Al Jazirah NewsPaper Tuesday  04/01/2007 G Issue 12516
الرأي
الثلاثاء 20 ذو الحجة 1427   العدد  12516
السكري أو السكرية نخيل وتمر القصيم الفاخر الذائع الصيت
مهندس صالح بن عبد الله الجمعة

تُعتبر السكرية من الأصناف الممتازة، والثمار في دور اكتمال النمو صفراء إهليليجية منتفخة من الوسط قليلاً، متوسطة الحجم وقمع الثمرة متوسط أصفر.. اللون ذو بقع مسمرة والحافة مستوية، ويُعتبر الطعم في دور اكتمال النمو حلواً ذا مذاق عفصي خفيف، وفي دور اكتمال الرطب يكون الطعم جيداً مرغوباً.. أما التمر فطعمه ممتاز، ذو حلاوة زائدة وقوام هش وغالٍ، ويُعبأ في صفائح في هذا الطور وميعاد النضج متوسط (1).

وهي منسوبة إلى السكر لحلاوة طعمها، وقد اعتاد الناس من القديم على تسمية النخلة التي تُوجد عندهم من أصل غير معروف، وتكون ثمرتها حلوة أكثر من غيرها بالسكرية ويضيفونها إلى المكان الذي نبتت فيه أو الرجل الذي وجد في بستانه وهذا له أصل قديم، إذ كثير من التمر كان يُسمى في العراق بالسكرية إذا كان في تمره حلاوة زائدة (2).

وكان يُوجد في القصيم عدة من النبوت أي النخلات التي نبتت من النوى دون قصد.. كل واحدة تُسمى السكرية مضافة إلى مكان أو أناس، وكان إحداها يُقال لها سكرية الجمعة نسبة إلى أسرة الجمعة، وهم من الدواسر الذي انتقلوا من الشماس القديم إلى حويلان أحد الخبوب الغربية في بريدة، وعندما جرَّبها الناس رغبوا في غراسها وأسرعوا إلى ذلك وتركوا أكثر السكريات الأخرى ما عدا السكرية الحمراء أو سكرية المذنب التي بقيت حتى الآن.. واشتهرت سكرية الجمعة حتى أصبح الناس إذا أطلقوا هذه الكلمة دون إضافة انصرفت إليها دون غيرها حتى أصبحت السكرية أغلى النخل تمراً وأغلاه فسيلاً (3).

وحويلان هو موطن أول نخلة من نخل القصيم الفاخر التمر الذائع الصيت خارج القصيم وهو السكري، وكان يُقال لأول نخلة نبتت فيه سكرية الجمعة لأنها نبتت في مِلك أناس يُقال لهم الجمعة أي (آل جمعة) ثم لما كثرت عند الناس أصبح أسمها السكرية والسكري اسم تمرها، وصارت إذا أُطلق هذا الاسم لا يتصرف إلا إليها (4).

قال المستر لوريمر (5) حويلان بين الخب والقصيعة في نفس التجويف 25 منزلاً يُقال إنهم (6) للدواسر، يوجد نخيل كثير من البيوت يبلغ مساحة زراعة النخيل ميلين، يوجد بها الماء على عمق 9 قامات (7).

كما نشرت المجلة الشهرية (لغة العرب) 1931م أصناف تمور نجد والقصيم فورد ما نصه:

(سكرية الجمعة): الجمعة (8) اسم القرية التي اشتهرت بها وتمرها أصفر حلو صادق الحلاوة كالسكر ولهذا سُميت كذلك وتُجمع على سكري (9).

(سكرية زعاق): ثمرتها حمراء بديعة وهي منسوبة إلى زعاق وهو بيت معروف في القصيم عُني باستنبات نوى السكرية المأخوذ من (قرية الجمعة) فجاء من أفخر هذا الضرب من السكري (10).

كما وردت (سكرية الجمعة) في مواضع عدة، حيث وردت في الصفحة 51 من كتاب (النخل في تاريخ العراق) للعزاوي، وفي الصفحة 655 من كتاب (نخلة التمر ماضيها وحاضرها) لعبد الجبار البكر ضمن أصناف تمور نجد والقصيم.

والعُمر - العَمر (نخل السكر) (11) والعُمر تمر جيد معروف بالبحرين والعَمري بالفتح وياء لنسبته وفي بعض النسخ والعمري أي السكري هكذا هو مضبوط.. والأولى الصواب تمراً آخر أي ضرب منه عذب (12) وقد أورد العزاوي في كتابه (تاريخ النخل في العراق) 1382 - 1962 (العُمر) في الصفحة 28 و(السكري) في الصفحة 26 تحت عنوان أنواع التمر والنخل القديمة كما ورد (العُمر)، (السكري) بالصفحة 125 من كتاب (النخيل والتمور في التراث العربي الإسلامي) كنوعين منفصلين أيضاً ولو كان (العُمر) هو (السكري) لما أوردهما المؤلفان كل نوع مستقل بذاته.ويُستفاد من ذلك أن العُمر أو العَمر نوع من السكري لحلاوته، لكنه ليس السكري وهذا بخلاف ما ذهب إليه البحث الذي نشرته مجلة العرب (الجزء 7 - 8 سنة 33 محرم وصفر 1419هـ) بعنوان: (السكري من النخل هو العُمر قديماً) وهذا البحث ليس من إعداد العلاّمة حمد الجاسر - رحمه الله - (كما أُشيع) إذ إن ذلك أتى ضمن بحوث المجلة ولو كان ذلك البحث من إعداده - رحمه الله - لوضع اسمه عليه أسوة بمقالاته وبحوثه الأخرى في مجلته (العرب) (13).وعلى كل حال فإن البحث المشار إليه قد توصل إلى أن العُمر هو السكري، لكنه لم يجزم بأنه منقول إلى القصيم.

ومما تقدم يتضح أن نخل السُّكري أو السكرية من القصيم من قرية حويلان غرب بريدة نبتت في مِلك أناس يُقال لهم (الجمعة) حيث تبادل أهل تلك القرية غرس هذه النخلة الوليدة وتوسَّع نطاق انتشارها ليشمل القرى المجاورة ثم ذاع صيتها في بريدة وما حولها وبالتالي المنطقة كلها.وأخيراً وليس آخِراً فأعتقد أنني قد أوضحت اللبس الذي حصل حول أصل السكري أو السكرية راجياً أن أكون قد وفقت في ذلك.. كما أعتقد أيضاً أنه لا بأس من هذه البحوث إذا اتسمت بالعلمية والمرجعية وليست من حشو الكلام الذي لا طائل من ورائه سوى حرف الموضوع عن هدفه العلمي.

*الهوامش:

1 - كتاب (زراعة النخيل وإنتاج التمور في العالمين العربي والإسلامي) 1399هـ - 1979م - (ص 374).

2 - كتاب (النخل في تاريخ العراق) للعزاوي ص 26 والمعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية - بلاد القصيم للعبودي القسم الأول ص 114.

3 - المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية - بلاد القصيم للعبودي القسم الأول ص 115

4 - المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية - بلاد القصيم للعبودي القسم الثاني ص 826 - 827 وقد نشر العلاّمة حمد الجاسر - رحمه الله - النصوص (2،3،4) في مجلته (العرب) ج 7، 8 س 13 محرم وصفر 1399هـ - 1979م تحت عنوان (النخيل في القصيم) الصفحات (516 - 530).

5 - مؤرخ بريطاني ألّف كتاب دليل الخليج عام 1900م.

6 - الصحيح (أنها) لأنه يريد المنازل.

7 - دليل الخليج الجزء 5 ص 1864 المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية (بلاد القصيم القسم الثاني ص 827)

8 - يقصد قرية (حويلان).

9 - المجلة الشهرية (لغة العرب) الجزء العاشر من السنة التاسعة 1931هم وردت تحت عنوان (نخيل نجد وتمرها) في الصفحة 763.

10 - كتاب (النخل في تاريخ العراق) للعزاوي ص 28.

11 - كتاب (التمور العربية) لمحمد أديب غالب 1973م صفحة (45).

12 - راجع العدد المشار إليه من مجلة العرب أو بعض أعدادها أو كلها إن شئت لترى مقالات وبحوث العلاّمة حمد الجاسر، وقد دوَّن اسمه في نهايتها وإلا لقلنا إن كل ما نُشر في المجلة هو من إعداده.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد