Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/02/2007 G Issue 12554
الاقتصادية
الأحد 23 محرم 1428   العدد  12554
نخالة الأسهم
غربلة أسهم أم غربلة مساهمين؟!

بمتابعة تحليلية دقيقة لما يجري في سوق الأسهم السعودية نجد أننا نقف على حقيقة أن هناك عملية انخفاض تتلوها عملية ارتفاع ثم انخفاض قصير المدى ثم ارتفاع قصير الأمد أيضاً، ثم انخفاض آخر وغالباً ما يكون أقل من سابقه. ومن الملاحظ أن هناك خلق طلبات على السهم عند صعوده، بمعنى أن الارتفاع مهما يكن طفيفاً فإن هناك مشترين لهذا السهم بعد صعوده. فما الذي يجري من الناحية الحسابية؟ وكيف تبنى السياسة التلقائية في تصنيف محاسبي علمي؟؟ والواقع المالي يتم عادة في ضمن هذا السياق: عندما يطرح السهم لليوم الأول من طرحه في سوق التداول، فإن هناك عدة عوامل تنشأ لتحدد قيمة السهم السوقية. ومن أهم هذه العوامل رغبة عدد كبير من المساهمين المستثمرين الذين لم يخصص لهم العدد الكافي والحجم المتناسب مع قدرتهم المالية في الاستحواذ على أكبر عدد من الأسهم. فيعمدون إلى شراء أكبر عدد ممكن من أسهم هذه الشركة لأهداف حددها هؤلاء المستثمرون. فالعامل الأول ينشأ من وجود قدرة مالية عند بعض المستثمرين تفرض وجودها، والعامل الثاني هو خوف هؤلاء المستثمرين من ألا تتوافر لديهم فرصة أخرى لشراء عدد كبير من هذه الأسهم لاحقاً. العامل الثالث يتضح من قدرة هذه الملاءة المالية من تحمل خسائر لا تعتبر بالنسبة لهؤلاء المستثمرين ذات أهمية نسبية، وذلك بالنسبة لما يتحقق لهذه الفئة من مكاسب من أنشطة أخرى تستوعب أي خسائر صغيرة. وإلا فإن التوجه المعتاد لسعر السهم أنه يكون في أوجه في الأيام الثلاثة الأولى من التداول، ومع ذلك فهناك طلبات شراء عليه عند السعر الأعلى ولم يؤجل الطلب حتى يتم الانخفاض في الأسبوع الثاني. رغم أني لا أنكر احتمال أن يصعد سعر السهم بعد الأسابيع الثلاثة الأولى من التداول. إذا من تبقى في السوق كحملة لهذه الأسهم؟؟ من الواضح أن الأغلبية المتطلعة إلى أعلى فرق سعر بين قيمة السهم الاسمية يوم الاكتتاب وقيمته السوقية تكون قد خرجت من ملكية نصيب في هذه الشركة من الأسبوع الأول للتداول. وتأسيساً على ذلك فإن عمليات الانخفاض سوف تدخل مجموعة من صغار المضاربين الذين سيسعفهم حظهم في الاستحواذ على عدد محدود من الأسهم، وهذه طبيعة الحياة فرغم وجود حيتان ضخمة في المحيطات والبحار إلا أن هناك أسماك صغيرة تعيش وتقتات ولن يتمكن الحوت الكبير من الاستيلاء على كل كنوز البحر. ولكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ حال ارتفاع السهم بدرجات بسيطة لن يستطيع المضارب الصغير تحمل مخاطر الصبر فيقوم ببيع الأسهم مرة أخرى ليحصل على كسب بسيط. وبهذا تكون الأسهم دخلت في شريحة تكلفية أخرى فقد ارتفعت تكلفتها على المشترين الجدد من كبار المضاربين والذين سيحبسون هذه الأسهم من التداول. ولو كان هناك مجموعة من الأسهم من نفس الشركة بعضها بسعر عال وبعضها بسعر منخفض، فإن قاعدة (المشتري أخيراً سيخرج من المحفظة أولاً) ستكون هي المطبقة، وذلك لكي يتحقق ربح بسيط. وعلى هذا الأساس فإن تراكم تكلفة الأسهم سوف تدفع بالقيمة المطلوبة للتنازل عن الأسهم الأخيرة في فترات الانخفاض سوف تدفعها للارتفاع. ولهذا فإن نخالة الأسهم سوف تزداد في كل مرة يتم فيها النخل.

ولتوضيح أكبر فإن الأسهم المنحبسة من التداول داخل المنخل ستكون تلك عالية التكلفة، ثم في المرة التالية وبعد عمليات الشراء والبيع بسعر أعلى سوف ينشأ حجم أكبر لن يمر من خلال المناخل فيحبس وسيضاف إلى رصيد الأسهم عالية التكلفة وهكذا حتى يصل الوضع إلى حالة من التوازن.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كم من الوقت نحتاج حتى نصل إلى مرحلة التوازن؟؟ هناك عدة أمور تلعب دوراً لتحديد الوقت المطلوب لتحقيق التوازن، من أهم هذه الأمور: التعرف على حجم الكم المحبس من الأسهم في كل مرة، كذلك التعرف على انتقال الملكية، وهل انتقلت من مساهم عادي إلى مساهم مليء؟ ولما كانت الكوارث الطبيعية لا تقع عقابا للفقراء، ولكن الصدفة في عدم القدرة المالية كانت عائقاً لهذه الطبقة من أن تنشئ مباني تقاوم الرياح والسيول. فالطوفان يحطم جميع الصنادق والأكواخ الصغيرة ولن يتبقى إلى المباني العاتية. ولذا فإن الكوارث لا تهدد الأرض والسماء وإنما تهدد السكان. والانكسارات الاقتصادية لن تؤثر على المنشآت الاقتصادية كشخصيات اعتبارية وإنما تؤثر على ملاكها، وعلى قدر ما يملك هؤلاء الملاك من احتياطيات تصمد لمدد طويلة على قدر ما يتمكنون من التمسك بملكيتهم في هذه المنشآت. إذاً ما هو مستقبل الشركات في الخليج من واقع الظروف المحيطة، ففي كل مرة يحدث فيها نكسة أو انحدار يتم غربلة مجموعة من المساهمين ويصبحون خارج السوق إلا من مغامرات لا أهمية لها كمضاربين بمبالغ لن يكون لها أي تأثير على سياسات الشركات، أما الملكية الحقيقية للأسهم والدائمة سوف تتركز في عدد من المستثمرين، الذين سيرسمون سياسات الشركات. ثم لن يكون هناك شركات خاسرة أو ضعيفة أو كما يسمى شركات (الخشاش) ذلك أن الملاك سوف ينجحون في النهوض بتلك الشركات بما يملكون من تأثير على دفة الاقتصاد ومن خلال التوجه العام للاحتكار. وفي نهاية المطاف سوف تحقق جميع القطاعات أرباح ولو كانت بنسب متفاوتة، إلا أن تكرار معظم ملاك الشركات في جميع القطاعات والشركات سوف يلغي الحاجة إلى استحواذ المنافسين لانتفاء مبدأ تضارب المصالح، ولما سينتج من دعم القطاعات بعضها بعضاً على أساس ملكيات الأفراد، وعلى أساس المصالح الفردية المنسجمة بعضها مع بعض. ويمكننا أن نكتشف أن معظم الشركات غير مهتمة بتوزيع أرباح للمساهمين ذلك أن القائمين عليها كملاك كبار ليسوا في حاجة إلى رؤوس أموال سائلة، وسيكون المتضرر الملاك الصغار المتطلعين إلى توزيعات نقدية مجزية. وعندما تكون التوزيعات غير مجزية فإن المساهم البسيط سوف يرى في بيع أسهمه جدوى اقتصادية أفضل من استمراريته كمساهم، خصوصاً أن لن يكون له أي دور في التأثير على قرارات الشركة وسياستها. ولكي ألخص النتائج المتوقعة لاتجاهات السوق في السنوات القليلة القادمة ستكون كالتالي:

1 - سيتم الاستمرار في طرح شركات جديدة وقائمة للاكتتاب العام وسوف يستخدم المسترزقون من المكتتبين لتمويل الاكتتابات وتمويل الاحتياجات المالية للشركات الناشئة.

2 - سوف تستمر الدورة السلوكية للأسهم على نفس المنوال بحيث يكون هناك انتعاش لمدة سنة ونصف أو سنين ثم تحدث نكسة ويخرج من الحلبة مجموعة من صغار المساهمين في عملية غربلة المساهمين. وسوف تستمر عملية الغربلة بشكل دوري.

3 - سوف تستمر عملية تضخيم رؤوس أموال الشركات للسنوات القادمة على حساب توزيع أرباح نقدية، مما يفقد المساهم الإحساس بأهمية ملكيته للأسهم.

4 - سوف تؤول ملكية الأسهم التي كان يملكها صغار المساهمين لكبار المساهمين أو المؤسسين بصفة شخصية فتنتفي حاجة الشركة إلى شراء أسهمها.

5 - سيتجه نطاق الملكية إلى عمليات التمركز في مجموعات من كبار المساهمين مما يؤدي إلى نشوء سوق احتكارية فيما يتعلق بملكية الشركات وتحديد أسعار المنتجات.

6 - سيعمل فريق العمل من كبار المساهمين على إيجاد السبل الكفيلة بانجاح شركاتهم المتعثرة عن طريق الدعم القانوني والدعم المالي خصوصاً وإننا سنكون في سوق احتكارية ستجبر لتتمخض بتحقيق أرباح لهذه الشركات.

عبدالسلام القرعاني


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد