الدكتور غازي القصيبي


لا تقل إني معاق مد لي كف الاخوة
ستراني في السباق أعبر الشوط بقوة

(*) رئيس قسم التربية الخاصة بتعليم حائل

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved