* ما هو اضطراب العناد عند الأطفال؟
- هو اضطراب يتميّز بأنه نمط من السلبية والعدائية والسلوك الشارد الذي غالباً ما يتوجه ضد الوالدين والمدرسين وذلك دون انتهاكات خطيرة لحقوق الآخرين الأساسية التي تلاحظ في اضطراب السلوك.
* هل العناد يحدث طبيعياً عند الأطفال؟
- العناد يحدث طبيعياً في مرحلتين من مراحل النمو النفسي:
1- المرحلة الشرجية (الاستقلالية مقابل الشك والخجل) وتكون في السنة الثانية من العمر وفيها ينشد الطفل إلى الاستقلال لهذا أسماها إريكسون ِ(Autonomy versus Shame AND Doubt) وفيها تكون عضلات الرجلين قد نمت فيستطيع الطفل أن يقف ويمشي بعيداً عن أمه مؤكّداً أنه كائن آخر منفصل عن الأم التي كانت تحتويه في جمها ثم بين ذراعيها (تحدي مع الأم) وفي هذه المرحلة أيضاً تنمو عضلات التحكم في المخارج الشرجية Anal Sphincters وتصبح محور للإنجاز والصراع مع الأم، فعندما يرضى عنها يتحكم في برازه ولا يلوث به نفسه ولا يمسك عن الإخراج تحدياً ولكنه ينتظم في إخراجه.
وفي عدوانه تجاهها قد يلوث نفسه أو يمسك عن الإخراج لمدة طويلة قد تصل إلى عدة أيام Retention لذا أسماها فرويد بالمرحلة الشرجية.
* وهنا نجد أنماطاً اجتماعية مرتبطة بهذه المرحلة مثل:
1 - الترك Letting go
2 - التثبيت Holding On
3 - العدوان السادي الشرجي Anal Sadistic
والطفل في هذه المرحلة حساس لما يقال عنه، فإذا قيل عنه أنه سيئ أو الأشياء التي تخصه سيئة مثل برازه فإن الخجل سوف يتولد لديه ويشك دائماً في صوابه وها يؤدي إلى الشك في نفسه وصفة العناد ترتبط بهذه المرحلة.
إذا كانت الأم مشجعة في هذه المرحلة ولا تستاء أو تتقزَّز من طفلها فيخرج الطفل من هذه المرحلة سالماً يشعر بتأكيد ذاته واستقلاليته ولا يحتاج إلى العناد لإثبات الذات.
2 - في مرحلة المراهقة: حيث يبرز العناد كتعبير عن احتياج للانفصال عن الوالدين وإقرار هوية مستقلة.
كما توجد أسباب أخرى للعناد مثل وجود صدمات في الطفولة المتأخرة أو إعاقة مزمنة مثل التخلف العقلي أو تدعيم سلوك العناد لدى الطفل بالاستجابة لمطالبه تحت تهديد وممارسة العناد.
* هل الطفل الوحيد أو المدلَّل يكون أكثر عناداً؟
- بالتأكيد لأن الأبوين يدعمون سلوك العناد لدى الطفل الوحيد بالاستجابة لأي مطلب له ولأنهم يخافون عليه بشدة ويلبون طلباته باستمرار فيتعود على ذلك، فإذا جاء يوم وطلب شيء ولم يلب له يبدأ بالعناد فلا يستطيع الأبوان التعامل مع هذا العناد فيستجيبا لمطالبه تحت تهديد ممارسة العناد لعدة أهداف:
1 - لأن الاستجابه لمطالبه أصبحت عادة عند الأبوين.
2 - خوفهما الزائد عليه وهما لا يعلمان أنهما بذلك يؤذيانه نفسياً.
3 - لكي يتخلصا من بكائه أو عناده تخلصاً مؤقتاً.
* كيف نعرف أن هذا الطفل يعاني من اضطراب العناد؟
- عند مقارنة سلوك الطفل بسلوك مَن هم في مثل عمره العقلي مع مراعاة أن يكون السلوك أكثر كثيراً من المعتاد، يشخص المرض بالدلالات الآتية:
1 - يظل الاضطراب على الأقل 6 أشهر ساد خلالها 5 على الأقل:
- غالباً يفقد مزاجه.
- يجادل مع الكبار غالباً.
- يتحدى أوامر الآخرين ويرفضها غالباً.
- يضايق الآخرين بتعمد.
- يلوم الآخرين على أخطائه.
- يستفز الآخرين ويضايقهم.
- يغضب ويعاند.
- حقود محب للانتقام.
- كثيراً ما يحلف أو يستخدم ألفاظاً سوقية.
2 - أن لا تتفق هذه المواصفات مع مواصفات اضطراب السلوك أو خلال مسار اضطراب ذهاني.
* متى تكون ذروة العناد لدى الطفل (في أي عمر)؟ وما مدى انتشار اضطراب العناد؟
- وجدت الدراسات أن (16- 22 %) من الأطفال في سن المدرسة الابتدائية وهو الأكثر شيوعاً لدى الذكور من بين الإناث قبل البلوغ أما بعد البلوغ فيتساوى الجنسان.
- بالنسبة لأسر المصابين بالعناد فإن الأمهات غالباً مكتئبات بينما الآباء يتميّزون بالعدوانية السالبة.
- وفي عديد من الحالات وجدوا أن هذا الطفل لم يكن مرغوباً في ولادته.
* كيف يمكن علاج العناد بطريقة سليمة؟ وهل يجب أن تتحلى الأم بالصبر في تلك الحالة؟
- يبدأ العلاج بمعرفة الأبوين قاعدة ألا وهي:
العناد = يعني أن الطفل غير متكيف مع البيئة التي يعيش فيها.
العناد = وسيلة لإثبات الذات وتحدي البيئة
ثم معرفة
* ما هي الأحوال التي تكون فيها البيئة المحيطة هي سبب العناد:
1 - عصبية الأم:
- هناك قاعدة أخرى: الأم العصبية يخرج منها طفل عنيد.
- الاتهام الأول موجّه للأم التي غالباً تكون تحت ضغط نفسي في مشاكل مع زوجها أو أسرته أو أسرتها أو العمل فتضيق ذرعاً بطفلها وقد تلجأ إلى الصراخ وقد تضربه وتقوم معركة غير متكافئة بينهما والضعيف يستعمل أسلحته كما يستعمل القوي.
* فما هي الحيلة التلقائية للطفل؟
- أن يضايقها عن طريق العناد فيشعر بالعناد أنه أخذ بثأره ولا يبالي بعد ذلك بم يصيبه، لذا على الأم أن تكون هادئة، مستوعبة، تحتوي الطفل واحتياجاته، وعلى المعالج أن ينزع الفتيل ويطلب من الأم ترك ذلك الأسلوب بصراحة ووضوح مع توعيتها بعاقبة ذلك على شخصية الطفل وأنها ستجني من وراء ذلك المتاعب عندما يكبر الطفل أكثر بكثير مما هي فيه الآن.
* جاءتني حالة طفل في العاشرة من عمره وكانت شكوى الأم أن الطفل يعاني من:
- نوبات من الغضب ووصف مشابه لنوبة صرع.
- رسم المخ كان سلبياً.
- دائم المكايدة والشجار مع إخوته.
- منصرف عن دراسته رغم توجيه الوالدين.
- الشكوى من المدرسة مستمرة مع الإنذار بالفصل.
- الأكبر من بين 4 إخوة وله أختان.
- ذكاؤه فوق المتوسط
شخصية الوالد
- درجة كبيرة من العصبية.
- يفرض سيطرته على كل كبيرة وصغيرة في البيت.
- دائم النقد للطفل.
- يضربه كثيراً.
شخصية الوالدة
- سلبية - دائمة الحزن والبكاء - لا تتدخل إلا لرعاية الأولاد جسدياً وتقدم الطعام.
- وبعد المقابلة: الولد يعاني من الظلم والاضطهاد، فقدان الأمن والطمأنينة، الرغبة في مكايدة الوالد، يتقمّص شخصية الوالد مع أقرانه.
- تقول إحدى الأمهات إنه مع وجود الأب يزداد عناد الطفل فماذا تعمل الأم في هذه الحالة؟
1- إذا تحول البيت إلى ثكنة عسكرية أو معسكر من جنود وضباط، سمع وطاعة والويل لمن يخالف الأوامر فتأكدي أنه سيتولد هناك تمرد وعصيان وعناد.. لماذا؟ لأن المشكلة هنا هي أن الأب يمارس سياسة الحزم والأمر والنهي الشديد مع الطفل فيؤدي إلى فقد إثبات الذات عند الطفل فلا حل عنده سوى العناد والشجار.
- وعلى الأم في هذه الحالة أن تترك الطفل على سجيته والتوجيه فقط عند ارتكاب الأخطاء مع إلقاء بذور ما تريده من الطفل في أرضية من الحنان والعطف والود حتى تنمو ذاته وتتوثق علاقته الوجدانية مع الوالدين.
2- إذا كان الأب ينقد الطفل نقداً شديداً مهما يظهر الطفل من أداء حسن أو يقارن بينه وبين إخوته مقارنة ليس الهدف منها الحصول على الأحسن ولكن لكي يشعر الطفل بأنه مقصِّر؛ إذا فعل الأب ذلك فإنه يعتبر ضغطاً نفسياً على الطفل ويؤدي إلى كراهية هذا الأب والطفل لا يستطيع أن يعبِّر عن كرهه له خشية الضرب أو التوبيخ فيكبت في نفسه ومع مرور الزمن يتحول ذلك إلى عقد نفسية تؤدي على الانطواء أو الانفجار إما بالعدوان اللفظي أو الجسماني أو العناد الشديد وهو نوع من العدوان الذي يعتبر رد فعل قوياً تجاه الإحباط.
- لذا يجب على الأم أن:
1 - تحافظ على الهدوء والاتزان بقدر الإمكان أثناء عناد الطفل.
2 - الحوار ودراسة دوافع الطفل الداخلية وحاجاته والتعامل معها وإفهامه أنه من الخطأ أن يعبّر عما بداخله بهذا الأسلوب وعليه أن يعدله.
3 - طرح الأسلوب البديل والإصرار عليه ولا مكافأة إلا عندما يظهر السلوك الحسن.
4 - تحاول الحوار مع الأب على أن يكونوا قدوة حسنة لأطفالهم فيقلِّلون من العناد والعصبية أمام الأطفال حتى لا يقلدوهم.
5 - التدخل المرن في حياة الطفل وبأسلوب التوجيه وليس بأسلوب الأمر علماً بأن الطاعة العمياء تخرج طفلاً لا شخصية له.
6 - تحقيق رغبات الطفل المشروعة.
7 - لا يصح مناقشة الطفل أو ما يتعلق به من مشكلات أمام طفل آخر أو أمام الضيوف لأن هذا تشهير بالصغير وإهانة له.
8 - الحرص على أن يسود المنزل جو من التعاون والتسامح.
9 - المعلم يستطيع أن يعزِّز ثقة الطفل بنفسه عن طريق الألفاظ البسيطة والتي تشجّع السلوك الحسن مثل: أنت عملت عملاً جيداً اليوم أو يبتسم في وجهه (أحسنت) أو أنت اليوم منتبه ولا يلجأ إلى العبوس في وجه الطفل.
* هل يتم التعامل مع الطفل العنيد بمنطلق المكافأة؟
- لا مكافأة إلا عندما يظهر السلوك الحسن.
* هل يؤثّر العناد في شخصية الطفل ويجعله شخصية مضطربة؟
- بالتأكيد لأن هذا الطفل أصبح عنده نقص اعتبار الذات، فأي نقد له ولو بسيطاً لن يتحمله لأنه من السهل أن يشعر بالإحباط وبالتالي لن يتحمل الإحباط الذي يؤدي على العدوانية أو الانفجارات المزاجية أو الطريقة الثانية وهو الاكتئاب.
- قد يسرف الطفل في تعاطي المواد ذات التأثير النفسي مثل الحشيش والكحول وتجده يتعاطى التبغ أو يدخن وهو ما زال طفلاً وغالباً ما يصاحب اضطراب العناد أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.
* ما مدى أهمية مرحلة ما قبل المدرسة في نمو القدرات المختلفة للطفل؟
- مرحلة الطفولة المبكرة من سن 2-6 سنوات.
- نتوقع من الطفل إنجازات على المستوى (الجسدي - النفسي - الاجتماعي).
- على المستوى النفسي والاجتماعي:
1 - تزيد مفاهيم الطفل لزيادة انتباهه إلى التفاصيل وتزيد حصيلته اللغوية فيعبر عن عواطفه (الغضب - الخوف - الغيرة - السور - الحزن) وفشله يؤدي إلى: 1 - اضطراب الكلام.
2 - تقلبات مزاجية.
3 - تخلف مفاهيمه الأمر الذي يعزله عن أقرانه عزلة اجتماعية لسوء سلوكه أو تعوده اللعب الفردي، تخيل رفاقه لعباً غير حقيقية ويعيش معهم عزلته.
3 - يميل الطفل في هذه المرحلة إلى جذب الانتباه والاهتمام وإن فقدهما:
1 - تقلبات مزاجية.
2 - مخاوف شديدة.
3 - دفعات من الغيرة غير المبررة.
3 - يمكنه اكتساب القيم الأخلاقية وهو ما يراه فرويد (استدخال قيم الوالدين الذي ينتهي بالتوحد معها وتكوين الأنا الأعلى في نهاية المرحلة).
وهذه المرحلة يسميها إريكسون المبادرة مقابل الشعور بالذنب Initiation Versus Guilt فالطفل فيها شغوف يسعى لنيل مكانة أفضل لدى والده من الجنس المقابل ولكن هذا السعي يعوقه وجود الأب من نفس الجنس فيعاني الطفل من صراع داخلي (الصراع الأوديبي) Oedipal Conflict ونظراً لأن المنافسة غير متكافئة فينتاب الطفل خوف أن يسلبه والده ميزته (القضيب) فيما يعرف (بخوف الخصاء) castration Anxiety لدى الطفل الذكر.
أما الطفلة الأنثى فتشعر بنقص شيء في تكوينها وترى أنه تم خصاؤها Castration Complex وتحسد الذكر على وجود قضيب Penis Envy ويقابل هذا حسد من الذكر للأنثى يحدث في مراحل لاحقة هو حسد الثدي Breast Envy وحسد الرحم Womb Envy.
* وهذه المرحلة يسميها إريكسون المبادرة مقابل الشعور بالذنب ونجاح الطفل في المبادرة يملؤه بالزهو الثقة بالنفس وفشله يولد عدواناً يتبعه الشعور بالذنب، ويعوّض الطفل شعوره بالفشل بالمبالغة في انتصاراته في الخيال التي قد تصل إلى تخيّله قتل أبيه مما يثير شعوره بالذنب أو ينجح الطفل في كبت هذا الصراع.
* هل بعد الأم عن الطفل أثناء نومه يجعله طفلاً عنيداً؟
قاعدة
- الوجود الحقيقي للأم يشعر الطفل بالأمان والغياب يؤدي إلى الشعور بالقلق وعدم الأمان، لكن هناك أمهات حاضرات غائبات والأكثر الآباء الذين يطلق عليهم الحاضر الغائب.
- فالأم السلبية تعطي فرصة للأب أن يكون متسلطاً فيعاني الطفل من الظلم وفقدان الأمن وعدوانه تجاه الأب وتقمص الشخصية مع أقرانه.
- والأب الذي يترك أولاده حيث الجد والجدة يقومان بتربية أولاده.. تعدد مصادر التوجيه، حيث إن السلطة باتت ضعيفة وشعور الطفل بفقدان الأمان والقلق المستمر لفقدان الأم مصدر الأمان.
د. عزة البنا - دكتوراه الطب النفسي والعصبي والأمراض النفسية للأطفال مركز الورود الطبي