Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/02/2007 G Issue 12553
الرأي
السبت 23 محرم 1428   العدد  12553
السعودة.. المعوقات والحلول
د. أحمد العثيم

انتهجت المملكة العربية السعودية سياسة تنموية بشرية جادة لإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة منذ عام 1975م، فيما عرف ببرنامج (السعودة)، وذلك من خلال ثلاث خطط خمسية بعد أن تزايدت ضغوط البطالة وأعداد السعوديين الداخلين لسوق العمل، فمنذ عام 1975م أقرت الخطة الخمسية السعودية (الثانية) ونصبت علي منح الأولوية في التشغيل للسعوديين في كافة الأعمال الإدارية ومعظم التخصصات الفنية، من أجل زيادة مساهمة السعوديين في مجموع القوى العاملة، وتنويع المهارات ورفع مستواها والإعداد المهني للداخلين لسوق لعمل، وجاءت الخطة الخمسية الثالثة (1980 - 1985)؛ لتدعو إلى تشغيل السعوديين في الوظائف الإشرافية والإدارية ومراجعة مناهج التعليم لتحقيق هذا الهدف، أما الخطط الخمسية الرابعة والخامسة والسادسة (1985 - 2000)، فقد أكدت على سياسة إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة من خلال خطة تستهدف العناصر التالية:

- الاستمرار في تقليل الاعتماد على الأيدي العاملة غير السعودية.

- رفع معدل الإنتاجية للعمال.

- زيادة حجم استقطاب القطاع الخاص للأيدي العاملة السعودية.

- زيادة درجة توافق مستوى مهارات السعوديين الذين يلتحقون بسوق العمل لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني.

- زيادة إمكانية حصول المرأة السعودية على فرص للعمل.

وطوال هذه الفترة كانت هناك عدة عوامل حالت دون إنجاز معظم هذه الأهداف على النحو المطلوب، وقد ترتب علي ذلك عدم تفعيل بعض القوانين والاشتراطات علي الشركات والمؤسسات المخالفة وعدم القدرة علي اتخاذ إجراءات مشددة في هذا المجال، ومن أهم هذه العوامل الآتي:

- عزوف السعوديين عن العمل في بعض الوظائف، وخاصة الوظائف الفنية والحرفية والخدمية التي كانت قاصرة على العمالة الوافدة.

- زيادة أعداد الملتحقين بالتعليم من السعوديين إلى تخصصات معينة، قد لا يحتاج إليها سوق العمل السعودي.

- تفضيل السعوديين للإقامة والعمل في المناطق الحضرية الرئيسية، وعدم استعدادهم للعمل في مناطق أخرى.

- عدم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في العمل بين الرجل والمرأة رغم زيادة إقبال المرأة على التعليم.

- عدم قيام القطاع الأهلي السعودي بدوره في جذب العمال السعوديين، وتفضيله للعمالة الأجنبية الأقل أجراً، والتي يمكن أن يتخلص منها عندما يرغب في ذلك.

- عدم رغبة الأجانب العاملين في المواقع المختلفة في تدريب السعوديين الداخلين حديثاً إلى العمل؛ خوفاً من أن يأخذوا أماكنهم ويتم الاستغناء عنهم.

ويمكن التغلب على هذه المعوقات من خلال:

* إلزام القطاع الخاص بتشغيل سقف معين من العمالة الوطنية.

* الحد من استقدام العمالة الأجنبية، وملاحقة غير المشروع منها وإبعادها عن البلاد.

* رفع كلفة العمالة الوافدة إلى حد يجعل توظيفها أمرًا غير مجد لصاحب العمل.

* فرض رسوم على استقدام اليد العاملة الأجنبية، والاشتراط أن تكون عمالة فنية ماهرة ومن ذوي التخصصات النادرة.

* تطوير المقررات والمناهج التعليمية بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل لخلق أجيال وطنية قادرة على منافسة العمالة الوافدة، مع ضرورة الاهتمام ببرامج التدريب المختلفة لصقل مهارات العناصر الوطنية.

آثار مستقبلية للسعودة

رغم أن عملية السعودة أو غيرها من عمليات الإحلال للعمالة الوطنية حق أصيل من حقوق الدولة، وطموح لا يمكن إنكاره، فإنه مما لا شك فيه أن عملية السعودة سيكون لها آثار على الصعيد المحلي للمملكة، وعلى الصعيد الخارجي وخاصة في الدول المصدرة للعمالة إلى المملكة.

فعلى الصعيد الداخلي للمملكة العربية السعودية من المتوقع أن تزيد مساهمة العمالة الوطنية في القوى العاملة وفي النشاط الاقتصادي السعودي، ويقلل الاعتماد على العمالة الوافدة، إلا أن هذا سيغير من إيقاع المجتمع السعودي ونمط الحياة للفرد والأسرة وخاصة بعد زيادة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل.

وعلى صعيد آخر سوف يؤثر هذا التغيير على هيكل الضرائب والتأمينات والمعاشات ومكافآت نهاية الخدمة للقوى العاملة في السعودية، كما يتوقع أن يؤثر على نمط الاستهلاك ونوعية السلع المباعة في الأسواق السعودية بعد تقلص أعداد العمالة الوافدة التي يتم الاستغناء عنها.

أيضاً ستتأثر حركة الطيران بين السعودية والدول المصدرة للعمالة مثل (مصر والأردن والدول الآسيوية)، وهو الأمر الذي سيؤثر على عوائد شركات الطيران سواء السعودية أو الأجنبية.

وخلاصة القول: إن السياسة الحكيمة المتبعة الآن في المملكة العربية السعودية والتي تعرف ب (السعودة) تعد حقًا أصيلاً من حقوق المجتمع المدني والتي تتبناها الحكومة السعودية وتسعي لتأصيلها ومن أهمها إيجاد فرص العمل لسائر المواطنين وتحقيق مبدأ التنمية في الموارد البشرية والاقتصادية, وليست هذه السياسة موجهه للإضرار بأي طرف أو تحمل في إطارها نزعة عنصرية أو أيدلوجية عدائية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد