ازدهرت في السابق صناعات وحرف يدوية شملت مختلف احتياجات المواطن السعودي في مسكنه وملبسه وأدوات إنتاجه، وقد استغلت هذه الصناعات القديمة الخامات المتوفرة في البيئة المحلية من الجلود وصوف الأغنام ووبر الجمال وشعر الماعز والفخار والخزف وجريد وجذوع النخيل؛ لما للنخلة من مكانة رفيعة لدى إنسان الجزيرة العربية؛ فهي الشجرة الطيبة، وهي مصدر الغذاء، ثم ما يفيدونه منها من خوصها وسعفها وجريدها وليفها وجذوعها.
وتتركز هذه الصناعات في محافظة الأحساء بصورة خاصة؛ حيث يمتاز إنتاج الحرفيين بالدقة العالية والتنوع، ومنها استخدام الجريد في صنع الأقفاص التي تستخدم لوضع الرطب فيها ومن ثم عرضه في الأسواق في السنوات السابقة قبل انتشار الصناديق الخشبية والبلاستيكية وغيرها، وهناك أقفاص تختص بوضع الطيور أو ما تُسمّى (مكبة)، وكذلك في صنع ما يُسمَّى بالمنز باللهجة المحلية، وهو كما في القاموس المحيط بكسر الميم (المهد)، وهو ما يوضع فيه الطفل الرضيع، وهناك ما يُوضع عليه الشباب ومن تحته العود أو البخور لتطييب الملابس وغيرها. والحرفيون الذين يختصون بمثل هذه الصناعات اليدوية قاربوا على الاختفاء، ما عدا قلائل، منهم الحاج أحمد بن محمد العويشي البالغ من العمر 85 سنة الذي التقينا به في معمله؛ حيث يقوم بممارسة هذه المهنة أباً عن جد كما يقول، وقمنا بسؤاله:
* بدايةً، منذ متى وأنت تمارس هذا العمل؟
- أقوم بالعمل في هذا المجال منذ الطفولة وعمري عشر سنوات؛ حيث إنني من عائلة تمتهن الحرفة وتجيدها إجادة تامة، وقد قمتُ بالتدرُّب عند ابن عمّ لي أدين له بالفضل الأكبر.
* ومن أين تحصلون على المواد الأولية لحرفتكم؟
- نحصل على هذه المواد من النخيل المنتشرة بكثرة هنا في محافظة الأحساء المشهورة بها؛ حيث نقوم باستخلاص الأعواد الموجودة في أوراق النخيل ومن ثم معاملتها معاملة جيدة لتلائم عملنا، وذلك بأن تكون يابسة ونظيفة جداً.
* ما منتجات صناعتكم؟
- الأقفاص بمختلف أشكالها وأحجامها، وكذلك المناز (جمع منز) والمباخر وغيرها.
* كيف ترى الإقبال على هذه المنتجات؟
- ولله الحمد الإقبال لا بأس به؛ حيث إن كثيراً من الناس يقومون باقتناء ما أصنعه، وكذلك المدارس؛ حيث إن التلاميذ يشترونها لوضعها في متاحف المدارس، وهم يسألوننا عن كيفية صناعة هذه الأشياء، وهذا يشعرنا بتقدير الجميع لهذا العمل اليدوي.
* كيف تعرضون إنتاجكم؟
- كثير من الناس يأتون إلى محلّنا الكائن بقرية البطالية (شرق الهفوف) التابعة لمحافظة الأحساء، أو عن طريق الأسواق الشعبية التي تُقام في مختلف قرى الأحساء في أيام الأسبوع المختلفة؛ حيث يقصدها الجميع من مختلف الأعمار والفئات ودول الخليج العربي من قطر والبحرين وعمان والإمارات العربية المتحدة؛ حيث إنهم يبدون إعجابهم الكبير بما نقوم بعرضه، وكذلك الأمريكان الذين يعملون في شركة أرامكو السعودية، وبخاصة في يوم الخميس يقصدون المعمل الذي أعمل فيه.
* وماذا عن أسعار هذه المنتجات؟
- تتراوح الأسعار بتفاوت الأحجام والأشكال والأنواع، فعلى سبيل المثال أقفاص الرطب أسعارها من (30 ريالاً إلى 50 ريالاً)، والمنز من (120 ريالاً إلى 150 ريالاً)، وهكذا.
* وماذا عن مشاركاتك في المعارض؟
- أنا دائم المشاركة في مختلف المعارض للحرف الشعبية التي تُقام هنا في محافظة الأحساء التي تنظّمها جمعية الثقافة والفنون، وكذلك في مهرجانات الجنادرية، فأنا مشارك دائم في هذه المهرجانات، ومثّلت المملكة في دول عديدة في أمريكا وفرنسا وكندا والمغرب وفي معرض (المملكة بين الأمس واليوم)، وشاركت في معارض في قطر، وأخيراً في الإمارات العربية المتحدة الشقيقة؛ حيث نستقبل في جميع هذه الدول بالترحاب والإعجاب.
