Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/02/2007 G Issue 12549
متابعة
الثلاثاء 18 محرم 1428   العدد  12549
الملك عبد الله بن عبد العزيز وفلسطين

عادل أبوهاشم

ما أصعب الشهادة بالقيادات العربية.. وما أصعب تصديق الناس...!

أي يقولها متهم بالنفاق.. وكيفما قالها متهم بالارتزاق...!

لكن مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يختلف الأمر.. ولا بد ان يختلف.. لا يرتجل الانتصار.. ولا تدفعه هزيمة الآخرين إلى الخوف من الانتصار.

في إرادته مناعة ضد الخوف، وفي قراره حكمه، وفي حكمته شجاعة، وفي شجاعته نصر بإذن الله.

يدرك ان الذل مرض عربي حديث، وان التضامن العربي أشبه بالجحيم.

وان الأسماك الصغيرة تتسابق إلى فم الحوت، وان كل هذه البدل الحديدية العربية في داخل أكمامها أيد مبتورة.

وإن هذه الأمة لم تعد تصلح إلا للاستجداء الدولي..

فقد قاتلت الأمة طويلاً حتى تنتصر في معركة التحول إلى سلاحف مهذبة، لا ترغب حتى في اللحاق بالكلام الذي تقوله.

لقد خيروها.. فاختارت الكلام العربي، وبقي لإسرائيل الدم العربي!

خاضت إسرائيل - وتخوض هذه الأيام - المباريات الدموية والعمليات العدوانية الضارية بجدارة وامتياز لتحقيق حالتي الرعب والإحباط في الوطن العربي، ونحن نخوض - وبجدارة وامتياز أيضاً - المباريات الكلامية وبيانات الشجب والاستنكار والإدانة لتثبيت حالتي الرعب والإحباط في الأمة العربية! يدرك الملك عبد الله بن عبد العزيز هذا جيداً، وهذا تحديداً يجعل مهمته أكثر صعوبة..

ما أقسى ان تكون وحدك مسؤولاً عن قضايا الآخرين..

وكأن كل قضايانا العربية والإسلامية ألقيت أمام بيت أبي متعب. هذا هو وضعنا العربي.. وهذا هو عبد الله بن عبد العزيز يخاطب الناس إيمانا منه بأن لها عيوناً وعقولاً، وغيره يعدها وكأنها كتلة من العُمي يصلها سحر الكلام ولا تستطيع ان ترى بشاعة الفعل.

كان يعرف ان الاحتيال على الحقائق والاعتماد على المبررات المزيفة يشكل سلاماً ملفقاً، ويفتح الطريق واسعاً أمام العصر الإسرائيلي.

وكان يعرف جيداً ان حمى التسابق لإقامة علاقات مع إسرائيل هي أمور مستهجنة لا يمكن الدفاع عنها.

وكان يدرك ان الواقع ليس ما نقبل به فقط، بل ما نرفضه أيضاً إذا تعارض مع الكرامة ومصلحة الأمة العربية والإسلامية.

عرف الملك عبد الله بن عبد العزيز ان الخلط الحاصل في هذه المرحلة بين الواقع والواقعية لا يمكن أن يكون سبباً مقنعاً للتفريط.

فالواقعية هي ألا تحلم بقوة لا تمتلكها لاستعادة الحق، وألا تفرط بالحق لأنك لا تمتلك القوة.. والواقع انك لا تمتلك القوة.. الواقعية اننا أصحاب حق.. فالواقعية ثابتة.. والواقع متبدل..

لا شك في ان ما تم في اوسلو خطيئة، لكن من له حق رجم السلطة الفلسطينية بالحجر..؟ لا أحد.. باستثناء أولئك الذين يحملون مسؤولية المواجهة مع العدو الإسرائيلي.

والملك عبد الله بن عبد العزيز قائد المواجهة مع المحتل الإسرائيلي لم يفعل ذلك بل أعلن عن نصرة الفلسطيني ظالماً ومظلوماً.

في القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة في الفترة من 21-22 أكتوبر 2000م والتي أطلق عليها (قمة الأقصى) أكد الملك عبد الله بن عبد العزيز على أن الظروف التي تمر بها الأمة العربية تحمل في طياتها الكثير من النذر التي تهدد باحتمالات التفجير والانزلاق في دوامة العنف وعدم الاستقرار.

وقال - حفظه الله - (إن الخيار أمامنا هو خيار صعب ودقيق وهو خيار الوقوف بثبات وصمود متمسكين بمبادئنا وحقوقنا المشروعة.. إنه خيار الذي يرفض الرضوخ لأي ضغوط سياسية كانت أو عسكرية.. إنه خيار الاستقلالية في العمل).

وحدد الملك عبد الله بن عبد العزيز جوانب الموقف الذي يجب الخروج من المؤتمر، وهي الا تنحصر مناصرة الشعب الفلسطيني في إطار الدعم المعنوي والسياسي بل يجب أن تكون المساندة لهم بكل الوسائل.

وقد اقترح الملك عبد الله بن عبد العزيز إنشاء صندوق يحمل اسم (صندوق انتفاضة القدس) برأس مال قدره مئتا مليون دولار ويخصص للأنفاق على أسر الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في الانتفاضة وتهيئة السبل لرعاية وتعليم أبنائهم، كما اقترح سموه إنشاء صندوق يحمل اسم صندوق الأقصى يخصص له ثمانمائة مليون دولار لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس والحيلولة دون طمسها وتمكين الأخوة الفلسطينيين من الفكاك من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.

وقد أعلن - حفظه الله - باسم خادم الحرمين الشريفين وباسم الشعب السعودي بأن المملكة العربية السعودية ستسهم بربع المبلغ المخصص لهذين الصندوقين، كما أعلن أن شعب المملكة وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين سيتكفل بدعم ألف أسرة فلسطينية من أسر شهداء وجرحى انتفاضة الأقصى.

وفي موقف ليس بغريب على المملكة العربية السعودية التي وقفت بكل صلابة في مواجهة المؤامرات الصهيونية ضد مدينة القدس ومقدساتها ومحاولات طمس تاريخها الإسلامي واغتصاب أرضها وتهجير أهلها وصولاً إلى إحداث تغيير ديمغرافي يرجح الكفة اليهودية.

أكد الملك عبد الله بن عبد العزيز في القمة أن (القدس الشرقية قضية عربية غير قابلة للتنازل والمساومة ولا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عنها ونعتبرها جزءاً لا يتجزأ من الأراضي العربية المحتلة التي تسري عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأن المسؤولية في الحفاظ على القدس وتحرير الأراضي المحتلة تقع علينا جميعاً وليس هناك من أمل للاضطلاع بهذا الدور ما لم نقف صفاً واحداً ونتجاوز الخلافات ونقف في وجه من يحاول أن يضعف تضامننا وينشر بذور الفتنة بيننا).

ودعا إلى التوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل وإلغاء أي نوع من العلاقات والصلات التي نشأت في ظل عملية السلام التي استهانت إسرائيل بكل متطلباتها وأكد على ضرورة ربط أي استئناف لهذه العلاقات بإحراز إنجاز حقيقي ليس فقط على المسار الفلسطيني بل كافة مسارات هذه العملية.

وقد اختتمت القمة العربية بإقرار مقترح المملكة العربية السعودية في دعم الانتفاضة والحفاظ على الهوية العربية للقدس.

وفي مؤتمر القمة الإسلامية التاسع الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة في الفترة من 12 - 13 نوفمبر 2000م أكد الملك عبد الله بن عبد العزيز أن إسرائيل ماضية في تحويل عملية السلام إلى حرب ضد الشعب الفلسطيني مستخدمة القوة العسكرية لحصاره وقمعه داخل أرضه.

وأكد أن مصير مدينة القدس والأراضي المحتلة أمانة في أعناق القادة والزعماء العرب والمسلمين، وينتظر الفلسطينيون أن يخرج هذا المؤتمر بالأفعال قبل الأقوال.

وأكد - حفظه الله - على ضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، وتوفير كل وسائل الدعم للاخوة الفلسطينيين وتعبئة الإمكانات وتهيئة المؤسسات المالية والاقتصادية لتمويل مشاريع يكون هدفها الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للقدس والحيلولة دون طمسها.

وطلب من الدول الإسلامية التي تربطها علاقات أو صلات بإسرائيل أن تتخذ موقفاً يرتفع إلى مستوى التحدي الكبير المفروض علينا جميعاً من إسرائيل التي أدارت ظهرها لعملية السلام، وإن أقل ما نتوقعه من هذه الدول هو تقليص علاقاتها مع إسرائيل إلى أدنى حد ممكن وتجميدها تماماً وربط أي تعامل مستقبلي مع إسرائيل بإحراز تقدم فعلي ملموس في عملية السلام ليس فقط على المسار الفلسطيني بل وكافة مسارات هذه العملية.

وجاءت جولة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والباكستان في عام 2004م لدعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية وبخاصة القضية الفلسطينية والقدس الشريف، حيث أكد في لقائه مع قادة هذه الدول على رفض المملكة العربية السعودية التام لأي إجراءات أو سياسات أو أعمال تمس مدينة القدس وتغيير هويتها العربية وأن ما تقوم به إسرائيل في مدينة القدس من أعمال لتهويد المدينة المقدسة وتغيير معالمها وتوسيع حدودها وتوسيع سلطات بلديتها بالاستيلاء على مزيد من الأراضي بالقهر هو امتداد للعمل الإجرامي والمشين المتمثل بالمحاولة الصهيونية بحرق المسجد الأقصى، ومؤكداً في الوقت نفسه على وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب فلسطين أرضاً وشعباً لاسترداد كامل حقوقها وفي طليعتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.

وموقفه - حفظه الله - في واشنطن يؤكد من جديد أن الخطاب السياسي والإسلامي للمملكة تجاه فلسطين والقضية والمقدسات الإسلامية في القدس ثابت لا يتغير، حيث شدد الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد اطلاعه على صيغة البيان السعودي - الأمريكي المشترك وخلوه من ذكر القدس وعودتها للفلسطينيين أجاب بحزم بأنه لا يوقع بياناً لا يذكر فيه القدس، وبالفعل تم وضع اسم القدس في البيان.

وفي قمة الألفية الثالثة التي نظمتها هيئة الأمم المتحدة بمقرها في نيويورك في شهر سبتمبر عام 2000م أعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز أن القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م وينطبق عليها قرار مجلس الأمن رقم 242، وهو ما أكده - حفظه الله - خلال لقائه مع رؤساء الجمعيات العربية والإسلامية وكبار المفكرين من أصل عربي في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أكد أن القدس موضوع ليس فيه أخذ ولا عطاء فهو شيء واجب ومفروض على كل عربي وكل مسلم وكل إنسان فيه إنسانية لابد أن يكون مع القدس، لأن القدس تاريخ وأصل ولا يمكن التخلي عنها أبداً أبداً مهما كان.

وفي انتفاضة الأقصى المباركة والتي انطلقت في 28-9-2000م وإزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من اعتداءات وحشية من العدو الإسرائيلي أدت إلى سقوط آلاف من الشهداء وعشرات الآلاف الجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - توجيهاته بإرسال طائرات الإخلاء الطبي إلى مدينتي عمان والعريش لنقل خمسين من المصابين الفلسطينيين لعلاجهم في مستشفيات المملكة، وأمر كذلك بإرسال فريق طبي سعودي متخصص إلى الضفة الغربية وقطاع غزة للمساهمة في علاج المصابين وتقديم المساعدة الطبية لهم.

وقد وصل أكثر من مائة من جرحى الانتفاضة الفلسطينية إلى مستشفيات المملكة للعلاج على طائرات الإخلاء الطبي من العريش وعمان، وقام الملك عبد الله بن عبد العزيز - وكان ولياً للعهد آنذاك - بتفقد الجرحى وقلدهم وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة تقديراً لمواقفهم النضالية البطولية.

وقدم الملك عبد الله بن عبد العزيز التعازي الحارة من حكومة وشعب المملكة في شهداء القدس وقال: (إن ما تحملونه من جراح لا يعد إصابة بل وسام كريم حصلتم عليه بشجاعتكم ونضالكم، فكل قطرة دم عربية أريقت على ارض فلسطين هي سقيا لنبوت الكبرياء والمروءة وبطولة لن تنضب بحول الله وقوته).

وناشد (كل انسان سعودي وعربي ومسلم ومحب للسلام والعدل على أرض المملكة العربية السعودية ان يبادر في لحظته هذه بمساندة اشقائنا في فلسطين العروبة والاسلام من خلال التبرع مادياً وهو ابسط ما يمكن ان يقدم عملاً لا قولاً أو شعاراً دعماً لهم ولقضيتنا المشتركة).

وأضاف (أن الوطن العربي والإسلامي تمثله فلسطين في لحظاتها هذه والإرادة العربية الإسلامية تنطق بكل وضوح في انتفاضة أشقائنا في الأراضي العربية المحتلة ولا ابلغ ولا اعظم من تعبير رافض ساخط أدواته حجر في كف طفل وصرخة من قبل امرأة وصدور تستقبل حتفها بكل إيمان واقتدار وعزة سعياً إلى الفوز بالشهادة أو النصر ولن يضيع حق وراءه مطالب ونحن أصحاب حق تاريخي شرعي وقضية عادلة مشروعة..

ولقد آن الآوان للطرف الإسرائيلي ولك من تعنيه عملية السلام أن يدرك ما يعنيه الأقصى بالنسبة لنا عرباً ومسلمين تاريخاً وانتماء ودلالة عقائدية لا مساومة حولها أو عليها).

وخلال استقباله الأدباء والمثقفين العرب المشاركين في ندوة (مستقبل الثقافة في العالم العربي) التي نظمتها مكتبة الملك عبد العزيز بالرياض بمناسبة الاحتفال بالرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م يوم الأربعاء 22 نوفمبر 2000م أكد الملك عبد الله بن عبد العزيز أن الأمتين العربية والإسلامية لا يمكن لهما التفريط في القدس الشريف.. لأن كرامة القدس من كرامة المسلم أولاً والعربي ثانياً، وحتى لو قدمنا أطفالنا فداء لهم.

وقال: (القدس في نظرنا هو أول شيء مهما كان.. حتى لو قدمنا أطفالنا فداء له فما علينا حسوفة ولا يمكن أن نفرط في القدس أبداً... أبداً.. لأن كرامة القدس من كرامة المسلم.. المسلم أولاً.. والعربي ثانياً.. ومن ثم الأديان الأخرى ما عدا اليهود الغاصبين الذين يقومون بهذا القتل وهذه الحرب بهذه القوة ضد هؤلاء الأطفال الذين يقاومون بالحجارة.. فاولئك بالدبابات والطائرات.. والأطفال بالحجارة.. كيف يحدث هذا.. فعليهم أن يخجلوا.. أن يخجلوا من العالم كله).

ومع استمرار الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني والذي عاش الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة انعكاساته المؤلمة والدامية، حيث ينزف الدم الفلسطيني مرة أخرى، ويستمر تساقط الشهداء بالمجان، ولكن هذه المرة بأيدي فلسطينية..!!

فقد وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز نداءً عاجلاً لأشقائه من الشعب الفلسطيني دعاهم فيه إلى تحكيم العقل وتغليب لغة الحوار على لغة السلاح.

ودعا قادتهم إلى لقاء عاجل في مكة المكرمة لبحث حل يوقف الاقتتال فيما بينهم.

وقال - حفظه الله -: (أدعوهم جميعاً لا فرق بين طرف وآخر إلى لقاء عاجل في وطنهم الشقيق المملكة العربية السعودية وفي رحاب بيت الله الحرام لبحث أمور الخلاف بينهم بكل حيادية دون تدخل من أي طرف آخر لنحقق لأمتنا العربية والإسلامية أحقيتها في قضيتها ولنصل إلى حل يرضي الله سبحانه وتعالى ويحقق آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق والشعوب الإسلامية والعربية وكل من آزر القضية ودعمها.

وأكد أن ما يحدث على ثرى فلسطين الطاهر وصمة عار لطخت تاريخ الكفاح الوطني المشرف لأبناء الشعب الفلسطيني الذين استشهدوا في سبيل الله لتحرير وطنهم من براثن الاحتلال.

كما أكد - حفظه الله - أن المملكة حكومةً وشعباً لا تقبل أن تقف صامتة متفرجة لتنظر بحزن وألم عميقين لما يدور على الساحة الفلسطينية من اقتتال بين الأشقاء أصحاب القضية الواحدة دون أن تتصدى لدورها الإسلامي والعروبي والأخلاقي تجاه أمانة الكلمة والفعل.

وهنا نسأل عن سر قوة الملك عبد الله بن عبد العزيز...؟ لم يكن اهتمام المملكة العربية السعودية بالقضايا العربية والإسلامية بصفة عامة وقضية فلسطين بصفة خاصة وليد مرحلة من المراحل بل كان موقفاً ثابتاً تميزت به السياسة السعودية منذ قيام المملكة على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - اضطلاعاً منها بمهام المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقها، وعلى عاتق القيادة المؤمنة التي حملت راية التوحيد والوحدة والتي أصبح ميراث هذه الأمة أمانة في عنقها، ومستقبلها خيارها.

فالمملكة العربية السعودية لا تساوم على قضايا مصيرية تبني مواقفها منها على قواعد الدين والأخلاق والمسؤولية التاريخية لها كدولة رائدة للعمل العربي والإسلامي، ورائدة في الدفاع عن تلك القضايا التي يرتبط بها حاضر ومستقبل ومصير الأمة العربية والإسلامية وقد ظلت المملكة في جميع مواقفها وسياساتها تشكل صمام أمان يحول دون اندفاع الأمة العربية والإسلامية في سبل لا تصون حقوقها، أو في معالجات تحوم حول نتائجها الشكوك.

ومثل هذه السياسة والمواقف كانت ولا تزال نصيراً كبيراً لقضايا الأمة، ورفض التفريط في أي من حقوقها.

واذا كان ابناء الملك عبد العزيز البررة سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله جميعاً - قد جعلوا من التمسك بالمبدأ الذي أرساه موحد المملكة بالنسبة لفلسطين مبدأ لهم وهو القائل: إن أبناء فلسطين كأبنائي..

فلا تدخروا جهداً في مساعدتهم وفي تحرير أرضهم، فإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - قد جعل من الدعوة لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره منطلقاً لتوجهات الأمة العربية والإسلامية نحو فلسطين.

لقد اسهمت المملكة بقدراتها وامكاناتها في استقرار الامن العربي والاقليمي والعالمي، وسعت دوماً إلى البحث عن الوسائل المناسبة لاستقرار منطقة الشرق الاوسط، وكرست المملكة المفهوم الصحيح للقضية الفلسطينية على انها قضية شعب شرد من أرض وطنه، ووطن اغتصب من اصحابه الشرعيين، وكانت ومازالت قضية القدس في اولويات القيادة السعودية التي لم تدخر جهداً في سبيل تخليصها من المحتل.

ووقف خلف القيادة السعودية الشعب السعودي الكريم الذي قدم الغالي والنفيس في سبيل تحرير المقدسات في فلسطين، واتساقاً مع هذه المواقف جاءت مواقف الملك عبد الله بن عبد العزيز الرائدة والمشرفة في خدمة القضية الفلسطينية.

وهذا هو سر قوة الملك عبد الله بن عبد العزيز فارس النضال الفلسطيني المبارك.

لقد علمنا التاريخ بأن المخلصين قلة، وفي مقدمة هؤلاء المخلصين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير سلطان بن عبد العزيز وإخوانهم الميامين الذين حفظوا القضية الفلسطينية (الأرض والشعب والمقدسات) في ضميرهم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد