Al Jazirah NewsPaper Saturday  18/01/2007 G Issue 12530
مقـالات
الخميس 29 ذو الحجة 1427   العدد  12530
حق الجنسية لأبناء المواطنة
د. فوزية عبد الله أبو خالد

انعقد الأسبوع الماضي يومي العاشر والحادي عشر من هذا الشهر غرة السنة الميلادية 2007 في ضيافة الشقيقة البحرين، وبتنظيم من جمعية البحرين النسائية ومشاركة مجموعة الأبحاث والتدريب التنموي ببيروت وعدد آخر بمختلف البلدان العربية من مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالقضايا الأسرية وبشؤون المرأة والطفولة مؤتمراً إقليمياً للجنسية، يخص عموم النساء العربيات في مسألة حق المواطنة لأبناء المرأة لأب من غير جنسية الأم.

وقد دعي للمشاركة في هذا المؤتمر أيضاً عدد من المثقفين والحقوقيين والأكاديميين في حقل الدراسات الاجتماعية والقانون والشريعة. وقد جاء ذلك المؤتمر جزءاً من حملة وطنية على مستوى عربي عام تحمل أو تحلم بتحقيق المساواة للمرأة العربية في حقوق المواطنة وواجباتها ومنها حق منح جنسيتها لأبنائها، أسوة ومساواة بأخيها الرجل الذي تنص معظم أنظمة الجنسية وقوانينها في جميع الدول العربية على إعطائه حق منح جنسيته لأبنائه بمجرد ولادتهم بل ولزوجته من جنسية غير جنسيته. وقد طرح ذلك المؤتمر عدة أهداف منها:

- بيان مفهوم المواطنة وتوضيح أنه يعني العدل بين المرأة والرجل في الحصول على حقوق الهوية والقيام بالتزاماتها من الانتماء والولاء.

- تسليط الضوء على الجانب التشريعي والقانوني في حق النساء العربيات ممن يتزوجن لأسبابهن من زوج من غير جنسيتهن في الحصول لأبنائهن ذكوراً وإناثاً على حق الجنسية، وذلك ضمانا للمرأة في لم شملها الأسري داخل وطنها.

- التعرف على تجارب المجتمعات العربية التي نجحت في تحقيق هذا المطلب للمرأة والأبناء مثل نوع الصعوبات التي واجهتها تلك التجارب، والكيفية السلمية التي تمت بها المفاوضات بين المجتمع والدولة لتذليل تلك الصعوبات في جانبها التشريعي والعملي.

وقد تمثلت تلك التجارب الناجحة في مصر والجزائر، حيث جرى بعد مشوار طويل من الجهد تعديل أنظمة الجنسية بالبلدين لتنص على أن يشمل حق المواطنة للمرأة تمكينها من منح جنسيتها لأبنائها من أب مختلف الجنسية حال ولادتهم. وقد كان تعديل النظام تعديلا بسيطا فحيث ينص القانون وذلك على سبيل المثال: (أنه يصبح سعودياً أو بحرينياً أو كويتياً أو مصرياً كل من يولد لأب من جنسية من تلك الجنسية.. فإن التعديل يصبح لكل من ولد من أب أو أم ممن يحمل الجنسية (وتضاف هنا الجنسية المعنية).

- الاطلاع على شهادات حية مقدمة من قبل الأمهات والأولاد (ذكورا وإناثا) تبين حجم المشكلة والمعاناة التي يعيشها يوما بيوم عدد من أولئك النساء نتيجة لعدم حصول أولادهن على الجنسية. وحرمان تلك الشريحة من فلذات الأكباد (أطفالاً) لمجرد أن الأب من غير جنسية الأم من الخدمات الأساسية في مجال التعليم والتطبيب التي عادة تكون مجانية للمواطنين وخاصة في معظم دول الخليج, وكذلك حرمانهم - كباراً - من فرص متكافئة في التعليم العالي وفي العمل والتملك والتركة. بما بدى معه ومما أبرزته تلك الشهادات من حجم المعاناة، وكأن بعض المجتمعات تعاقب ليس المرأة وحسب بل وأبنائها أيضاً لأنها تزوجت من غير جنسيتها بحرمانها وحرمانهم من حق العديد من أسباب الاستقرار الأسري مع أن الزواج من غير الجنسية أمر يقره الشرع للمرأة كما يقره للرجل، حيث الشرط الأساسي في زواج المرأة من يرتضى دينه وخلقه.

- تبادل الآراء والمعلومات والحوار المشترك حول الإشكاليات التي قد تواجه المرأة والأسرة المتزوجة من غير جنسيتها وسبل الحل الذي لا يجعل المجتمع العربي بدعاً بين مجتمعات تعتبر حقوق المواطنة للمرأة بما يشمل أولادها لأب من غير جنسيتها أمرا بديهيا ومنعه انتهاكاً لحقوق الإنسان.

وبهذا الصدد قدمت عدد من الدراسات وأوراق العمل من دول مجلس التعاون كالكويت وسلطنة عمان والبحرين وكذلك بقية الدول العربية الخاصة بمسألة مطلب حقوق المواطنة المتكافئة للمرأة في تمكينها من الحصول على الجنسية لأولادها البنات والأبناء. أما بالنسبة لهذه المسألة بالمملكة العربية السعودية فقد أوضحت ورقة العمل العلمية المقدمة بما لم يدع مجالا لأي (أسئلة استثارية) في هذا المجال أن الدولة السعودية تستوعب هذه الإشكالية الأسرية بالنسبة للمرأة السعودية المتزوجة من غير سعودي فيما يخص وضع الأولاد، بدليل أن خادم الحرمين الشريفين قد أصدر أمراً منذ كان ولياً للعهد بأن يمكن بنات وأبناء المرأة السعودية لأب غير سعودي من الالتحاق بمنظومة التعليم النظامي والجامعي المجاني دون قيود. فرغم تشجيع الدولة القوي لزواج بناتها وأبنائها على حد سواء من داخل الوطن، إلا أنها لا تجهل التنوع المجتمعي الحاصل نتيجة التغير الاجتماعي واستقبال المجتمع السعودي لمختلف الجنسيات. وهي في هذا تقر بحق الاختيار للمرأة والرجل لشريك الحياة من خارج الوطن إن اقتضى الأمر، مع الاحتفاظ ببعض الضوابط لتنظيم هذه العملية التي يجب ألا تمنع استيعاب هذه الخيارات في النسيج الاجتماعي العام. كما أن تلك الورقة قامت بتحديد وتحليل من وجهة نظر سيسيولوجية لعلم الاجتماع الأسري والدراسات الاجتماعية عدد من العوامل النظامية والعوامل المجتمعية التي تسهم في (أشكلة) هذه المسألة بالنسبة للمرأة السعودية، وأوضحت أن مواجهة الإشكاليات الاجتماعية في هذا الشأن وتذليلها قد تكون أصعب من تعديل الجانب النظامي لها، إلا أنه يوجد جهد مشترك مبدئي في الجانبين المدني والرسمي للعمل عليها وإن كان بحاجة إلى التكثيف والمساندة بخطوات تشريعية توضع موضع النفاذ ليحد من الممانعات الاجتماعية التي غالباً لا تستند إلى سند موضوعي سوى التحجج بمنظومة العادات والتقاليد وسواها من المبررات الاجتماعية ليس إلا, على الرغم من نتائجها غير المواتية على المستقبل الأسري للمرأة السعودية وأولادها وخاصة في حالة الطلاق أو الترمل وحتى في حالة استمرار العشرة الزوجية، فإنها بحاجة إلى ما يدعمها من ضمانات الاستقرار والعيش الكريم.

وقد ختمت الورقة بأن طرحت تلك النقاط التي تقدم بها عدد من النساء بمكة المكرمة إلى مجلس الشورى لإعادة النظر في قوانين الجنسية بالنسبة لأبناء وبنات المواطنة السعودية المتزوجة بغير سعودي لضمان الاستقرار لأوضاعها الأسرية على أمل مناقشتها وإقرارها ورفع توصية بها إلى مجلس الوزراء ليتخذ قراره - بإذن الله - بما عرف منه من حرص على تكافؤ حقوق المواطنة وواجباتها، بما يُمكن المرأة السعودية من الحصول على الجنسية لأطفالها بنات وأولادا عند ولادتهم، مثلما هو معمول به نظاما بالنسبة لأولاد الرجل السعودي لأم غير سعودية.

ولا بأس أن أختم هذا المقال بمطالب تلك الصحيفة التي تقدم بها النساء بهذا الخصوص إلى مجلس الشورى ليس فقط من باب التذكير، ولكن من باب التذكير والتزكية أيضاً، فهي مسألة أسرية واجتماعية ولا بد لها من حل في إطار المواطنة من لدن أصحاب قرار لتأكيد اللحمة الوطنية بين النساء والرجال وهذه هي نقاطها:

1 - منح زوج المواطنة غير السعودي حق الإقامة الدائمة دون كفيل وتأشيرة خروج وعودة مربوطة بصلاحية جواز السفر وإعفائه من رسوم الإقامة.

2 - إعطاء الأبناء والبنات لأم سعودية فرصا متساوية في العمل وتتاح لهم ممارسة العمل المهني الحر والحكومي.

3 - السماح للزوج والأبناء لمواطنة سعودية بمشاركتها ملكية العقار إن أرادت ذلك.

4 - المساواة بين المتزوج من غير سعودية والمتزوجة من غير سعودي في حقوق الشريك والأبناء والبنات من حيث حق الحصول على الجنسية وحق الحصول على كل الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وعمل وحق التنقل وحرية الحركة والسفر.

5 - المساواة بين الذكور والإناث من أبناء المواطنة السعودية لأب غير سعودي مثلهم مثل البنات والأبناء لأب سعودي وأم غير سعودية بالحصول على الجنسية فور الولادة.. بحيث تشمل حقوق المواطنة للمرأة حق الأم السعودية في الحصول على جنسية للبنت والولد سواء بسواء. هذا ولله الأمر من بعد ومن قبل.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS

تبدأ برقم الكاتبة «5148» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد